كشف الباحثون في دراسة حديثة، أننا نحدّد شعورنا تجاه شخص معين من أول انطباع، وأن هذا الشعور يستمر إلى ستة أشهر. على الرغم من أن العبارة الشهيرة" لا تحكم على الكتاب من الغلاف" تؤكد أننا لا ينبغي أن نحكم على الشيء وفقًا للمظاهر الخارجية، إلا أن الدراسة التي أُجريت في جامعة كورنيل أشارت إلى إننا نميل إلى القيام بعكس ذلك تماما. ووجد الباحثون أن الناس يستمرون في التأثر بمظهر الشخص في اللقاء الأول حتى بعد التعامل معه وجها لوجه. لذا فقد أكدت الدراسة أن معظم الناس يكونون سطحيين في التعامل، حيث قد نشكل انطباعنا الأول الذي يدوم لستة أشهر من خلال النظر إلى صورة الشخص.
وقالت فيفيان زاياس، أستاذ علم النفس في جامعة كورني:" إن ملامح مظهر الوجه تُظهر كيف نشعر حيال شخص ما، أو حتى طريقة تفكيرنا فيه "وأضافت: أن ملامح الوجه قوية جدا في تشكيل تعاملاتنا، حتى في وجود غيرها من المعلومات." وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، قامت زاياس وفريقها بإعطاء تعليمات لنحو 55 مشاركا لاستعراض أربع صور مختلفة لامرأة. وكانت كل صورة لها تعبير وجهي معين – ففي واحدة كانت تبتسم وفي الصور الأخرى مشاعر محايدة مختلفة.
وعندما عُرضت كل صورة، طُلب من المشاركين تسجيل انطباعاتهم حول صاحبة الصورة وهل يريدون أن يكونوا أصدقاء مع المرأة، وما إذا كانت الصورة تعبّر عن شخصية منفتحة على الخارج، ومقبولة ومستقرة عاطفيا. وفي غضون أسبوع إلى ستة أشهر بعد الجزء الأول من الدراسة، اجتمع المتطوعين مع المرأة التي كانت في الصور -على الرغم من أنهم لم يدركوا أنها هي نفسها في الأربع صور.
وطُلب منهم أن يلعبوا معها لمدة 10 دقائق، ثم طُلب منهم التعرف على بعضهم البعض لمدة 10 دقائق أخرى. وبعد كل ذلك، طُلب من المشاركين في الدراسة تقييم المرأة من حيث احتمالية إقامة صداقة معها وكذلك تقيييم السمات الشخصية لها. ووجد الباحثون ارتباطًا قويًا بين النتائج التي حصلوا عليها بعد التقييم الأول مع الصورة والتقييم الثاني بعد التعامل المباشر. فالمشاركين الذين رأوا أن المرأة التي كانت في الصورة محبوبة ومستقرة عاطفيا، وشخصية مقبولة ومنفتحة الذهن، سجّلوا نفس الانطباع بعد الاجتماع وجها لوجه. في حين، أن الذين رأوا أن المرأة في التقييم الأول غير مقبولة وشخصية غير محبوبة، وغير مستقرة عاطفيا، تمسكوا برأيهم حتى بعد لقائهما. وتعتقد زاياس أن ذلك الشعور يرجع إلى مفهوم يسمى "التأكيد السلوكي" أو "نبوءة تحقق الذات". وأضافت أن: "المشاركين الذين أحبوا الشخص في الصورة كانوا يميلون للتفاعل معها وجها لوجه بطريقة ودية، وأكثر اندماجا.