تمكّنت مصالح الدرك الجزائري، الجمعة، من فكّ لغز جريمة القتل التي هزّت قرية "بني وسين" في سطيف شرق البلاد، بداية الأسبوع الماضي، وتوقيف المتهم البالغ من العمر 57 عامًا، وهي الجريمة التي اهتزت لها المدينة، وجرت أحداثها على مستوى طريق "الخرواع" الرابط بين بلدة "المهدية" وبلدة "بني وسين" بتاريخ 19 حزيران/يونيو الماضي، حيث تم العثور على جثة الضحية "ل.ع" البالغ من العمر 40 عامًا جثة هامدة بعد تعرضه إلى 9 طعنات خنجر
وباشرت مصالح الدرك الجزائري، فور تلقيها للبلاغ، في فتح تحقيق معمّق حول الحادثة، أسفرت عن توقيف المتهم في ظرف قياسي، وينحدر المتهم "م.ز" من بلدة "عين أرنات"، كان يتبع الضحية من مدينة سطيف بعد خروجه من مقر عمله بإحدى المصارف بحي 1014 مسكن في سطيف، التقى به صدفة، ليتبعه إلى حين وصوله إلى المكان المذكور الذي تقل فيه حركة السير، استغل الفرصة وطلب منه ركن مركبته، إلا أن الضحية رفض التوقف، ليقوم المتهم بعدها بتجاوزه وقطع الطريق أمامه، ليهاجمه بعدها بـ 9 طعنات خنجر قاتلة، كانت كفيلة لوضع حد لحياته.
وغادر المتّهم بعد قتل الضحية بدم بارد، المكان تاركًا ضحيته غارقًا في بركة من الدماء، ليتوجّه بعدها إلى الجزائر العاصمة على متن سيارة أجرة، بعد أن ترك سيارته في بلدة "عين تاغروت"، وتكفل أبناؤه باسترجاعها، مصالح الدرك الجزائري وبعد تمديد الاختصاص وتفتيش المنزل، تم العثور على السيارة وعليها علامات حادث جراء قطعه لطريق الضحية.
وبعد تسارع الأحداث وعلم المتهم بأن مصالح الدرك الجزائرية دخلت إلى منزله وقامت بعملية تفتيش، تأكد بأن جريمته قد كشفت، فتقدم إلى فرقة الدرك الجزائري في بلدة "الرويبة"، حيث قام بالتبليغ عن الجريمة، وحاول المتهم وخلال التحقيقات الأولية، أن يرجع أسباب الجريمة إلى الدفاع عن الشرف، على اعتبار أن الضحية كان يخونه مع زوجته ــ على حد قوله ــ إلا أن كل الذين يعرفونه يؤكدون بأنه يعاني من الوسواس، وهو ما كان السبب في تقاعده المسبق الاضطراري.
وعمل الضحية، في فترة سابقة، في مصرف في بلدة "عين أرنات"، قبل أن يتحوّل إلى مدينة سطيف، حيث كان المتهم يعرفه سابقًا، وفي صبيحة يوم الحادث، وبعد أن التقى به صدفة في مدينة سطيف، تتبعه وقام بالجريمة، وتجدر الإشارة إلى أن المتهم كان قد أحيل إلى التقاعد المسبق الاضطراري من قطاع التربية، بسبب بعض الاضطرابات النفسية، وهو الأمر الذي يؤكده مقربوه، وتم تقديم المتهم أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة "بوقاعة"، الذي أمر بإيداعه الحبس المؤقت.
وأقدم أب، في بداية العام الحالي، في إحدى قرى ولاية أم البواقي شرق الجزائر على قتل فلذة كبده بعد تورّطها في علاقة غير شرعية مع شاب ينتمي إلى عرش آخر، وتقدّم الشاب إلى خِطبة تلك الفتاة لكن أهلها رفضوا ارتباطها به بسبب عداوة قديمة بين عرشهم والعرش الذي ينتمي إليه، الشاب الذي قرر الاعتداء جنسيًا على فتاته وسلبها شرفها حتى يضع أهلها أمام الأمر الواقع فيضطروا بذلك إلى تزويجها إياه درءًا للعار و سترًا للفضيحة، لكن جرت الرياح بما لم تشتهيه سفينة الشاب المسكين، عندما أقدم والد الفتاة، وهو شيخ مسن، على قتل ابنته غسلًا للعار برميها في البئر عندما كانت المسكينة ترعى الأغنام، ليبلغ بعد ذلك عن جريمته الشنعاء التي اهتز لها سكان القرية، وليسلم نفسه لمصالح الدرك الوطني التي قدمته أمام وكيل الجمهورية الذي أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي في انتظار مثوله للمحاكمة، لكن الأقدار شاءت أن يسلم روحه إلى بارئها حزنًا عن فلذة كبده وندمًا على فعلته تلك، وأقدم شاب في إحدى القرى النائية بولاية قسنطينة شرق الجزائر، ليلة دخلته، على قتل زوجته بعد أن اكتشف أنها ليست عذراء معتقدًا أنه تعرض إلى خيانة وخدعة عظمى، لتتحول لحظات زغاريد الفرح إلى نواح وعويل و بكاء.
أما في ولاية سكيكدة الساحلية، فقد أقدمت أم- بكل ما تعنيه الكلمة من عطف وحنان - بكل برودة دم على قتل ابنتها البكر خنقًا بعد اكتشافها أنها حامل جرّاء علاقة جنسية غير شرعية. الأم أرادت إخفاء جريمة بجرم أخطر، حيث أزهقت نفسين بريئتين -البنت وجنينها - في لحظة طيش عابرة تكريسًا لقاعدة غسل العار والدفاع عن الشرف.
ودخلت شاهيناز، فتاة في العشرين من عمرها، رائعة الجمال، الجامعة لمواصلة دراستها العليا وهي التي كانت تتمنى أن تكون في المستقبل طبيبة، لكن الأقدار شاءت لها مستقبلًا آخر، فجمالها الأخاذ كان بمثابة تأشيرة لها لعبور القارات، فقد زارت في وقت وجيز أكثر من 20 دولة عربية وغربية، وتمكنت من جمع ثروة طائلة، وبسبب رحلاتها الكثيرة كانت تنسى وفي غفلة منها زيارة، أو على الأقل مراسلة أو مهاتفة عائلتها الفقيرة التي تقطن في إحدى المناطق المعزولة بسطيف،لذلك قرر شقيقها الأكبر زيارتها في جامعة قسنطينة حيث تزاول دراستها، وكم كانت صدمته كبيرة وعنيفة عندما علم بحقيقة ما تفعله شقيقته التي كانت مثالا للأخلاق الرفيعة، بعد أن أصبحت أشهر عاهرة.
والتقط شقيقها المصدوم، وفي لحظة غضب جارف، قضيبًا حديديًا وانهال على شقيقته ضربًا في كل مناطق جسدها المكشوف، ولم يتوقف إلا بعد أن فاضت روحها بين يديه، وأثناء محاكمته قال إنه قتل شقيقته انتقامًا لشرف العائلة وأنه مستعد لقتلها ألف مرة ومرة، وأنه غير نادم على فعلته تلك!.
وتواجه السلطات القضائية الجزائرية ملفًا شائكًا من قضايا جرائم الشرف التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في معدلاتها، خاصة خلال الشهور الأخيرة، بدعوى ضلوع الفتيات في علاقات جنسية غير شرعية، حيث كشف مصدر أمني جزائري، أنّ 50 امرأة على الأقل تعرضن للقتل خلال العام الجاري بمناطق متفرقة من الجزائر،بتهم الضلوع في علاقات جنسية غير شرعية، والغريب أن جل جرائم الشرف تُعلن أنها عمليات انتحار تجنبًا لأي متابعات قضائية لمرتكبيها، الذين هم في الغالب من أهل الفتيات، خوفًا من العار والفضيحة، فيما بلغ عدد الفتيات اللواتي قُتلن على أيدي أهاليهن خلال العام الماضي 70 ضحية على مستوى التراب الجزائري.
ويستدعي الرقم المخيف جدًا، تدخلاً فوريًا وعاجلاً للحد من ظاهرة قتل النساء بتهمة الدفاع عن الشرف، فأي شرف هذا الذي يريق دماء الفتيات و النساء بمجرد وقوعهن في الخطيئة، سواء عند لحظة ضعف بشرية أوهن ضحايا لعمليات اغتصاب.
وأشارت تقارير إعلامية أجنبية ، إلى فتيات جزائريات يتسكعن في شوارع دمشق وبيروت وتونس والقاهرة ودبي وبعض العواصم الأوروبية في منتصف الليل بحثًا عن الزبائن، وكل ذلك لا يعني إطلاقًا تبرير جرائم الشرف التي بدأت في الآونة الأخيرة تجد لها موطئ قدم في المجتمع الجزائري، رغم أن هذه الجرائم ليست جديدة، وإن كانت دخيلة على الجزائر، فالجزائري رأس ماله الشرف وشرفه المرأة، رغم أن الكثير من الفتيات اللواتي ذهبن ضحية جرائم الشرف، هن ضحايا اعتداءات وتحرشات جنسية من طرف الذكور، وبالتالي فالذي يُعاقب ويقام عليه الحد هو ذلك الشاب الذي سلب الفتاة عنوة شرفها.
وتصاعدت ظاهرة قتل النساء في الفترة الأخيرة في أم البواقي بداعي الدفاع عن الشرف وغسل العار، وبشكل متزايد لافت للنظر، حيث تجاوزت الأرقام حدًا يدعو للقلق، الأمر الذي ينذر بنتائج كارثية جراء السكوت والتعتيم أو إيجاد تبريرات غير مقنعة، وقال محمود بوسلوقية، أستاذ جامعي، أنّ "جرائم كثيرة في حق فتيات كان ذنبهن العظيم هو اختيار طريقة حياتهن بمعزل عن أهاليهن، وهنا كانت الطامة الكبرى حيث حصلت جرائم يسمونها بجرائم شرف، من أعطى الحق للأب أو الأخ بإنهاء حياة فتاة قررت أن تتزوج بمن تحب أو قررت أن لا تتزوج وتكمل تعليمها، أو فتاة انتشر عليها صيت سيء، أو فتاة اختارت زوجًا من غير دينها؟!، ما زلنا ونحن في القرن الواحد والعشرين ننظر إلى المرأة أنها عورة وأنها تجلب العار لأهلها، والذين يربطون شرفهم وشرف عائلتهم بعذرية المرأة هم ناس مخطئون، ولكن لا يعني في المقابل إطلاق يد المرأة لتفعل ما تريد، ولتكن هناك ضوابط شرعية صارمة".
وأوضحت عميدة الشرطة خيرة مسعودان رئيسة المكتب الوطني لحماية الطفولة والمرأة بمديرية الشرطة القضائية أن "266 امرأة تعرضن للعنف الجنسي سنة 2013 مؤديا أحيانا إلى حمل غير شرعي"، وأضافت أن عدد النساء ضحايا العنف الجنسي هو "في الواقع أكبر بكثير من الأرقام المقدمة" بما أن الكثير من النساء يقمن بإيداع شكوى لتسحبها بعد ذلك، وقالت إن "هناك نساء يعانين في صمت مضيفة أن إيداع شكوى ضد العنف الجنسي مازال طابوها"، مشيرة إلى أنه من بين العدد الإجمالي لهذه الضحايا (266 ضحية للعنف الجنسي) 10 نساء تعرضن للتحرش الجنسي و6 أخريات تعرضن لزنا المحارم، وبشأن التحرش الجنسي بيّنت أن هذا النوع من العنف يسجل عادة في الوسط المهني ويتضمن أيضا التحرش الجنسي اللفظي.
وأضافت مسعودان أن "أعمار هذه النساء المعفنات تتراوح بين أكثر من 18 سنة وأكثر من 75 سنة مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بنساء متزوجات وربات بيت ومطلقات وجامعيات و بدون مهنة، كما أشارت إلى أن كل الولايات تعاني من ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء والتي تؤدي في بعض الحالات إلى حمل غير شرعي. وأكدت نفس المسؤولة أن هناك نساء "يتحملن معاناتهن في صمت" عوض التبليغ عن المعتدين عليهن خوفا من تخلي عائلتهن عنهن و من نظرة المجتمع"، كما تعرضت اكثر من 7000 امرأة لمختلف أشكال العنف خلال نفس الفترة، وأكدت مسعودان، إنه " في المجموع أودعت 7.010 امرأة شكوى بسبب تعرضهن للعنف سنة 2013 من بينهن 5.034 تعرضن للعنف الجسدي". كما تم تسجيل 1673 امرأة ضحية سوء المعاملة و 27 امرأة ضحية للقتل العمدي، ويتعلق الأمر بنساء تتراوح أعمارهن من اكثر من 18 سنة إلى اكثر من 75 سنة من بينهن 3.872 امرأة متزوجة و 1953 عازبة و 688 مطلقة و 439 ارمله، أما بالنسبة للوضعية الاجتماعية والمهنية للنساء المعنفات فقد تم تسجيل 4713 حالة دون مهنة و1330 موظفة و 103 اطار سام و 374 جامعية و 67 متقاعدة و 87 حالات أخرى لم يتم تحديد وضعيتهن المهنية، وفيما يخص صلة قرابة المتورطين مع ضحايا العنف أشارت المسؤولة ذاتها إلى تسجيل 7224 متورط من بينهم أزواج و أخوة و أبناء وآباء إلى جانب أجانب عن الضحية يقدر عددهم ب 3316 شخص "جيران و زملاء و مجهولون".
ويأتي الأزواج في المرتبة الأولى بـ 1.608 حالة متبوعين بالأبناء بـ 538 حالة ثم الأخوة ب 418 حالة، ومن بين دوافع الاعتداء توضح مسعودان أن أغلبيتها تتعلق بالمشاكل العائلية ب 2.509 حالة والدوافع الجنسية ب 255 حالة مشيرة إلى أن ظاهرة العنف تنتشر بكثرة في المدن الكبرى خاصة بالجزائر العاصمة و وهران وعنابة، والملفت في الأمر أن الرجل لوحده من يتسبب في هذا الوضع المأساوي حيث توصلت دراسة أجرتها الشبكة الجزائرية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف وشملت 150 حالة عنف ممارس ضد المرأة ، إلى أن 91 % من الرجال يقفون وراء العنف ضد النساء، وأشارت الدراسة إلى أن 68 % من النساء ضحايا العنف تتراوح أعمارهن ما بين 25 و44 عاما، وأن ثلثين منهن متزوجات و12 % مطلقات و23 % عازبات وعاطلات عن العمل.
وكشفت أخر الإحصائيات التي قدمتها الأمينة العامة للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات نورية حفصي أن ما يزيد عن 7.000 امرأة تعرضت لشتى أنواع العنف سنة 2016 ،مؤكدة في ذات الصدد أن هذا العدد لا يعبر عن الواقع لكون عدد كثير من النساء تخاف أن تقدم شكوى لدى مصالح الأمن، كما أحصت ذات المصالح ما يزيد عن 7.400 امرأة معنفة وهو رقم لا يعكس واقع العنف الممارس ضد المرأة خصوصا و أن الكثير منهن ترفضن الإفصاح عن العنف الممارس ضدهم سواء من قبل الزوج أو الأخ أو الأب لعدة اعتبارات، وحسب ما أكدته نورية حفصي أن العنف الذي يمس كل فئات النساء سواء كانت المثقفة منها أم الماكثة في البيت، سببه الأول هو زوال بعض الخصلات في المجتمع ،كالتربية و الأخلاق "،حيث أصبحت المرأة في بعض العائلات تعنف و تعاني بصمت بدلاً من أن تقدم شكوى، و من بين الأسباب أيضا عدم معاقبة المعتدين نتيجة جهل المرأة -كما قالت- للقوانين التي سنت من أجل حمايتها، و لأجل ذلك دعت حفصي أمينات المنظمة للتقرب من النساء خاصة اللواتي تعرضن للعنف من أجل توعيتهن و إقناعهن لتقديم شكوى و عدم الصفح على المعتدي، داعية كذلك السلطات المعنية إلى توفير الأطر التي تحميهن و تحمي أطفالهن.
وبحسب إحصائيات رسمية فان تسعة آلاف شكوى تقدمت بها نساء تعرضن للعنف سنة 2015. بينما يؤكد مختصون أن هذا الرقم لا يمثل الواقع بما أن الكثير من النساء لا يتقدمن بالشكوى خشية النظرة السلبية للمجتمع. وفي كانون الأول/ديسمبر 2016 اقر البرلمان الجزائري تعديلات جديدة في القانون تعاقب بالسجن الرجل الذي يمارس العنف الجسدي والمعنوي ضد المرأة حتى وان كان زوجها، كما نص القانون للمرة الأولى على معاقبة من يتحرش بالنساء، أما ساعد بومزو، ناشط حقوقي، فيؤكد أن العقاب مفقود، فقد استغل الذين يرتكبون ما يسمى بجرائم الشرف الفرصة لتنفيذ جرائمهم الشنعاء في حق أقرب الناس إليهم، سواء الأخت، الابنة أو الزوجة بكل سهولة، فالمرأة أضحت من السهل التخلص منها عند أول خطأ أو خطيئة ترتكبها هي، أو تُرتكب في حقها من طرف بعض الوحوش الآدمية، ويردف قائلاً إنّ “المرأة لا تزال تعاني المخاطر في الجزائر رغم كل ما أعطته لهذا الوطن، وهو ما يستدعي تدخل عاجل لإعطائها حقوقها والمكانة التي تستحقها”.
وأشار بومزو إلى أن إقامة الحد شرعًا في حالة الزنا يكون على الزاني والزانية على حد سواء، لكن في تقاليدنا المرأة دائمًا هي التي تدفع الثمن، رغم أنها كائن رقيق لا حول ولا قوة له أمام جبروت الرجل، والذين يقدمون على جرائم الشرف هم جهلة لا تمت أعمالهم بأي صلة للإسلام ولا تخضع للعقل والمنطق، وأنا ضد مثل هذه الجرائم البشعة، فهناك حلول أكثر نجاعة من القتل، لأن الذي يرتكب جريمة قتل المرأة التي راحت ضحية اعتداء جنسي هو في واقع الأمر ارتكب ذنبًا عظيمًا، وعوض أن يقتص من الجلاد اقتص من الضحية".
ودعت منظمة العفو الدولية الجزائر إلى وضع حد للتمييز ضد الناجيات من العنف الجنسي، والإسراع في سن قوانين جديدة وسياسات شاملة توفر الحماية الكافية والعادلة للنساء والفتيات من هذا العنف، مشيرة إلى أنّ القانون الجزائري يسمح للمغتصب بالإفلات من العقاب إذا تزوج ضحيته إن كانت دون سن الـ18، ولفتت إلى أن البرلمان المغربي ألغى ثغرة مماثلة في 22 يناير/كانون الثاني 2014 أي بعد مرور سنتين على انتحار أمينة الفيلالي البالغة من العمر 16 عاما بعد إرغامها على الزواج من الرجل الذي قالت إنه اغتصبها.
وبحسب العفو الدولية، فإن القانون الجزائري يقوم على "مبادئ تمييزية" تجعل شدة العقوبة متوقفة على ما إذا كانت الضحية عذراء أم لا، وهو ما اعتبرته "معيبا للغاية" ولا بد من إلغائه، ودعت الجزائر إلى اعتماد قوانين وسياسات شاملة توفر الحماية للنساء والفتيات من العنف الجنسي، بإلغاء القوانين الضارة، ووضع حد للتمييز ضد الناجيات من هذا العنف.
وسجلت العفو الدولية جملة من الإجراءات يتعين على الجزائر ودول أخرى -مثل تونس والمغرب- مباشرة تنفيذها في هذا الإطار، وذلك من خلال تعديل القوانين التي تنطوي على "تمييز"، مع تعديل تعريف الاغتصاب بما يتناسب مع القانون الدولي، وذلك بتوخي الحياد في نوع الجنس، وعدم اشتراط العنف الجسدي أو إثباته، واعتماد قانون شامل للتصدي للعنف على أساس نوع الجنس، كما دعت المنظمة إلى الاعتراف بأن الاغتصاب الزوجي يعد جريمة جنائية، وفي شق الحماية الاجتماعية والنفسية، طالبت المنظمة بتدريب أفراد الشرطة والقضاة والعاملين في مجال الرعاية الصحية على كيفية التعامل مع الناجيات من العنف الجنسي بطريقة حساسة وسرية ودون تمييز، مع توفير الخدمات الاجتماعية والطبية الفعالة، بما فيها الحصول على وسائل منع الحمل الطارئة و"الإجهاض القانوني الآمن"، فيما أكد رئيس شبكة ندى لحقوق الطفل بالجزائر عبد الرحمان عرعار أن الحديث عن الإفلات من العقاب مبالغ فيه جدًا، ولفت إلى أن قانون العقوبات الجزائري المعدل شدد العقوبات على مرتبكي الجرائم الجنسية خاصة تلك المرتكبة في حق القصر، والتي تتجاوز سنويا -حسب تقديره- أكثر من تسعة آلاف حالة اعتداء جنسي.
لكن "العيب" كما يقول ليس في غياب القوانين، وإنما في آليات تنفيذ الإجراءات القانونية التي تستمر في بعض الأحيان أكثر من سنتين، الأمر الذي يتسبب في تراكم القضايا.
وترى الأخصائية الاجتماعية، سعاد تاغريبت، أنّ جرائم الشرف هي طريقة عصرية لوأد الفتيات التي كانت منتشرة في العصر الجاهلي، "وأنا لا أرى أي فرق بين الذي يقتل فلذة كبده لأنها تورطت في علاقة غير شرعية مع شاب وعدها بالزواج وبين أب يئد ابنته لا لشيء إلا لأنها أنثى، فكلاهما جريمتان تستوجبان العقاب، مع التماس بعض الأعذار للذي يئد ابنته نظرًا لظروف تلك الفترة الزمنية.، أما في العصر الحديث، فمخطئ ذلك الذي يقدم على جريمة قتل ابنته بداعي غسل العار والانتقام للشرف والكرامة، وبئس الذين يربطون شرفهم العام بالعذارى"
ويتعرض أكثر من 4,5 مليون امرأة وفتاة في أنحاء العالم للاستغلال الجنسي القسري بعد وقوعهن ضحية الاتجار بالبشر، فيما هناك أكثر من 70 مليون فتاة تم إرغامهن على الزواج دون سن الزواج، ونحو 60 مليون فتاة محرومات من الدراسة الابتدائية والثانوية أو يُحرَمن عمدًا منها. كما يعاني أكثر من 200 مليون امرأة وفتاة ألم الختان ومهانته، وتتعرض واحدة من بين كل ثلاث نساء للعنف المنزلي على يد زوجها أو العنف الجنسي على يد غريب،بحسب جمعية نساء الأمم المتحدة من أجل السلام.