يتجول الشاب العراقي علي الموسوي (25 عامًا)، في شوارع بغداد في سيارة شحن صغيرة وفريدة من نوعها، صممها بمساعدة أخيه لتتحول إلى معرض كتب متحرك يتجمع الناس حولها أينما حلت، و"لم يعطني أحد أول كتاب قرأته في حياتي، بل أنا من ذهبت وحصلت عليه من مكتبة والدي الكبيرة"، هكذا بدأ الموسوي عن ولعه المبكر بالقراءة الذي أصبح فيما بعد شغله الشاغل، ودافعه لنقل هذا الشغف إلى الآخرين.
المكتبة الجوالة ليست الفكرة الأولى للشاب العراقي، بل بدأ نشاطه في نشر الثقافة بإنشاء ناد للقراءة، "حاولت أن أجذب أبناء جيلي وغيرهم لهذه المتعة"، يقول الموسوي الذي أنشأ أيضا صفحة لبيع الكتب على "فيسبوك"، الموسوي الذي درس الترجمة واللغة الإنجليزية في كلية المأمون الجامعة في بغداد، دأب على توسيع مشروعه بمجهوداته الشخصية ومساعدة داعميه، من الشباب والكتاب وأساتذه الجامعات، حتى أصبح ناديه مقصدا لأكثر من 150 شخصًا.
ولرغبته المستمرة في ضم عدد أكبر من الأشخاص رغم محدودية التمويل، بحث عن طريقة تلفت انتباه شريحة أكبر من الناس لهذه الفعالية، فكانت المكتبة الجوالة، واستغرق تحضير المكتبة لرحلتها الأولى في شوارع بغداد عامًا كاملاً، بعد شرائها للحصول على التراخيص الضرورية وتصميم الواجهة يدويًا.
يتنقل الموسوي اليوم في شوارع بغداد ويتوقف حيث يسمح له بذلك بسبب الوضع الأمني في العاصمة، ولم يخف الموسوي الصعوبات التي تواجه تنقل المكتبة في العاصمة العراقية، إلا أنه مصر على الاستمرار والذهاب بالمكتبة، إلى كل فعالية تشهدها بغداد رغم صعوبة الحصول على الموافقات الأمنية.
وتشهد المكتبة الجوالة إقبالاً جيدًا من النساء، "لقد ركزت على هذه الفئة من المجتمع (النساء)، فكنّ سبب نجاحي وشكلن نسبة 75 في المئة من القراء ورواد المكتبة"، يقول الموسوي، ويطمح الموسوي إلى إيجاد دعم لهذا المشروع الذي يساعده فيه فريق من الشباب المتطوعين، من بينهم كتاب ورسامون وأساتذة جامعات، لافتًا إلى أنه تلقى عروضا لدعم مشروعه من أحزاب سياسية عدة، إلا أنه رفضها ليحافظ على التنوع الثقافي والمذهبي للقراء.