تمتاز تصميمات المهندسة المعمارية العراقية الشهيرة زها حديد بخطوطها السائلة والمنحنيات، وبعد 4 أشهر من وفاتها عن عمر يناهز 65 عاما في شهر آذار/ مارس الماضي نشر لها مجموعة جديدة لكنها مختلفة عما عرف عنها؛ فهي ليست ملاعب أولمبية ولا ناطحات سحاب أو دور أوبرا لكن مجموعة من الحمامات.
وأوضحت مديرة مكتب زها حديد مها كوتيا "من الصعب النسبة لنا أن نرى ونحتفل بمجموعة فيتا دونها بيننا، ولكن في الوقت ذاته لدينا وسيلة للتعرف على أعمالها." وتحتوي المجموعة التي صممتها زها على 9 عناصر أنتجت بالتعاون مع شركة الخزف الفاخرة بورسيلونيا لإعادة الحيوية للمياه. وصرحت حديد نفسها في مقابلة في وقت سابق من هذا العام حول العمل "جاء الإلهام لي من شكل الأصداف البحرية التي تعمل بشكل جيد في الماء وطريقة تدفق الماء من خلالها." وتضم المجموعة صنابير يبدأ سعرها من 3000 جنيه إسترليني، وسيعلن عن قائمة الأسعار الكاملة في 15 آب/أغسطس قبل إطلاقها في أيلول/ سبتمبر المقبل.
وتضم المجموعة أحواضا واسعة ودورات مياه معلقة على الحائط، ولديها اللمسات الحسية والمستقبلية التي اشتهرت بها المهندسة التي ولدت في بغداد، والذي يكشف عن الروابط والامتدادات من خلال جسور الخزف بين المرحاض والرخام الذي يمكن استعماله كرف للمنشفة، بجانب المنحنيات الداخلية لحوض التي تستخدم كأطباق للصابون. وجاءت فكرة الحمامات عندما كان فريق حديد يصمم فندق بويرتا أميركا في مدريد، فأدركوا أنه من خلال إنتاج قطعهم الداخلية الخاصة فإنهم سيستطيعون السيطرة الكاملة على المساحة، وتوضح مها " أرادت زها دائما أن تخوض في مجال التصميم من ناحية دمج الإضاءة في الهندسة المعمارية وإنشاء التجهيزات التي تستخدم على السطوح."
وأتت الفرصة مع اقتراح شركة بورسيلونيا ففي عام 2013، وقالت حديد في وقتها " الرغبة المتبادلة لهذه التجربة نشطت أفكارنا لتصميم مجموعة الحمامات." وذكرت مها أن حديد كانت مولعة بشكل خاص بالأحواض التي صممتها على شكل موجات من اليمين أو اليسار، ورغم موتها المفاجئ الذي ترك 400 من زملائها في صدمة لكنها أنجزت نحو 37 قطعة من المشروع. وكشفت عن مجموعة من المجوهرات الفضية التي عملت فيها مع دار المجوهرات الدنماركية جورج جنسن قبل أسبوعين من وفاتها، والتي ضمت الساعات والمجوهرات التي تضاهي بجمالها جمال الساعات السويسرية، وقد كانت المهندسة المتألقة راضية تماما عن هذه المجموعة.
وكانت انتهت آخرا من مشروع غزير آخر يحكي حياة الفنان كورت سشويترز في زيروخ؛ وبالتالي فإن تصميمات وأعمال زها حديد تنوعت من الأدوات المنزلية وحتى الفنادق وشملت مسرحا في الرباط ومطار بكين وساحة في نيقوسيا، بجانب معرض الرياضيات في متحف العلوم.
وقدمت مجموعة الحمام بوصفها عنصر متميزا من تراث المصممة التي توجت مهنة دامت 44 عاما بدأت مع شهادة في الهندسة المعمارية من مدرسة الهندسة المعمارية في لندن عام 1972 عندما كانت حديد تبلغ من العمر 22 عاما فقط، وأنشأت بعد أن حازت الجنسية البريطانية مجموعة زها حديد في العاصمة لندن في عام 1980 وهي أسرع الشركات نموا في البلاد، وقال مهندس ناطحة السحاب في لندن نورمان فورستر بعد وفاة حديد " لقد كان انتصار زها هو تحويل الرسوم البيانية الجميلة إلى نهج في النحت والهندسة المعمارية، كانت إنسانة شجاعة ومقنعة ومثابرة ومن النادر أن تجد هذه الصفات مرتبطة مع روح المبدع الحر".
وكانت المهندسة العراقية المرأة الأولى التي تفوز بجائزة بريتزكر في عام 2004، واستطاعت أن تحقق إنجازا آخر مماثلا عندما فازت بالميدالية الذهبية لربا رويال العام الماضي، وتلقت الكثير من المديح على عملها في مركز الألعاب المائية لدورة الألعاب الأولمبية في لندن لعام 2012، وامتدت أعمالها إلى متحف الفن في روما ومصنع لسيارات بي إم دبليو في لايبزيغ. وقالت عنها المهندسة الحائزة على جائزة ستيرلينغ أماندا ليفيت " كانت نموذجا غير عادي من النساء، فهي لم تعرف الخوف وكانت شجاعة وراديكالية، كانت جديدة مدافعة قوية عن الحركة النسوية ومكافحة مستمرة طوال فترة حياتها المهنية". ووصفت مسيرتها المهنية قبل شهر من وفاتها بأنها بمثابة ضربة ثلاثية وقالت " أنا امرأة وهذه مشكلة لكثير من الناس، وأجنبية وهذه مشكلة أخرى كبيرة، ولا أقوم بالأشياء المتعارف عليها وبالتالي لم يكن الناس يتوقون لتصميماتي".
وكانت تصميماتها دائما محل حديث وأطلق عليها " المهندسة المعمارية الأكبر"، وكان مشروع الحمامات بمثابة انطلاقة جديدة لها في مجالات أخرى، وأمَّلت أن تحقق الواجهة الجمالية للمنزل موضحة " فكرة الجمال والنظافة مرتبطتان ببعضهما بشكل وثيق، وقد أردنا إعادة توجيهها في تصميم عناصر الحمام". وتابعت مها أن تصميم الحمامات يمكن أن يتطور لاحقا ليشمل المطابخ أيضا، وصممت زها أول مجموعة أدوات منزلية فاخرة وأطلقتها في محلات هارودز في عام 2014، والتي ضمت الكؤوس الصيني بسعر 34 جنيه إسترليني والأطباق بسعر 10 جنيه إسترليني. مضيفة "هذا ما أرادت زها الوصول إليه، فلم نكن نريد أن نبتكر قطعا تستخدمها فئة محدودة من الناس، لكن الفكرة كانت في أن نبتكر شيئا يستطيع الناس أن يقتنوه ويستعملوه ويستمتعوا به في منازلهم ويعطيهم شعورا بأنهم جزء من عالم التصميم"، وبالتأكيد فإن تصميمات الحمام تعكس في الأساس رؤية وشخصية "ملكة المنحنيات".