تعد الأقصر أحد أعظم المتاحف المفتوحة في العالم، بما تحتويه من العديد من المعالم الأثرية الفرعونية القديمة، وقد كانت المدينة هي عاصمة مصر منذ عصر الأسرة الحادية عشر في عصر الدولة الوسطى، وظلت عاصمة للدولة الحديثة حتى سقوط حكم الفراعنة خلال الأسرة الحادية والثلاثون على يد الفُرس عام 332 قبل الميلاد.
وقد أُطلق على الأقصر اسم "واست" أثناء الدولة الحديثة (1567ـ 1085 قبل الميلاد)، ثم تحور الاسم إلى طيبة التي وصفها "هوميروس" شاعر الإغريق الشهير بمدينة "المائة بوابة"، وأخيرا أطلق عليها العرب اسم الأقصر أي "مدينة القصور"، لكثرة ما شاهدوه فيها من صروح وأبنية شامخة.
وتذخر مدينة الأقصر المقسمة على البرّين الشرقي والغربي، بالعديد من المواقع الأثرية التي تملأ النفس رهبة لروعتها وعظمتها والتي تخلدت عبر الزمان لتكون خير شاهد عن عظمة المصرين القدماء وحضارتهم، وذلك عبر أعمال فنية مذهلة تحرك خيال السائحين، ليقعوا في غرام المدينة الفرعونية من الرحلة الأولى ليحلموا بعدها العودة مرة أخرى إلى أحضان ملوك وملكات الفراعنة العظماء.
* البر الشرقي
يستطيع السائحون التجول سيرًا على الأقدام في الضفة الشرقية لنيل الأقصر، حيث "مدينة الأحياء" ومشاهدة معابد الكرنك والأقصر التي تقف شامخة كشاهد على أحد أعظم الحضارات الإنسانية، أو زيارة متحف التحنيط أو متحف الأقصر، كما يفضّل أعداد من السائحين الاستمتاع بركوب عربات الحنطور التي تجرها الخيول، أو القيام برحلة نيلية على متن مركب شراعي أو فلوكة نيلية.
*معابد الكرنك
مجمع معابد الكرنك هو مجموعة من المعابد والبنايات والأعمدة، والتي استمرت عمليات التوسع والبناء بها على مدى 1500 عام، لتصبح أكبر منشأة دينية في العالم، ويشتهر معبد الكرنك ببهو الأعمدة الكبيرة التي يبلغ عددها 134 عمودا، وبالبحيرة الاصطناعية التي ترجع لعهد الفراعنة، وتبدأ معابد الكرنك بطريق الكباش التي تمثل آمون رمز الخصوبة والنمو، وقد نحت أسفل رؤوس الكباش تماثيل صغيرة لرمسيس الثاني، ولا يوجد في الواقع أثر في العالم بأسره يمكن مقارنته بمعابد الكرنك.
*عروض الصوت والضوء بالكرنك
هو عرض شيق يتم بإتقان باستخدام الكلمات والضوء والموسيقى ويحكي قصة وتاريخ معابد الكرنك الرائعة وأهم الفراعنة العظام الذين شاركوا في بنائه، ويقدم البرنامج باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والايطالية واليابانية.
*معبد الأقصر
يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل في مدينة الأقصر، تأسس في عام 1400 قبل الميلاد, كان يعرف عند المصريين القدماء بإسم "أيبيت رسييت" أو الحرم الجنوبي، المعبد الجنوبي المكرس لعبادة آمون، وقد شُيد في عهد ملوك الأسرة الثامنة عشر، والأسرة التاسعة عشرة، وأهم الأبنية القائمة بالمعبد هي تلك التي شيدها الملكان أمنحوتب الثالث ورمسيس الثاني الذي أضاف إلى المعبد الفناء المفتوح والصرح والمسلتين، كما أقام الملك تحتمس الثالث مقاصير لزوار ثالوث طيبة المقدس، كما قام توت عنخ آمون باستكمال نقوش جدرانه، ويعد المعبد من أحسن المعابد المصرية حفظًا وأجملها بناء، وفيه يتجلى تخطيط المعبد المصري أوضح ما يكون.
*متحف الأقصر
يقع المتحف بين معبدي الأقصر والكرنك، وقد افتتحه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات مع ضيفه رئيس جمهورية فرنسا وقتها، فاليرى جاسيكار دى ستان في عام 1975، ومن بين أروع معروضات المتحف مجموعة من القطع الأثرية التي كانت ضمن مقبرة الملك توت عنخ آمون، ومجموعة من التماثيل التي عثر عليها مخبأة قرب معبد الأقصر عام 1989، كما يضم المتحف المومياوات الملكية للفرعونين أحمس الأول، ورمسيس الأول، والرأس الجرانيتية لأمنحوتب الثالث، ورأس الآلهة حتحور على هيئة بقرة، كما يضم المتحف معرضا كبيرًا لإعادة ترميم حوائط معبد أخناتون في الكرنك.
*متحف التحنيط
يعد المتحف الأول من نوعه في العالم، حيث يبرز تقنيات فن التحنيط الفرعوني القديم التي طبقها قدماء المصريين على العديد من المخلوقات وليس على البشر فقط، حيث تعرض في هذا المتحف الفريد مومياوات لقطط وأسماك وتماسيح، كما يوضح الوسائل التي كانت تستخدم في تلك العملية، وقد قام بافتتاح هذا المتحف الرئيس السابق محمد حسني مبارك سنة 1997، ويضم المتحف 150 قطعة أثرية ما بين مومياوات وتوابيت وأدوات التحنيط التي كان يستخدمها الطبيب المصري القديم ولوحات تمثل الطقوس الدينية الجنائزية.
*البر الغربي
يقسم نهر النيل مدينة الأقصر إلى شطرين، يطلق على الشطر الشرقي اسم البر الشرقي و الغربي اسم البر الغربي، وإذا كانت الضفة الشرقية هي مدينة "الأحياء"، فالبر الغربي هو مدينة الموتى حيث المعابد الجنائزية ومقابر الملوك والملكات ونبلاء مصر الفرعونية، كما يحتوي البر الغربي على مقابر كبار العمال والحرفيين والفنانين في مصر القديمة الذين قاموا ببناء المقابر ونحتها وزخرفتها، وانطلاقا من البر الغربي يستطيع السائح مشاهدة مدينة الأقصر ومواقعها الأثرية من داخل بالون طائر يدفعه الهواء الساخن.
*مدينة هابو
مدينة هابو هي منطقة أثرية تقع في الضفة الغربية لنهر النيل، وتضم العديد من الآثار الهامة، وأهمها معبد رمسيس الثالث الذي يعد من أعظم معابد الأسرة العشرون، والذي يعد واحد من أفضل المعابد حفظًا في مصر و قد عُرف في مصر القديمة بقصر "ملايين السنين لملك مصر العليا والسفلى" "وسر ماعت رع مري أمون" في رحاب آمون بغرب طيبة.
*تمثالا ممنون
تمثالا ممنون، أو عملاقا ممنون، عبارة عن تمثالين ضخمين، تم إنشاءهما حوالي سنة 1350 قبل الميلاد، وهما كل ما تبقى من المعبد الجنائزي للملك أمنحوتب الثالث بمنطقة القرنة ويبلغ ارتفاع التمثال 18 متر، وقد أطلق الإغريق اسم (ممنون) عليهما عندما تصدع التمثال الشرقي منهما وأخرج صوتا شبهوه بالبطل الأسطوري (ممنون) الذي قُتل في حروب طراودة، وكان ينادي أمه (أيوس) إلهة الفجر كل صباح، فكانت تبكي عليه وكانت دموعها الندى، ويحرص كافة السائحين القادمين للأقصر على زيارتهما.
*معبد الرامسيوم
معبد الرامسيوم يقع على بعد 2 كيلو متر من منطقة دير المدينة بالبر الغربي، وهو المعبد الجنائزي المهيب للملك رمسيس الثاني، ويضم تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني، وتسجل جدران المعبد وقائع معركة "قادش" الشهيرة التي انتصر فيها الملك رمسيس الثاني على الحيثيين وكيفية تخطيطه للحرب، ولقد أطلق شامبليون اسم "الرامسيوم" على هذا المعبد والذي أصبح اسما متداولا عالميا.
*معبد الملكة حتشبسوت
يعد من أشهر المعابد الموجودة في الأقصر، شيده المهندس سنموت للملكة حتشبسوت، وهي المرأة الوحيدة التي حكمت مصر في عهد الفراعنة، ويتميز معبد حتشبسوت بتصميمه المعماري الخاص المنفرد بمقارنته بالمعابد المصرية التي كانت تبنى على الضفة الشرقية من النيل في طيبة، حيث يتكون المعبد من ثلاثة طوابق متتابعة على شرفات مفتوحة، ويوجد على جدرانه نقوشا لبعثات بحرية أرسلتها الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت "الصومال حاليا" للتجارة وإحضار البخور والمر من تلك البلاد، حيث كان الفراعنة يقدمون البخور إلى آلهتهم ليحظوا برضاهم، ويطلق على المعبد اسم الدير البحري، وهو اسم عربي أطلق حديثا نظرا لاستخدام الأقباط لهذا المعبد ديرا لهم في القرن السابع الميلادي.
*مقابر وادي الملوك
هي المقابر التي أمر ملوك الدولة الحديثة بنحتها في باطن الصخر في هذا الوادي لتكون بمأمن من عبث اللصوص، ويقع وادي الملوك على الضفة الغربية لنهر النيل للأقصر، وقد استخدم وادي الملوك على مدار 500 سنة خلال الفترة ما بين القرنين السادس عشر والحادي عشر قبل الميلاد لتشييد مقابر لفراعنة ونبلاء الدولة الحديثة الممتدة خلال عصور الآسرات الثامنة عشر وحتى الأسرة العشرين بمصر القديمة، وقد وصل عدد المقابر المكتشفة حتى الآن إلى 63 مقبرة متفاوتة الأحجام إذ تتراوح ما بين حفرة صغيرة في الأرض وحتى مقبرة معقدة التركيب تحوي أكثر من 120 حجرة دفن بداخلها، وتتميز المقابر الملكية باحتوائها على رسومات ونقوش من "الميثولوجيا" المصرية القديمة توضح العقائد الدينية والمراسم التأبينية في ذلك الوقت، كما توجد على جدران المقابر نقوش تروي كيف كانت الحياة اليومية لملوك المصريين القدماء.
*مقبرة توت عنخ آمون
هي المقبرة الخاصة بالفرعون توت عنخ أمون وتقع داخل وادي الملوك، وقد نالت هذه المقبرة شهرة عالمية واسعة لما احتوته من ثروات وكنوز عند اكتشافها، إذ تعتبر المقبرة الوحيدة لملوك مصر القدماء التي وجدت بكامل محتوياتها ولم تسرقها اللصوص لا في العصور القديمة أو الحديثة وذلك عام 1922 على يد هوارد كارتر، ووُجدت المقبرة مكدسة بالمتعلقات الملكية أو ما يطلق عليه كنز الملك توت عنخ أمون وهو أكمل كنز ملكي عُثر عليه ولا نظير له، حيث عثر على أكثر من 3500 قطعة من المحتويات الملكية أبرزها القناع الذهبي الرائع وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص والآخران من خشب مذهب، وأمتعة الحياة اليومية كالدمى واللعب، ومجموعة من أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية، وتماثيل للأرباب تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر، وبوق توت عنخ آمون الشهير المصنوع من الفضة وأخر من النحاس، وأدوات الملك للصيد، وكرسي العرش، وهو كرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء.
*مقابر وادي الملكات
هي المقابر الخاصة بدفن الملكات في مصر القديمة، حيث تم بها دفن ملكات الأسرات الثامنة عشر، والتاسعة عشر والعشرين (من العام 1550 إلى العام 1070 قبل الميلاد)، بالإضافة إلى العديد من الأمراء والأميرات وعدد من طبقة النبلاء، وتمت المحافظة على قبور هؤلاء الأفراد من قبل الكهنة الذين أدوا الطقوس الجنائزية اليومية والصلاة على النبلاء الموتى، ويقع وادي الملكات بالقرب من وادي الملوك، ومن قرية العمال في دير المدينة.
*مقبرة نفرتاري
هي أشهر مقبرة في وادي الملكات وتعود لنفرتاري التي تعني " المحبوبة التي لا مثيل لها"، وكانت كبيرة الزوجات الملكيات (أو الزوجة الرئيسية) للملك رمسيس الثاني العظيم، وقد اُكتشفت مقبرة نفرتاري سنة 1904 وتم ترميمها في عام 1986، ولم تفتح للجمهور منذ اكتشافها إلا في أوائل عقد التسعينات من القرن الماضي، وتعد الرسومات التي تظهر كأنها طليت حديثا أهم ما يميز المقبرة، حيث سقف المقبرة يعبر عن السماء في الليل، سواد غميق، ترصعه نجوم ذهبية، وتزخر المقبرة بالنقوش والرسوم الجدارية الحية وهناك لوحة حائطية تُصور الملكة وهى تلعب لعبة شبيهة بالشطرنج.
*مقابر النبلاء
تقع في المنطقة الواقعة بين "وادي الملوك و"وادي الملكات"، وهي حوالي 500 مقبرة، وتعود تلك المقابر لكبار رجال الدولة من عسكريين وموظفين مدنيين ووزراء وكهنة وكتبة وأصحاب المناصب الرفيعة، ويطلق عليها أيضا مقابر الأشراف وهي موزعة على 6 مناطق من الشمال إلى الجنوب، وتضم مقابر زراع أبو النجار، وتقع في الشمال مدخلها بالامتداد مع مقابر وادي الملوك، وأغلب مقابرها ترجع إلى عصر الدولة الحديثة الأسرة التاسعة عشر، ومقابر العساسيف غرب معبد حتشبسوت، ومقابر الخوخة، ومقابر الشيخ عبده القرنة، ومقابر جبانة مرعي، ومقابر جبانة دير المدينة، ومن أهم مقابر النبلاء مقابر "نخْت"، و"مننا"، و"رح مى رع"، و"رعموزا"، و"سينوفر".
*دير المدينة
يقع على بعد 1 كيلو متر جنوب وادي الملكات، وكان مقرا لعائلات الفنانين والعمال الحرفيين اللين كانوا مكلفين ببناء المقابر الملكية، فكان منهم من يقوم بحفر وبناء قبور الفراعنة في وادي الملوك، وآخرون يشتغلون في صناعة التماثيل والأثاث والأواني لتجهيز قبر كل فرعون على حسب رغبته قبل الموت، والعمال الذين كانوا يقومون ببناء المقابر كانوا متخصصين وفنانين في تصميم وحفر وتزيين جدران المقابر، لتكون "قصرا" يمكن للفرعون العودة إليه في المناسبات بعد مماته، وإطلاق اسم دير المدينة على الموقع يرجع للعصر البلطمي، ويوجد في ذلك الموقع الأثري مقابر العمال المرسوم فيها رسومات بديعة تعطي صورا حية عن حياتهم ومعتقداتهم، وهي تختلف اختلافًا واضحًا عن مقابر النبلاء في الإهتمام بحجرة الدفن فقط ونقش الرسومات الرائعة ذات الطابع الديني، كما يوجد في الموقع وبها بقايا لبيوت العمال وعائلاتهم، كما عثر بالقرب من الموقع على بئر ماء جاف يبدو أنه قد أصابه الجفاف في هذا الزمن البعيد بحيث كان العمال يرمون فيه شقفات من الفخار مكتوب عليها رسائل، وبعضها مرسوم عليه ما يطرأ في خيال المرء أو الفنان، وتلك الشقف تصور جانب مهم من الحياة الاجتماعية وطريقة تعامل العمال مع بعض في هذا الوقت، وهي الآن بمثابة "مكتبة " نقرأ منها عن حياتهم اليومية في الماضي، مثل خطابات الأحباء ورسائل الغرام والشكوى والدعاء، كما يوجد في الموقع معبد بطلمي يقع شمال مدينة العمال قام ببنائه بطليموس الرابع تكريما للإلهة حتحور وماعت.
*معبد إسنا
يقع جنوب مدينة الأقصر، وقد شيد لعبادة الآله "خنوم" آله الخلق عد المصري القديم وهو على هيئة رأس كبش، ويعد من المعابد اليونانية الرومانية وبه بهو الأعمدة الذي شيده الملك بطليموس السادس، واستكمل بناءه الأباطرة الرومان، وهو من المزارات المهمة التي يحرص السائحون على زيارتها أثناء رحلاتهم النيلية على متن البواخر السياحية التي تيحر بين مدينتي الأقصر وأسوان.