خيانه الرجل لزوجته

إنّ أصعب ما في هذه الحياة على المرء هو الخيانة، طعمها مر وآثارها مدمِّرة، فالخيانة في تعرفها هي انتهاكٌ لعهدٍ مفترض بين طرفين، والخيانة ليست مقصورة على موضوعٍ واحد أو مبدأ واحد، فقد تكون الخيانة بكشف سرٍّ لصديق ائتمنك عليه، وبيع أسرار بلدك للعدو خيانة، عدم رد الأمانة لصاحبها خيانة، أخذ الرشوة من شركة منافسة خيانة، ولكن أسوأ أنواع الخيانة وأكثرها تدميراً للمجتمع هي الخيانة الزوجية من أيِّ الطرفين، فهي تهدم أساس الأسرة وتنزع عِمادها؛ ومع مرور وقتٍ قليل لا يعود لوجودها أثر؛ إلا إذا كان يوجد اطفال؛ فسيكونون هم الضحايا الأبرياء لهذه الفِعلة الشنعاء.


لا تقل خيانة أحد الزوجين فظاعةً وضراراً عن الآخر، فإن خان أيٌّ منهما؛ فإنه قد ارتكب أمراً عظيماً، ولكن خيانة الرجل – وهي معرِض حديثنا – تكون أقوى وأشدُّ لأن المرأة بطبيعتها كائنٌ عاطفي، فلا تحتمل هذا الفِعل من زوجها. وخيانة الزوج عادةً ما تكون مبرَّرة من قِبَله ولها أسبابها التي دفعته إلى القِيام بهذا الفعل. قد يكون السبب هو تسلُّط المرأة في البيت، فالرجل هو سيِّد البيت ولا تحتاج السفية إلى قبطانين ليقودانها، فإذا وجد الرجل بأن زوجته تسعى إلى استلام زِمام الأمور بدلاً عنه؛ فسوف يلجأ إلى البحث عن امرأةٍ أُخرى تكون إلى جانبه لا فوقه. الفقر الجنسي لدى الزوج من أكثر أسباب الخيانة شيوعاً، فلديه احتياجات جنسية يرغب في قضائها مع زوجته في الحلال، ولكن امتناعها عن تأدية واجبها في هذا الموضوع؛ سيدفعه إلى البحث عن مكانٍ آخر يقضي فيه شهوته. وكذلك في حال أصبحت العلاقة الزوجية مجرَّد روتين أو واجبٍ زوجي بينهما، فالرجل يحتاج إلى أن يشعر بالرغبة الجنسية عند زوجته، فهو ليس مجرَّد آلة جنس؛ ولا يريد أن يُعيد ما يفعلانه مِراراً وتِكراراً، فيحس الرجل بوجود نقص في العلاقة الجنسية ويبدأ في البحث عن مِلئِه بعلاقات أُخرى.


عدم اهتمام الزوجة بنفسها وجسمها سيجعل زوجها ينظر إلى الأخريات بنظرة الشهوة، فهو يُريدُ جسداً جميلاً ممشوقاً، ولكنها بعد عددٍ من الولادات يترهَّلُ جسدها ولا يعود مُغرِياً له، فينسى أن ما أصابها بسبب إشباع رغباته؛ وبدلاً من أن يقوم بعرضها على اطباء تجميل لإصلاح الترهُّلات؛ يقوم باتخاذ الطريق الأسهل وهو البحث عن الفتاة المِثالية بنظره. من الأسباب التي تتعلق بالزوجة؛ قد يكون عدم اهتمامها بزوجها وعدم مراعاة مشاعره واحتياجاته، فيكون الرجل في المرتبة الأدنى على سُلم أولوياتها، فتكون الخيانة علاجاً لهذا الأمر؛ حتى يكون الأول على سلم اهتمامات سواها. وعدم الإهتمام قد يكون بسبب كثرة العناية بالأبناء؛ أو انغماسها بعملها لدرجة أن يشعر زوجها بأنها نسيت بأنها متزوجة أصلاً. قلة احترام الزوجة لزوجها سواء بينهما أو على العلن من الأسباب التي تدفعه إلى أن يكون مع امراةٍ أُخرى، فالرجل لا يحبُّ أن تُقلل زوجته من احترامه وأن تُنزِل مرتبته بين الناس، فهو يريد أن يكون الأعلى شأناً، فإن لم يكن معها فمع سِواها. وجود أصدقاء خائنين يدفع الرجل إلى تجربة العلاقات المُحرَّمة، فهؤلاء الأصدقاء يُزيِّنون له الملذات التي يستمتعون بها في تلك العلاقات؛ فيبدأ في البحث عنها لأنه أصلاً يفتقدها.


الأسباب كثيرة ومتنوّعة، منها ما يكون بسبب الزوجة ومنها ما يكون نتاج تفكير الرجل، ولكن على كل الأحوال ومهما كانت الأسباب؛ فلا يوجد أي مبررٍ يبررُ للرجل خيانة زوجته، فمهما ساءت الأمور بينهما؛ فلابد وأن يكون هناك حل، حتى وإن وصل الأمر إلى الطلاق، ولكن أن يخونها ويبقى معها فهذا غير مقبول. ولنفترض انه طلقها لأنه لا يستطيع أن يعيش معها، فهو إما أن يتزوج سِواها او يصبر، أما الزنا فهو غير وارد على قائمة الخيارات، فهو من الكبائر التي نهانا عنه ديننا الحنيف؛ ولم يجعل له استثناءاً ولا تخفيفاً ولا أسباباً.