طوّرت شركة "إيندوماغ" البريطانية تقنية جديدة للكشف عن مرض السرطان في جسم الإنسان، وذلك عن طريق حقن المريض بخرز مغناطيسي صغير مغلّف بالسكر، لتحديد الغدد الليمفاوية القريبة من السرطان، حيث تعتبر الغدد الليمفاوية جزءًا من الجهاز الليمفاوي وهو شبكة من الأوعية الدقيقة التي تشبه الأوعية الدموية، ويقوم بإعادة السوائل من أنسجة الجسم إلى مجرى الدم، وهذه العملية ضرورية لأن ضغط السوائل في الجسم يجعل الماء والبروتينات وغيرها من المواد تتسرّب باستمرار خارج الأوعية الدموية الدقيقة المسماة بالشعيرات، وفي حالة دخول الخلايا السرطانية هذا الجهاز، يقوم السرطان بالانتشار في مختلف أنحاء الجسم، لذا فإن الوسيلة التي تساعد على تحديد مدى انتشار المرض هي الغدد الليمفاوية التي تتواجد بالقرب من السرطان، وبمجرد تحديدها يمكن استئصالها للتحقق من وجود خلايا سرطانية ولمعرفة مدى انتشار المرض في الجهاز اللمفاوي.
وتُعرَّف العقدة الليمفاوية الحارسة "الخافرة -Sentinel lymph node" بالعقدة الأولى التي ينتقل إليها الورم، والطريقة التقليدية لاكتشافها هي أن يتم حقن المنطقة المحيطة بالورم بمادة مشعة، ومن ثم باستعمال عداد غايغر "Geiger counter" لتمييز العقدة الأولى التي تم انتقال الورم إليها، أما الشركة البريطانية فتقول إنه يمكن اكتشاف العقدة الأولى بخرز مغناطيسي دقيق للغاية يصل حجمه حوالي واحد على عشرة من حجم خلية الدم الحمراء، ومصنوع من أكسيد الحديد الذي يولّد الحقل المغناطيسي، مغلف بالسكر ليتوافق حيويًا مع الأنسجة ولا يسبب لها أية أضرار، ويتم حقن الخرز حول الورم إلى أن يصل إلى الجهاز الليمفاوي ومن ثم إلى العقدة الأولى في غضون 20 دقيقة، عندئذ يقوم الجراح بحمل عصا حساسة تسمي "سنتيماغ" فوق المنطقة لالتقاط الإشارات المغناطيسية من الخرز.
وأجرى علماء جامعة كاليفورنيا، اختبارات على 160 امرأة مصابة بسرطان الثدي، ووجدوا أن الخرز له نفس تأثير المادة المشعّة، وأجرى علماء جامعة جنوب مانشستر البريطانية، اختبارات مماثلة لهذه التقنية الجديدة، وأكد الدكتور إريك مايز، الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية، أن صلاحية الخرز تنتهي بعد 3 سنوات، على عكس المادة المشعة التي تنتهي صلاحيتها بعد 6 ساعات فقط، مشيرًا إلى أن المستشفيات والعيادات التي لا تستطيع الكشف عن الأورام باستخدام المادة المشعّة أصبح في إمكانها استخدام التقنية الجديدة.
وقال أستاذ الجراحة والأورام في جامعة لندن، البروفيسور جايانت فيديا، إن التقنية الجديدة ستمهّد الطريق لاكتشاف أنواع مختلفة من الأورام بخلاف سرطان الثدي، لافتًا إلى أنها تقنية واعدة للغاية وستوفر مزايا للمريض والجراحين وهيئة الصحة البريطانية، مضيفًا أنّ "استخدام المغناطيس أمر فعال للغاية لأنه يقضي على الخطر الذي يواجه جميع الأشخاص المعنيين بسبب التعرّض إلى الإشعاع وإن كان بشكل صغير"، وقد تم استخدام التقنية الجديدة من قبل الجراحين لاكتشاف أورام الثدي قبل استئصالها، فعادة ما يتم استخدام تصوير الثدي الشعاعي عن طريق الأشعة السينية والموجات فوق الصوتية، لتحديد وتمييز الأورام الصغيرة قبل الجراحة، ومن ثم يقوم طبيب الأشعة بإدخال سلك إرشادي لتحديد الورم في يوم الجراحة، إلا أن تلك الطريقة غير فعالة وغير مريحة وتسبّب التأخير، أما في الاختبارات، يقوم أطباء الأشعة بإدخال "بذور" مغناطيسية معروفة باسم "ماغسيد" وحجمها مثل حجم حبة الأرز، إلى مكان الورم وذلك قبل شهر من إجراء الجراحة، وهو ما يساعد الجراح على تحديد موقع الورم باستخدام عصا " سنتيماغ" يوم العملية، وقد تمت الموافقة على استخدام العصا في الولايات المتحدة العام الماضي، ومن المتوقع أن توافق بريطانيا على استخدامها في المستشفيات، العام الجاري.