العمل التطوعى

هل يمكن أن يُشفى أحد من الوسواس القهرى فى 5 أيام فقط؟! هذا ما حدث مع خالد الذى سافر متطوعاً فى دور الأيتام الفقيرة جداً بأوغندا، كان خالد لو شك أنه لمس شيئاً غير نظيف غسل يديه عدة مرات، ولو أحس أن ملابسه بها شيء غير مضبوط قام ليصلحها على الفور، ولكنه خلال هذه الأيام الخمسة نسى كل ذلك تماماً، حيث وجد نفسه فى بيئة أقل بالكثير من بيئته، وعليه مسئوليات يقوم بها.
 
هذه ليست دعوة لهجر العلاج الطبى، ولكنها دعوة إلى تأمل فوائد العمل التطوعى، والتفكير فى كيفية تحفيز أبنائنا نحوه.
 
العمل التطوعى كله خير
 
أجرى موقع «Psychology Today» دراسة على مائة شاب: خمسين منهم قضوا إجازتهم بالكامل فى التنزه مع الأصدقاء، بينما قام الخمسون الآخرون بتقسيم إجازاتهم بين الترفيه والعمل التطوعى، وبعد انتهاء الإجازة أجروا اختبارات نفسية وصحية على المائة شاب، وقد كشفت نتائج هذه الدراسات عن الآتى:

مستوى الضغط العصبى لدى المجموعة الثانية أقل من الأولى.

حماس المجموعة الثانية لاستئناف الدراسة يفوق الأولى.

أرجع المحللون النفسيون ذلك إلى أن أفراد المجموعة الثانية خرجوا عن أنفسهم، ورأوا أناساً أقل منهم بكثير، فأصبحوا أكثر رضي عن حالهم.
 
ليس هذا فحسب، فالعمل التطوعى يسهم فى بناء شخصية أبنائك، فكيف ذلك؟

يساعدهم على اكتشاف أنفسهم وتوظيف مواهبهم وتنميتها.

يساهم فى إشباع احتياجاتهم النفسية «التقدير والحب والانتماء.. إلخ»، وبالتالى تكوين شخصية إيجابية، عدم إشباع الاحتياجات قد يؤدى إلى الاضطرابات والأمراض النفسية.

يكتسب الأبناء مهارات كثيرة كالعمل الجماعى، والتعامل مع الناس، وإداراة الخلافات.. إلخ.

يثرى سيرتهم الذاتية عندما يكبرون ويتقدمون للوظائف، فأى صاحب عمل أو جهة تقدم منحة دراسية يبحثون عن شخص إيجابى، مستعد للتعلم والعمل الجماعى.

خدمة الآخرين تخلص شخصية الأبناء من صفات سيئة كالأنانية والغرور، وتكسبهم السخاء، والتواضع، وسعة الصدر.

تساعدهم فى التعرف على أصدقاء صالحين، ولا يخفى على أحد تأثير الصديق على صديقه خاصة فى سن المراهقة.

العمل التطوعى يجلب البركة إلى حياة الإنسان، وماله، ووقته، وعلمه.. إلخ.

مساعدة الآخرين في الاستثمار على المدى البعيد، لأن تغير المجتمع إلى الأفضل سيفيد الجميع.

كيف تشجعين أبنائك على العمل التطوعى؟

وفقاً لحسن عمر القثمى - باحث وخبير في مجال البرامج التطوعية - هناك ثلاث طرق رئيسية للتحفيز:

    الترهيب: طريقة مغرية لأنها قد تؤتى نتيجة سريعة، ولكنها مع الوقت تفقد تأثيرها وتترك آثاراً نفسية سلبية.

المكافآت المادية: مفيدة جداً في البداية ولكنها تفقد قدرتها على المدى البعيد، لأن الأبناء إذا اعتادوا عليها فلن يتحركوا إلا إذا كان هناك حافز مادى، بالإضافة إلى أنهم ربما يعطون العمل على قدر ذلك الحافز المادي فقط، هذه الطريقة تصلح أكثر مع السن الأصغر.

التحفيز المعنوى: من خلال إقناعهم بفوائد التطوع لهم وللآخرين، وتعريفهم بثوابه، والثناء عليهم عندما يستحقون ذلك.

والطريقة الأخيرة هى الأفضل، لأنها تعتمد على التحفيز الداخلى الدائم، بعكس الطريقتين الأخريين إذ تعتمدان على التحفيز الخارجى الوقتى، ومع هذا، يمكننا حسب سن الطفل وشخصيته أن نمزج بين أكثر من طريقة مع البعد عن أسلوب الترهيب.  

وهذه بعض النصائح والأفكار العملية لتحفيز أبنائك على التطوع:

أشركى ابنك معكِ فى فعل الخير، فمثلاً اعطيه الصدقة وعلميه كيف يعطيها للمحتاج بتواضع.. إلخ.

دعيه يتعرف على قصص لشخصيات خدمت أوطانها.

علميه مساعدة الآخرين وخدمة الكبار.

علميه الإحساس بالآخرين عن طريق رؤية الأقل منه حالاً «زيارة المرضى، توزيع الطعام على الفقراء.. إلخ».

خصصى له مسئوليات يقوم بها حتى يتعود على تحمل المسئولية، كأن يساعد أخاه الأصغر فى ارتداء ملابسه.. إلخ.

تناقشى معه فى فوائد التطوع.

اغرسى فيه أن يكون صاحب رسالة ومبادئ، فمثلاً مبادرة «بص فى ورقتك» أسسها شباب يحلمون برؤية مصر دون غش.

اكفلى يتيماً «مع بقائه فى دار الأيتام»، اصطحبيه للتنزه معكم، واصطحبى أبنائك لزيارته بانتظام.

شجعيه على التطوع بشكل دورى.

اربطى التطوع لديه بخبرة محببة، كأن تصطحبيه إلى نزهة بعد الانتهاء من العمل التطوعى، أو تشجعيه على الذهاب مع أصدقائه.

حثى أبنائك على الادخار فى «حصالة الخير»، وبشكل دورى تفتحون الحصالة وتصطحبيهم للتبرع بهذا المبلغ لأى عمل خير.

اعقدى مسابقة بين أبنائك وأصدقائهم، قسميهم إلى فرق وكلفى كل فريق بمهمة تطوعية.

كيف تكون البداية؟

اجلسى مع أبنائك واسأليهم عما يحلم به كل منهم لنفسه فى حياته، وعما يتمنى رؤيته فى منزله، مدرسته، الحى الذى يعيش فيه، مجتمعه، أو حتى فى العالم، دعيه يفكر ما هى مواهبه؟ وكيف يمكنه أن يفيد بها الآخرين؟.. قد تكون هذه الجلسة هى البداية
التى ينطلق منها ليختار العمل التطوعى الذى يخدم أهدافه.