حظي المسلسل الديني «رسالة الإمام» الذي يروي جانباً من سيرة الإمام محمد بن إدريس الشافعي بإشادات لافتة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأثنى الجمهور على التصوير الخارجي، والرؤية البصرية، ومشاهد المجاميع في الصحراء، والأداء المتعمق لأبطاله، وفي مقدمتهم الفنان خالد النبوي الذي يجسد شخصية الإمام الشافعي، وذلك بعد عرض حلقتين منه تضمنت رحلة الإمام الشافعي وأسرته من العراق إلى مصر، ويعيد المسلسل الدراما الدينية إلى الخريطة الرمضانية، بعد سنوات من الغياب، ويشارك في بطولته ممثلون من مصر وسوريا، من بينهم، نضال الشافعي، أروى جودة، أمير صلاح الدين، سلمى أبو ضيف، حمزة العيلي، فرح بسيسو، خالد القيش، هافال حمدي، كما شارك في كتابته سبعة مؤلفين من مصر وسوريا، بإشراف الكاتب محمد هشام عبية، ومن إخراج السوري ليث حجو.
وجاءت رحلة الإمام الشافعي لمصر إثر وشاية تعرض لها عند الخليفة هارون الرشيد أدخلته السجن مكبلاً بالأغلال، وفي مشهد مهيب يتجه ركب الإمام عبر صحراء سيناء، حيث تمرض زوجته، ويضطر للتخلف عن الركب، ثم يعاود السير بعد تعافيها عقب نجاح أحد الرهبان في علاجها، ويبدي صاحبه في السفر دهشته متسائلاً: «كيف لعالم دين أن يستعين براهب لعلاج زوجته؟»، فيردد الإمام الآية الكريمة: «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم»، ويقول له: «يا صديقي، لقد أحل الله لنا طعامهم، وأحل لهم طعامنا، فما بالك بالدواء؟»، وأضاف قال تعالى: «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون».
وأكد المؤلف محمد هشام عبية الذي لفت الأنظار العام الماضي بكتابته مسلسل «بطلوع الروح» أن مرحلة كتابة سيناريو مسلسل «رسالة الإمام» بدأت من خلال ورشة الكاتبة مريم نعوم التي اعتذرت عنه، ورشحتني لاستكماله. كما قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كنت متهيباً من تجربة الدراما التاريخية لأنها شاقة وصعبة، لكن مع بعض القراءات والمراجع تحمست للغاية، وأعدها تجربة مهمة جداً بالنسبة لي في مجال الكتابة، والإشراف على فريق الكتابة».
وأشار عبية إلى «مشاركة سبعة كتّاب، ثلاثة سوريين وأربعة مصريين في المسلسل، إلى جانب الباحث علاء عزمي الذي قام بدور مهم في توثيق القضايا الفقهية، وطبيعة الحياة في مصر نهاية القرن الثاني الهجري». مضيفاً: «أرى أن الأعمال الضخمة تتحمل فكرة وجود فريق كتابة لتعدد الخطوط والأحداث، وهذا موجود في الدراما الأجنبية، وقد اخترنا فترة وجود الإمام الشافعي في مصر، وهي ست سنوات (منذ عام 198 إلى 204 هجرية)، كونها مهمة جداً في منجزه الفقهي والفكري.
وأشاد المؤلف ببطل المسلسل الفنان خالد النبوي مؤكداً أنه «ممثل مثقف وواعٍ جداً، وتلبّسته روح الإمام، فكان يناقشنا ويراجعنا فيما نكتب»، كما أشاد بالمخرج ليث حجو مشيراً إلى أنه مخرج متمكن في تقديم أعمال تاريخية ذات صبغة دينية، ومدرك دلالات ذلك في الزمن الحاضر، وقد برع في التحكم في المجاميع الضخمة والممثلين، وأن المسلسل محظوظ بكل منهما.
واستعانت الشركة المنتجة للمسلسل الذي تدور أحداثه في ثلاثين حلقة بمراجع تاريخي يلازم فريق المسلسل طوال التصوير، كما خضعت الحلقات لمراجعة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.
ورأت الناقدة صفاء الليثي أن مسلسل «رسالة الإمام» يعد من أهم الأعمال الدرامية هذا الموسم، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى عوامل عدة تعزز ذلك، كونه عملاً تاريخياً ودينياً يحمل رسائل مهمة، والحوار باللغة الفصحى البسيطة من خلال حكي جذاب للغاية، وأداء تمثيلي سلس دون تشنج، كما حظي بمراجعة الأزهر الشريف، ما يجعلنا نطمئن في تقديم خطاب ديني معتدل دون مغالاة، كما أن اختيار الرحلة من العراق إلى مصر جاء ذكياً.
وعلى الرغم من الهجوم الذي تلقته ورش كتابة السيناريو، فإن الليثي ترى أن مشاركة فريق عمل في كتابته تناسب عملاً تاريخياً كبيراً يتيح تقسيم السيناريو بينهم، وهناك مسؤول «دراماتورجي» يراجع كل ذلك، منوهة إلى أن المخرج السوري ليث حجو يتمتع برؤية مكنته من إدارة فريق عمل مصري وسوري باقتدار، كما أن أداء خالد النبوي التمثيلي، وأيضاً أداءه الصوتي جاء رائعاً، والملابس صممت بشكل مناسب والتصوير أيضاً، وكافة العناصر الفنية كلها تجعل المشاهد مستمتعاً ومستفيداً بمعلومات تصل إليه في بساطة وسلاسة.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أعمال تاريخية شارك بها خالد النبوي قبل مسلسل "رسالة الإمام"