لا يمض شهر رمضان في الجزائر, دون أن تزين " الزلابية " موائد الجزائريين, فهي عبارة عن حلوى تنتشر كثيرًا في دول المغرب العربي لا سيما في الجزائر وتونس, ورغم اقتحام الحلويات السورية والتركية المصنوعة من أشهر أنواع المكسرات كالفستق والبندق والجوز واللوز وغيرها, إلا أن هذا النوع من الحلوى لا زال سيدة المائدة في السهرات الجزائرية، وكذلك في الأفراح التي تتزامن مع ذلك الشهر الكريم كحفلات ختان الأطفال.ومن أشهر المناطق المعروفة بصنع هذا النوع من الحلوى, منطقة بوفاريك التابعة لمحافظة البليدة القريبة من محافظة الجزائر العاصمة، أطلق عليها المستعمر الفرنسي قديمًا اسم " باريس الصغيرة "، كونها كانت من أكثر المدن التي عاش واستقر فيها الفرنسيون بعد تأسيسها عام 1836.
والوصول إلى تلك المنطقة التي تبعد نحو 35 كلم عن محافظة الجزائر العاصمة, خلال أيام رمضان صعب كثيرًا بسبب الازدحام المروري, فالطرق المؤدية لتلك المحافظة تصبح غير قادرة على استيعاب التدفق المروري ستة أو سبع ساعات قبيل موعد الإفطار, فالمنطقة تتحول إلى قبلة للوافدين من مختلف المناطق بحثًا عن زلابية بوفاريك, التي يتفنن الرجال في صنعها بعد أن اعتزلت النسوة تلك الصنعة.
وأكد " وليد. خ "، مواطن من منطقة هراوة التابعة لمحافظة الجزائر العاصمة, لـ "العرب اليوم "، أنه زبون مخلص لمحلات عكسيل في بوفاريك، فهي أول من صنع تلك الحلوى، وما زال محل عكسيل مختار، الأكثر شهرة في مدينة بوفاريك، فالزلابية التي تصنعها هذه العائلة فريدة ومميزة.
وكشفت المختصة في صناعة الزلابية والحلويات، " نعمية, ب "، التي صادفها "العرب اليوم " في إحدى محلات صنع الزلابية في حي يسمى بـ " زنقة العرب " في منطقة بوفاريك, أن مهنة صنع الزلابية كانت في القديم من اختصاص النسوة, لكن الرجال تولوا هذه المهمة الآن, فكانت رفقة والدتها البالغة من العمر 64 عامًا، وشقيقتها الثلاثة، يبدعن في صنع مختلف أنواع تلك الحلوى، لكن بعد زواجهن توارث أشقائها الثلاثة المهنة وأصبحوا من أمهر صناعها.
وتابعت المتحدثة، قائلة: "إن صناعة تلك الحلوى وفرت فرص عمل للعديد من الشباب العاطلين عن العمل, وتمكنوا في ظرف وجيز من تحصيل ثروة طائلة من وراء هذه المهنة وأصبحت تشكل بالنسبة لهم مصدرًا للدخل, وقاموا بعدها بتوسيع مجال استثمارهم وانتهاج درب الاحترافية, لا سيما بعد اقتحام التكنولوجيا الحديثة هذا المجال, ففي القديم كانت النسوة تعتمدن على اليد لصنع هذا النوع من الحلوى, واليوم أصبح الرجال يعتمدون على الخلاط الكهربائي لصنع كميات كبيرة منها, وتصنع محلات تشتهر بصناعة " الزلابية " خلال أيام شهر رمضان أكثر من 20 طنًا, ومن أشهر العائلات المعروفة بصنعها عائلة بن شرفي وعكسيل وعائلة موساوي وشنون".
وأضافت نعيمة، أن التجار المختصون في بيع هذا النوع من الحلوى على مستوى محافظات مختلفة من الجزار يتوافدون بشكل يومي على منطقة بوفاريك لاقتناء عشرات الأطنان من "الزلابية "، كونها توفر لهم مدخول مالي كبير.