تعرضت الباكستانية مختار ماي لاغتصاب جماعي في قريتها، قبل 15 عامًا، لكنها واجهت هذه المأساة بشجاعة جعلتها بطلة عرض "أوبرا" مستوحى من قصتها، حضرته قبل أيام في لوس أنجلوس. وقالت ماي، بعد انتهاء العرض المسمى "ثامببرينت"، الذي قدم للمرة الأولى في لوس أنجلوس، مساء الخميس الماضي: "كنت شديدة التأثر حين بدأ العرض، وبدأت استعرض المأساة في ذهني"، لكن مع مرور فصول الأوبرا أصبحت الأمور أسهل وشعرت بأني شجاعة".
وهذا العمل الأوبرالي من تأليف الهندية الأميركية كامالا سانكارام، وهو يروي حادث اغتصاب هذه الشابة في 2002، حين كانت في الثانية والعشرين من عمرها، وقرارها بعد ذلك بملاحقة المعتدين عليها أمام القضاء، وهو إصرار قلما تقبل الفتيات عليه في باكستان، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، حيث تسود ثقافة الصمت منعًا للفضيحة، وحيث تفضل نساء كثيرات أن يقتلن أنفسهن على أن يعشن في وصمة العار التي يحكم بها عليهن مجتمعهن المحافظ.
وقدم عرض أول لأوبرا "ثامببرينت" في 2014، في نيويورك، ولكنها لم تره قبل الآن، ولحضور هذا العرض سافرت ماي من قريتها النائية في باكستان، ميروالا، إلى الولايات المتحدة، ولكن القصة التي ترويها الأوبرا تختلف بعض الشيء عن ما جرى في الحقيقة، فعلى خشبة المسرح يُحكم على المعتدين بالإعدام، أما في الحقيقة فإن المعتدين ينعمون بالحرية، بعدما أبطلت محكمة الاستئناف الحكم بإدانتهم، فقد اغتصبت الفتاة بناءً على حكم من مجلس القرية، وذلك لغسل العار المنسوب ظلمًا إلى شقيقها، البالغ من العمر حينها 12 عامًا فقط.
وقالت ماي: "الشباب الذين اغتصبوني يعيشون قبالة منزلي، وأحاول أن أتجنب اللقاء بهم في الطريق، وحين أصادفهم يسخرون مني". وتلقت الشابة بعض الأموال على سبيل التعويض، وقررت أن تستخدمها في فتح مدارس وبيت رعاية للنساء في قريتها. ومن المفارقات أن عددًا من أبناء الرجال الذين اغتصبوها يرتادون مدارسها، وأيضًا عدد من بنات أعضاء المجلس المحلي، الذي حكم عليها بالاغتصاب. وأضافت: "يشعر بعض أبناء عائلتي بالغضب، لكنني أفهمهم أنه لا يمكنني أن أرفض أحدًا في المدرسة، لأنها وُجدت ليستفيد منها الكل".
وتزوجت ماي في 2009، وهي الآن أم لثلاثة أطفال، وتدرك أن ما جرى معها شجع كثيرات غيرها على الدفاع عن أنفسهن والمطالبة بحقوقهن، لكنها لا تعقد الكثير من الأمل على أن يرد لها القضاء حقها يومًا ما. وقالت: "الرجال الأربعة الذين اغتصبوني، وزعيما القرية اللذان أعطيا الأمر بذلك، لا يزالون ينعمون بالحرية"، مؤكدة أنها تعبت من أن تكون المرأة التي يشير إليها كل الناس، فيما يعيش المعتدون عليها بسلام ولا يبدو أنهم سيدفعون ثمن جرمهم يومًا ما. وأكدت أنها تتلقى كل يوم تهديدًا على هاتفها وعلى "فيسبوك"، وتشعر بالقلق على سلامة أطفالها، مبينة أنها أبلغت الشرطة عن 35 تهديدًا من هذا النوع، ولم يقبض سوى على شخص واحد فقط، ثم أطلق سراحه دون قيد أو شرط.
وتتمنى ماي أن تعرض هذه الأوبرا في كل مكان، لكنها تستبعد أن يتم عرضها في باكستان. وقالت: "أريد أن يدرك الذين ارتكبوا هذا الجرم حقيقة ما فعلوا".