يعتقد الكثيرون بجدوى التوجّه إلى "الجن"، لحل ما يعانون منه من مشكلات، ويتوافد العديد من المواطنين في المغرب إلى مقام أحد ملوك الجن في جبال الأطلس، يبعد عن مدينة مراكش 50 كلم، والمقام هو عبارة عن صخرة كبيرة مع بضعة جدران تلتقي معها لتشكل ما يشبه بيت جدرانه صلبة، ويستغلّه القائمون عليه لجمع الثروة من أناس لازالوا يؤمنون بالخرافات.
ويتردّد على المكان "قبر مغطى بثوب أخضر ومحاط بالشموع"، المشعوذين والسحرة، والمصابين بالمس والصرع، وفي الموسم الذي يقام في المكان يتبادل فيه السحرة آخر المستجدات ، و آخر التطورات والتقنيات التي تستعمل في السحر، ويتواجد في منطقة إمليل قرية صغيرة في سفح جبل توبقال الشهير، أكبر قضاة الجن "شمروش"، الموكل من قبل كل ملوك الجان بعقد المحاكمات، وجلسات محكمته قوية جدًا ولا يتخلف عنها أي ملك جن أرضي ولا حتى شيطان، وهو من سكان المغرب العربي ويسكن في كهفه، واعتزل الحكم لابنه عبد الرحمن من بعده وهو لا يحضر إلا كبار المحاكمات بين الملوك، ذاع صيته في شمال أفريقيا وجميع أنحاء العالم، باعتباره قاضي الجان ورئيس أعلى هيئة قضائية لهم والقادر أيضا على شفاء الأمراض، ويعتقد ان للمقام 7 من ملوك الجن ينزلون للفصل فى القضايا وكل يوم مخصص لملك منهم.
وتبدأ رحلة التوجّه إلى جبل الجن من مدينة مراكش، حيث تسير السيارة مسافة تزيد عن 50 كيلومترًا، إلى منطقة إمليل السياحية، ومرورًا بمنطقة تيزي أدج، تتوقّف المركبات عن العمل وتبدأ الحركة عن طريق الدواب، وفي مكان "المحكمة" في البلدة التي يسير تحتها وادٍ يتدفّق ماءً عذبًا، ومحلات مصطفة لبيع الأغذية والملابس، وأخرى متخصّصة في مستلزمات الطقوس الخاصة بالزيارة كالشموع وماء الزهر والبخور، وعند أقصى البلدة صخرة مطلية بالجير الأبيض، تنتصب قربها صومعة مسجد تؤدي إليه قنطرة صغيرة بالقرب منها لافتة كتب عليها بالعربية وترجمة فرنسية "خاص بالمسلمين
وأقام "سيدي شمهروش" ملك الجان،"سيد" المخلوقات غير المرئية التي تقتسم والإنس أرض الله، تحت الصخرة، بخلاف الشائع من أن الجلمود هو مكان لضريح "شمهروش" أو "شمهورش" كما هو معروف لدى البعض، والقيم على هذا الضريح اسمه محمد الرحالي، الولوج إلى داخل القبة، يتم عبر سرداب كتب عند آخره "ممنوع التصوير"، و"إطفاء الهاتف"، المكان عبارة عن بلاط ملك الجن، أما الجدران فقد تم تزيينها بألواح كتبت عليها بعض الأدعية وآيات قرآنية، مهداة من قبل زوار سبق أن زاروا المكان.
عرش "شمهروش" أشبه ما يكون بقبر صغير مغطى بإزار أبيض، لكنه في الحقيقة ليس إلا صندوقًا حديديًا في حفرة تحت الجلمود الكبير، يترنح فيها زوار بهم مس من الجن، وكل مصاب يفصح عما فيه بمجرد ولوج المقام، حيث يترنح "الملبوسون" بالجن، وتشرع أفواههم في ترديد كلمات مبهمة لا يفك طلاسمها غير "محمد الرحالي"، أشخاص يقصدون المكان لرفع تظلماتهم إلى "سيدي شمهروش" من أجل النظر فيها والفصل بينهم وبين الجن الذي يلبسهم، أما الأحكام فتصدر في المحكمة العليا كل يوم خميس الذي يعتبر موعدًا مقدسًا لجان العالم المسلمين للمثول أمام الملك "شمهروش" ليأتمروا بـ "أحكامه العادلة" إنصافًا للإنس المشتكين إليه.
و أضافت إحدى النسوة اللواتي اعتادت المجيء ، أن 7 من ملوك الجن ينزلون بالمقام للفصل في القضايا، وكل يوم مخصص لملك منهم، إذ تقام جلسات جذبة أو حضرة كما يطلق عليها هاهنا وتقدم لهم ذبائح كقرابين كل حسب "قضيته"، وحين لا تجدي الطقوس أو القرابين نفعًا، يكون لزاما إخضاع الجنية أو الجني الذي لم يستجب لهذا "تضرعات" إلى المحاكمة
وتؤكد المرأة أن ممن أعطيت له " المائدة"، ومن العرافات المعروفات ، كما أن عملها أي "السحر" مسموح به في دول الخليج ، موضحة أن مجيئها اليوم من أجل إعطاء أهل المكان نصيبهم مما جنته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في إحدى دول الخليج
وجلس مراسل "المغرب اليوم" في زيارته إلى عرش شمهروش، في الغرفة المخصصة لــ "الرحالي"، رافقته إحدى النساء حيث اتجهت إلى احدى المحاكم، و لم تمر غير لحظات، حتى علا صوت المرأة التي كانت تصرخ وتطلب من "سيدي شمهروش"، أن ينجيها مما هي عليه، وحسب بعض النساء فإن المرأة متزوجة حسب اعتقادها جن، وأصبح مؤخرا يعنّفها، حيث تحس في كل صباح أنه يشبعها ضربًا، مضيفة أنه أخد منها بركة شمهروش ، وأن سحرها لم يعد نافعًا، وفجأة خرجت المرأة مسرعة وهي في حالة يرثى لها، تم عادت وبيدها عنزة سوداء اشترتها من عند شخص متخصّص في بيع القرابين، وفي الغالب أن تلك العنزة تباع لكل الذين فرضت عليهم الذبيحة .
وأضاف أحد العاملين في المنطقة أن ملك الجان يدعى "الشيخ أبا الوليد شمهروش"، وهو جني مسلم، يحكى أنه صحابي مازال حيًا بعدما عايش الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، منذ أكثر من 14 قرن، وله من الأولاد عبد الرحمن والوليد والمجلجل والهمهل وداعوس وماكوس وشبراق وبرمهيون ومرجاع وكندش وكيموش، وله من البنات عائشة ورقية وهيلانة ومفوعة ونورية وسيافة وهمامة وحمامة
وتخلّى سلطان الجان "شمهروش" عن العرش وترك الحكم إلى ابنه عبد الرحمن من بعده وهو لا يحضر إلا أكابر المحاكمات بين ملوك الجن، وخلال عشرينات القرن الماضي، تم تشييد المقام وجرى الإعلان عنه كمكان يهوي إليه الجان من كل حدب وصوب تيمنا بمقام الملك "سيدي شمهروش"، وقد تحوّل مع مرور السنين إلى محكمة عليا لهذا "الجني الورع"، وتعتبر الصخرة الكبيرة بمثابة كرسي "شمهروش"، وعندما يأتي الناس للتداوي من عللهم الروحانية يتمرغون تحت الصخرة، فيبدأ الجني الذي يتلبسهم بسرد الأسباب التي جعلته يسكن "الخشبة"، وبعدها يكون الفصل بين الإنسي والجني بحكم بات من قاضي القضاة السبعة ممن يشاطرونه المشورة قبل إصدار الأحكام، وليس بعيدا عن مقر "المحكمة العليا" المختصة في نزاعات الإنس والجان، تتعدد "أقسام قضائية" هي في الحقيقة مقامات بعض من أفراد هيئة الحكم مثل "سيدي ميمون والباشا حمو، ولالة ميرا ولالة مليكة ثم لالة عيشة ابنة سلطان الجان