تربيتنا وثقافاتنا وأساليب حياتنا مختلفة، حتى إن كنا أشقاء، قد تستخدم أختي الضرب كوسيلة لعقاب طفلها، بينما استخدم أنا الخصام لتهذيب سلوكه، وكذلك الأمر فقد يكون أخي يستخدم الشتائم أمام الأطفال دون اكتراث، غيرها من العادات السيئة التي قد يكتسبها طفلي رغما عني.
إذًا كيف أتعامل أنا مع مثل هذه المواقف دون أن أخبر طفلي بأن خاله أو عمه سيئان؟ لن أخبركِ بأن الأمر سهل لكنه ليس بالمستحيل، حاولي اتباع استراتيجيات ثابتة لتحمي طفلك من العادات السيئة، والتأثير السلبي لأقاربه عليه، دون أن يفقد احترامه لأفراد أسرته الكبيرة.
ابدئي بنفسك
حتى إن كان العالم من حول طفلك مليئ بالأخطاء، طفلك سيتعلم منكِ أنتِ كمصدر أول للتعلم واستقاء القيم والعادات.
كوني هادئة دومًا، ولا تستخدمي الكلمات التي لا تريدين أن يتعلمها طفلك، ولا تقومي بالعادات التي تريدين حماية طفلك منها.
فليس من المنطقي أن تشربي أمام طفلك المشروبات الغازية وتمنعينه منها، وكذلك الأمر بالنسبة للتصرفات والكلمات الشيئة.
إذا استطعتِ أن تكوني قدوة حسنة لطفلك، فإنكِ هنا قد صنعتِ الدرع الواقي الأول في حياة طفلك.
اقرئي أيضا: التعامل مع العادات والطباع الخاطئة التي يكتسبها طفلك
شكلي حلقات دعم
اذا كان أطفال العائلة يشتمون أو يستخدمون الضرب والصراخ في لعبهم، لن تستطيعي إبعاد طفلك عن أقاربه الصغار، لذلك حاولي أن تشكلي حلقة دعم من آبائهم وأمهاتهم لتعديل سلوك الأطفال.
قدمي لهم المعلومات العلمية، وكذلك الحلول السهلة، ولا تكتفي بالانتقاد لسلوك أطفالهم أو سلوكهم، لأن هذا سيكون له رد فعل عكسي تماما في العلاقات العائلية بينك وبينهم.
أما إذا كانت المشكلة منحصرة في سلوك الكبار في العائلة، فستكون المساعدة الوحيدة التي من الممكن أن يقدمها لكِ الآخرون من العائلة والأصدقاء وحتى الجيران، هي التوقف تماما عن التلفظ بأي لفظ غير لائق أمام طفلك.
فاطلبي منهم ذلك صراحة ولا تخجلي، ولكن اطلبيه بطريقة هادئة ولائقة، دون أن تشعريهم بأنكِ تقوّمين سلوكهم وتتعالين عليهم حتى يستجيبوا لكِ ويتعاونوا معكِ.
شجعي طفلك على فعل الإيجابيات
عندما يتحدث طفلك إلى الآخرين بطريقة مهذبة، احرصي على تشجيعه والثناء على سلوكه، ويفضل أن يكون ذلك أمام الأسرة.
فيمكنك أن تسردي الموقف الذي قام فيه الطفل بمجاملة أحدهم أو بالرد بطريقة مهذبة عليه، ولا مانع من تكرار ذلك حتى تشعريه بأنك لم تنسي بعد سلوكه الجيد.
ولا تنسي أن تقدمي له المكافآت، فإذا شتمه أحد ولم يرد عليه بالمثل أو لم يقم بسلوك خاطئ مع أحد الأطفال الذين يقومون بتلك الأشياء كافئيه.
كذلك أخبريه ببعض الإرشادات التي يمكنه اتباعها إذا ما شتم أحدهم أمامه، وأخبريه بأن يقول لهم إن هذا اللفظ عيب.
اقرئي أيضا: السباب يزال بالماء من فم طفلك
تجنبي العقاب
العقاب على تقليد سلوك الآخرين ليس خيارًا صائبًا، فالطفل يقلد دون وعي، لذلك تجنبي ذلك.
الضرب أو العقاب الجسدي أو اللفظي مرفوض وبشدة مهما كان ما قام به طفلك سيء.
هناك دوما طرق أخرى يمكنك استخدامها في حالة ارتكابه خطأ ما كالحرمان من شيء يحبه أو الخصام، وذلك لأن العقاب بالضرب لن يحل المشكلة بل سيدفع الطفل إلى فعل نفس السلوك الخاطئ في عدم وجودك.
لا تنسي أن تحتفظي بصورة أقرباء طفلك جيدة أمامه، فلا تتحدثي عنهم بسوء أمامه، ولا تتعاملي معهم باستياء مهما كانوا مختلفين عنكِ، فالعلاقة الطيبة بينك وبينهم وبين طفلك وبينهم هي طريق للاتفاق على احترام طريقة تربيتك لطفلك.
حتى إذا قمت بحماية طفلك تمامًا من التعرض للسلوكيات السلبية في المنزل، فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة، قد يتعرض لما تقومين بمنعه عنه لدى الأقارب أو مع أصدقاء المدرسة، بعض الآباء لا يتلفظون بأي ألفاظ نابية ويمنعون أبناءهم من مشاهدة المسلسلات والأفلام التي تحتوي على مثل هذه الألفاظ ويفاجئون بها تجري على ألسنتهم.
والأمر يكون أصعب بالطبع حينما يلتقط الطفل السلوك السلبي من أحد الأقارب، خاصة إن كان من أقارب الدرجة الأولى أو الجد والجدة، فكيف تتعاملين مع الأمر دون أن تفسدي العلاقة بين الطفل وأقاربه ودون أن تقومي بعزله عنهم؟
وهذه بعض النقاط التي يجب عليكِ أن تضعيها في اعتبارك عند تقويم سلوك طفلك:
اعملي على تقوية علاقتك بطفلك طوال الوقت، واحرصي على أن تكونا صديقين، بحيث تصبحين المرجع السلوكي الأساسي له مهما واجه من سلوكيات لدى الآخرين.
تجنبي انتقاد الشخص لكن انتقدي السلوك الذي يفعله، فلا تخبري الطفل بأن فلان شخص سيء، وإنما أخبريه بأن سلوك فلان غير مقبول.
لا تعزلي الطفل أو تمنعيه من مخالطة هذا الصديق بشكل مباشر، فقد يدفعه هذا للعناد أو الأسوأ لمحادثة صديقه دون علمك، فقط وجهيه ﻷن هذا السلوك غير مسموح به.
قدمي لطفلك فكرة تقبل الاختلاف مبكرًا، اشرحي له أن الناس يختلفون عن بعضهم البعض في المعايير الأخلاقية، وأن ذلك لا يعني أنهم أشخاص سيئة لكنهم فقط مختلفون عنا.
استمعي لطفلك دائمًا دون لوم أو تعنيف، وافهمي منه ما رآه أو سمعه، ثم حللي الأمر وناقشيه معه بهدوء واشرحي له لماذا يعتبر هذا السلوك سيئًا.
تحدثي مع أقاربك إن أمكن ذلك في أنك لا تريدين لطفلك أن يتعرض لمثل هذا السلوك، تذكري ألا تنصحيهم أو تعظيهم فليس دورك أن تربيهم هم، وإنما تربية أبنائك، تذكري أن هذه النصيحة محفوفة بالمخاطر، خاصة إن كان هؤلاء الأقارب والديك أو والدا زوجك مثلا، عليكِ مراعاة طبيعة شخصيتهم قبل أن تقومي بهذا.
قدمي لطفلك نموذجًا ومثلًا أعلى في سلوكك ومواقفك.
احرصي على تنمية ثقة الطفل بذاته، فعادة ما يكون الأطفال ضعيفو الثقة هم الأكثر ميلًا لتقليد سلوك الآخرين والتأثر بهم.