يلجأ عدد كبير من التونسيين إلى الحبوب المهدئة والأدوية المساعدة على النوم، وعلى إزالة الأرق والإرهاق، و"الستراس" ذلك الغول الذي يلتهم الأعصاب ويتلفها ولا يترك لصاحبها مجالًا غير الأطباء النفسيين أو أقسام الأعصاب في المستشفيات والأدوية المهدئة دون سواها.
وكان عدد كبير من التونسيين قد ساءت حالتهم النفسية بعد الثورة، وصارت أقسام الأمراض العصبية مكتظة ومستشفى "الرازي" لم يعد يمكنه الاستقطاب أكثر، وأشارت الإحصائيات إلى أن آلاف من التونسيين لا يرتاحون نفسيًا ولا ينامون إلا بواسطة الحبوب.
ووفقًا لما أفادنا به مصدر في إدارة الصيدلة والدواء، فإن الأدوية المهدئة تشهد ارتفاعًا كبيرًا في الترويج خلال الأعوام الأخيرة، فهي تحتل المرتبة الأولى من حيث الرواج،أما الأدوية المضادة للاكتئاب فتحتل المرتبة الثالثة، مضيفًا أنه بالرجوع إلى الصيدلية المركزية يتضح أن كمية الأدوية المهدئة التي اقتنتها العيادات الخاصة ارتفع من 961442 علبة عام 2009 إلى 1011659 علبة خلال العام الفارط..
ولعل الغريب في الأمر، أنه ووفق ما أكده المصدر ذاته، فإن أغلب المتعاطين لتلك الأنواع من الأدوية هم من ميسوري الحال، وبصفة خاصة السياسيين أو الناشطين في المجال الاقتصادي.
أثر سلبي على الأعصاب
ولمعرفة الانعكاسات التي يمكن أن يتسبب فيها الاستعمال المفرط للأدوية المهدئة، اتصلنا بالمكتب الوطني للمواد المخدرة، التابع لوزارة الصحة العمومية، وكشف السيد خالد زيد، بأنّ الإفراط في استهلاك أدوية الأمراض العصبية له أثر سلبي على الجهاز العصبي، إذ يشمل تأثيره المخ والأعصاب، ومن الممكن أن تؤدي المواد المنشطة إلى الترفيع من نبضات القلب والمواد المهدئة من التخفيض من نبضات القلب، وفي كلا الحالتين قد يصل الأمر إلى حد السكتة القلبية.
وأشار زيد، إلى انّ نمط الحياة السريع وتضاعف مصادر المعلومات أدى إلى ارتفاع الأنشطة التي يرغب الفرد في ممارستها، في حين أن ساعات اليوم لم تتضاعف، وهذا ما من شأنه أن يزيد من الضغوط النفسية على الإنسان ويضاعف من مشاكله النفسية والعصبية، متابعًا أن الإكثار من الأدوية المهدئة يؤدي إلى الإدمان وإلى انعكاسات سلبية على المستوى الصحّي والعصبي، ويمكن أن يساهم ذلك في تغييّر سلوك الفرد ويفقده القدرة على التحكم في أعصابه، ما ينتج عنه الخطر.
وشدد زيد، على أن الأدوية المهدئة لا يمكن الحصول عليها إلا بمقتضى وصفة طبيّة، وأن الصيدلاني مطالب بتدوين اسم الطبيب واسم المريض وبتسجيل الكمية المحددة التي تم اقتناؤها عبر شبكة إعلامية مخصصة للغرض، حتى يقع التحكّم في مسالك التوزيع، لا سيما أن عمليات التهريب إلى القطر الليبي طالت أيضًا الأدوية المهدئة .
وصفات طبية
ووفقًا للسيدة نادية فنينة، من إدارة الصيدلة والدواء، فإنه من بين الأدوية التي يقبل التونسيين على اقتنائها هي "الباركيزول" و"التيمستا" و"الألغاكتيل"و"الألدول"، وهي الأربعة الأساسية التي يطلبها المرضى، والتي لا تقدم إلا بوصفات طبية، وتشير العديد من الإحصائيات التي تم تداولها، إلى أن عدد المرضى الذين ذهبوا لمستشفى الرازي للتداوي في تصاعد في تونس منذ الثورة .