في حياة كل منا شخص يجعلنا نسعى إلى إرضائه بشتى الطرق، إما حبًا له أو لرغبتنا في الحفاظ على علاقتنا به أو كاستجابة لضغوط يمارسها هذا الشخص علينا لنفعل ما يريده، قد يكون هذا الشخص زوجًا، أو ابنًا، أو أمًا، وقد تختلف أساليب الضغط، ولكنها تندرج جميعها تحت مسمى واحد هو "الابتزاز العاطفي".
فما هو الابتزاز العاطفي؟
هو سلوك يقوم به الشخص لتحقيق مراده على حساب عاطفة وشعور الطرف الآخر، عن طريق جعله يشعر بالذنب أو تأنيب الضمير لمجرد رفضه القيام بهذا الأمر، ويعتبر أيضًا أحد أنواع الاستغلال النفسي، وهو أسوأ بكثير من العنف الجسدي، لأن أثره قويًا في نفس الشخص الذي يخضع لهذا الابتزاز.
الابتزاز العاطفي للطفل:
وبالرغم من أنه يصعب على الطفل إدراك ماهية الابتزاز العاطفي، فإنه يمارسه منذ نعومة أظافره، ونوع الابتزاز العاطفي الذي يقوم به الطفل هو البكاء، فهو يُدرك جيدًا مدى تأثير بكائه على مشاعر الآخرين وتصرفاتهم، ويعلم أن هذه هي الطريقة المثلى لبلوغ هدفه، سواء كان هذا الهدف الحصول على شيء ما مثل أو لجذب انتباه واهتمام والديه نحوه، وقد يقوم الطفل أيضًا باحتضانك أو تقبيلك كنوع من أنواع الرشوة أو الابتزاز العاطفي، للحصول على مبتغاه أو للقيام بأمر يعلم جيدًا عدم موافقتك عليه.
ويتطور هذا الإدراك مع نمو الطفل، حين يعي مدى قدرته على التأثير فيمن حوله وربط ذلك بمصلحته الذاتية والأنانية، وعليكِ أن تعلمي أن الطفل يراقب أمه مستكشفًا نقاط ضعفها، فإذا ما واجهت الأم بكاءه بالتجاهل والإصرار والصبر، سيرضخ الطفل لإرادتها، ولكن إن فرغ صبرها كرد فعل على بكائه، سيتعمد البكاء إلى أن ترضخ هي لإرادته.
ونجد بعض الأمهات يستمتعن بالخضوع للابتزاز العاطفي، بل ويعتبرونه نوعًا من التضحية، فنجدهم يتنازلوا عما يحبونه في سبيل إرضاء من حولهم، ولكنهم لا يدركون إنهم بذلك يسيئون فهم التضحية النبيلة، ويجعلون من حولهم شخصيات أنانية لا تكترث سوى لرغباتها.
اقرئي أيضًا: أساليب مجربة لمواجهة الكذب عند الأطفال
الابتزاز العاطفي للأم:
قد تمارس الأم أيضًا نوعًا من أنواع الابتزاز العاطفي تجاه أطفالها، مستغلة في ذلك حبهم واحتياجهم لها في سبيل فرض سيطرتها وإرادتها، وهو سلوك تربوي خاطئ يجعل الطفل يشعر بقلة تقدير الذات وعدم الأمان وفقدان الثقة فيمن حوله.
ومن أمثلة هذا النوع من الابتزاز العاطفي، قيام الأم بالتلميح بأن ما يعاني منه الطفل من ضيق أو مشكلة ما هو نتيجة لعدم موافقتها على ما قام به، أو تقديم وعود كثيرة للطفل إذا ما قام بأمر ما دون الوفاء بتلك الوعود، أو اللجوء إلى أسلوب التهديد أو الرفض، مثل أن تقول الأم للطفل بأنها لا تحبه إذا قام بأمر عكس رغبتها، أو خلق شعور بالخوف أو الذنب داخل الطفل وتحميله مسؤولية أخطاء لا ينبغي له أن يتحملها، أو شراء الهدايا لاستمالة الطفل وجعله يرضخ لطلباتها.
الابتزاز العاطفي في المراهقة والشباب
وصولًا لعمر المراهقة والشباب، تزداد المشكلة سوءًا أحيانًا فقد تمارس الأم أو الأبوين الابتزاز العاطفي تجاه الابن أو الابنة عند المذاكرة في الشهادة الفاصلة المرعبة في البيوت العربية أو اختيار الدراسة والعمل وربما حتى الزوج أو الزوجة إن كان الابن يسعى لنيل رضا أمه وأباه، وقد يمارس الابن أو الابنة السلوك نفسه ليذاكر أو ينجح فيطلب الكثير والكثير من أبويه.