"اقصفونا أو أنقذونا ولكن لا تتركونا"، بهذا النداء صرخت امرأة أيزيدية شابة تعيش داخل مدينة الموصل العراقية، مخاطبة العالم الخارجي. فالقوات العراقية والميليشيات الكردية تغلق المدينة، والتي تعد أخر المعاقل الكبيرة التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" في العراق، في الوقت الذي تتزايد في المخاوف لدى المحاصرين داخلها، خاصة مئات الأيزيديات والفتيات يتم احتجازهن من قبل الميليشيات المتطرفة.
تقول أمينة سعيد حسان، التي كانت عضوا في البرلمان العراقي من قبل، إنها اعتادت على استقبال المكالمات من قبل فتيات المدينة يوميا، إلا أنها لم تعد تسمع عنهم شيئا منذ بداية العملية العسكرية لتحريرها من قبضة التنظيم. وأضافت السيدة العراقية، والتي تدير شبكة للإفراج عن الفتيات اللاتي يتم استعبادهن من قبل التنظيم، أن "أخر مكالمة تلقيتها كانت من امرأة تستغيث بي حيث قالت "إذا لم يكن هناك من يمكنه مساعدتنا فأطلبي من الأميركيين أن يقوموا بقصفنا، لأنه لا يمكننا العيش بهذه الطريقة."
وأضافت الفتاة العراقية "نحن نخاف أن يقوم داعش بنقلنا إلى سورية، أو في حالة الإبقاء علينا هنا في الموصل سوف يتم استخدامنا كدروع بشرية لصد هجمات القوات العراقية.. وهو الأمر الذين سيكون سيئا للغاية في الحالتين."
يأتي نداء الفتاة الأيزيدية في الوقت الذي قام فيه التنظيم المتطرف بذبح حوالي 300 رجل وشاب في الأجزاء الجنوبية للمدينة، وذلك باستخدامهم كدروع بشرية. وتقول المخابرات العراقية إن التنظيم المتطرف أقدم على إعدام حوالي 284 شخصا، بينهم أطفال، وألقاهم بعد ذلك في مقبرة جماعية تم حفرها على عجل بجوار المقر السابق لكلية الزراعة.
وتأتي التقارير الاستخباراتية العراقية بالتزامن مع اتهامات عديدة تلاحق التنظيم المتطرف بقتل أي شخص يتم القبض عليه من قبل الميليشيات أثناء محاولته للهروب من المدينة.الفتيات الايزيديات بقين تحت قبضة الميليشيات المتطرفة منذ أغسطس/آب 2014، عندما اجتاح التنظيم أراضيهن التي عاشوا فيها منذ مئات السنين، بالقرب من جبل سنجار، حيث اقتادوهن إلى معاقلهم في المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم في العراق، حيث أن أكثر من 3200 سيدة وطفل مازالوا محتجزين تحت قبضة التنظيم بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وتمكنت السيدة العراقية احسان، بمساعدة زوجها خليل الداخي، من انقاذ حوالي مائة فتاة يزيدية، ولكنها ترى أنه مازال هناك أكثر من ألف فتاة يقعن تحت سيطرة التنظيم المتطرف في مدينة الموصل العراقية، المدينة التي تعد ثاني أكبر المدن العراقية، كانت تستخدم من قبل الميليشيات المتطرفة لتكون سوقا تباع فيه الفتيات وأحيانا كن يستخدمن كمكافأة للمقاتلين، حيث كان يتم إجبارهن على الرقص، وكثيرا ما تعرضن للاغتصاب.
تقول حسان " هؤلاء الفتيات لقين معاملة أسوأ من تلك المعاملة التي تتلقاها الحيوانات، وبالتالي فإذا كان الأسوأ بانتظارهم فإن هذا يعد أمرا مفجعا للغاية." وبالإضافة إلى النساء، فإن الصبية كذلك يتعرضون إلى غسيل مخ من قبل الميليشيات المتطرفة، حيث يتم تدريبهم كمقاتلين، بحسب ما قالت العضو السابق في البرلمان العراقي، موضحة أن داعش لديه أكثر من 350 فتى ممن يقل أعمارهم عن 13 عام.
كان عدد صغير من الفتيات، لا يتعدى خمسين فتاة، تمكنَّ من الهرب من المدينة، منذ بداية العمليات العسكرية الإثنين الماضي. وتقول حسان أن عددا من الفتيات بالفعل انتقلن إلى معاقل التنظيم في سورية عبر الحدود التي لا تبعد أكثر من 70 ميلا عن المدينة العراقية، موضحة أنهن إذا انتقلن إلى مدينة الرقة السورية، فربما سيكون الاتصال بهن أمرا مستحيلا.
وتقول صحيفة "التايمز" البريطانية إن العملية العسكرية التي طال انتظارها في الموصل كانت سببًا في إصابة أكثر من مليون مدني يقطنون المدينة بالهلع، حيث قامت الحكومة العراقية بإسقاط المنشورات على المدينة، مطالبة سكانها بالبقاء في المنازل وطمأنة الأطفال، بينما حثت الشباب على الخروج لمقاتلة ميليشيات التنظيم المتطرف بعد اقتحام المدينة.
التنظيم المتطرف، من جانبه، نشر عددًا من مقاطع الفيديو، والتي يظهر خلالها تجار وسائقو تاكسي في المدينة يتحدثون عن أن الحياة تسير بشكل طبيعي داخلها ، كما أظهرت كذلك عددا من الملثمين يطوفون ويقومون بدوريات في الشوارع.
الناشط الايزيدي شاكر جيفري يقول أنهم تلقوا تقارير تفيد بأن المواطنين الذي يقطنون الموصل يعانون من حالة من الذعر، موضحا أن الشوارع باتت فارغة من الناس وأن مقاتلي داعش من الأجانب فروا من المدينة. وأضاف أن مقاتلي "داعش" يجبرون الأطفال على ارتداء الأحزمة الناسفة، بينما يعطون الفتيات للمقاتلين حتى لا يتركن المدينة.
وفي السياق نفسه، أعرب عمال الإغاثة عن مخاوفهم العميقة من جراء نزوح مئات الألاف من المواطنين إلى خارج المدينة، من جراء المعركة، موضحين أن الأقنعة الواقية من الغازات يتم تخزينها حاليا تحسبا لقيام التنظيم بشن هجمات كيماوية.
وأعربت حسان عن عميق خوفها من جراء التركيز على استعادة السيطرة على المدينة العراقية على حساب الفتيات المحتجزات لدى "داعش"، موضحة أن مصيرا مرعبا ربما يكون بانتظارهن.
على جانب أخر، يقول زيد بن رعد الحسين، المفوض السامي للأمم المتحدة في شؤون حقوق الإنسان، إن التقارير التي تلقاها حول إقدام "داعش" على استخدام أكثر من 550 أسرة من قرى حول مدينة الموصل كدروع بشرية يبدو أمرًا مرعبا، موضحا أن المدنيين المشكوك في ولائهم للتنظيم يتم اعدامهم رميا بالرصاص. وأضاف "الأمر يبدو خطيرا للغاية. مقاتلو داعش لن يستخدموا المواطنين كدروع بشرية فقط، ولكن ربما يلجأ الى قتلهم حتى لا يروهم محررين من قبضتهم."