كشف باحثون أجروا مقابلات تفصيلية مع 40 امرأة سودانية تعرضن لسوء المعاملة بسبب قوانين البلاد العنصرية ضد السيدات، أن النظام السوداني يمارس التهديدات ضد السيدات اللاتي يرتدين السراويل، فإما يدفعن غرامات أو يتعرض للضرب. وأكدت السيدات أن المسؤولين الفاسدين يهددونهم بالجلد للحصول على المال، وقال التقرير إن غالبية النساء الذين سجنوا أو تعرضوا للضرب من ذوي الدخل المنخفض أو الفقراء المهاجرين الذين يلجأون إلى الممارسات غير القانونية مثل بيع الكحول لشراء الطعام لأسرهن.
ويصفن من أجريت معهن المقابلات أنهن سجن لفترات طويلة وتعرضن للضرب، وكانت من بين الجرائم التي احتجزن بسببها ارتداء السراويل التي تعد لباسا غير لائقا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت محكمة سودانية حكما ضد مجموعة من النساء اللواتي ألقين القبض عليهن يرتدين بنطلوت في أحد الحفلات، بدفع غرامة مالية و40 جلدة، بيد أن النساء غالبا ما يواجهن المحاكمة دون مساعدة قانونية يفي محاكم فورية، حيث يتم تحديد مصيرهن بناء على حكم القاضي وحده.
وفي هذا السياق، تقول كارلا فيرستمان، التي شاركت في إعداد التقرير "اضطهاد النساء بسبب ملابسهن قضية ضخمة، وهذه القوانين يستخدمها النظام العام ضد النساء اللواتي تريد السلطات إسكاتهن، بما في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان"، وتضيف " هناك حوافز اقتصادية للحفاظ على هذا النظام بسبب الغرامات العالية، وبالتالي يوجد أعداد هائلة من السيدات اللاتي لا يرغبن في السجن ويدفعن الغرامة".
وتلفت " كما هو الحال في المملكة المتحدة البريطانية توجد شرطة المرور تتجول للبحث عن السائقين المخالفين، فهذه طريقة لتغذية ميزانيات بعينها". وتشن الشرطة السودانية حملات تفتيش على المنازل بحثا عن الكحول، وتلقي القبض على الأفراد بسبب السلوك غير اللائق أو اللباس. وقالت إحدى السيدات التي أجري معها اللقاء "يتسلق رجال الشرطة على الجدران ويدخلون على المنازل دون إذن أو احترام للخصوصية، ونشعر بصدمة جراء ما يحدث والمعاملة اللا إنسانية التي نواجهها".
وأجريت مقابلات مع بائعي الكحول من السيدات والشباب والطلاب والناشطين ومعتقلين سابقين، في مدينة الخرطوم في الفترة ما بين آب/ أغسطس وكانون الأول/ ديسمبر2016، لدراسة "تجريم المرأة في السودان.. الحاجة إلى إصلاح جذري"، كما تم إجراء مقابلات أيضا مع موظفي السجون وأعضاء الهيئة القضائية والمحامين ووزارة العدل، ومنظمات حقوق المرأة.
ويخلص التقرير إلى أن قاعد النظام العام في السودان والتي تطبق قوانين أخلاقية صارمة، تم تمديدها ولا تزال تستخدم بطريقة تعسفية لقمع المرأة، وأضاف" أننا ندعو إلى إلغاء هذه القوانين، والتي تخلق جوا من الخوف حيث لا يدركن النساء متى أو لأي سبب يمكن إلقاء القبض عليهن". وتشمل أكثر من 70% من جميع قضايا النظام العام النساء، وفقا لدراسة حديثة أجرتها منظمة سجينات، وهي مجموعة مناصرة تركز على حقوق السجينات في السودان، و60% من الحالات جاءت العقوبات عليهن في شكل غرامات كبيرة، أما السيدات اللاتي لا يستطعن الدفع يتعرضن للإساءة في السجن من قبل الحراس أو السجينات الآخريات.
وتم تغريم نهلة وهي طالبة جامعية، 2000 جنيه سوداني، لتدخين الشيشة، و5الاف لارتدائها بنطلون، ولأنها لم تكن قادرة على الدفع الفوري تم جلدها 20 جلدة وقضت بعض الوقت في السجن. وشهدت محاكم النظام العام توسعا سريعا منذ انفصال جنوب السودان في عام 2011، وتطلعت الخرطوم إلى طرق جديدة لجمع الأموال بعد أن خسرت 75% من عائداتها النفطية.
وهناك الآن 22 محكمة للنظام العام في الخرطوم وواحدة في كل مدينة تقريبا في جميع أنحاء السودان. وكشف التقرير عن أن المحاكم في السودان تكسب نحو 1.8 مليون دولار شهريا، من الغرامات التي تدفعها السيدات. وقالت لوتز أويت، مديرة مركز حقوق الإنسان في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن "إن استخدام قوانين النظام العام كأداة للرقابة الاجتماعية والتمييز كان ضارا لدرجة أن النظام بأكمله يحتاج إلى إصلاح جذري، كما أن إلغاء القوانين والأحكام ذات الصلة يشكل جزءا مهما من الإصلاحات المتأخرة التي يجب على السودان اتخاذها لضمان حقوق المرأة". وتلفت إلى أنه على المملكة المتحدة البرطانية الإصرار على ضرورة إلغاء السودان لهذه القوانين سريعا، لإنهاء التمييز الذي ينص عليه القوانين، بما في ذلك إلغاء الجلد بصورة نهائية.