عبّرت رئيسة "جمعية ماتقيش ولادي" نجية أديب، عن موقفها بكل جرأة من هذا الموضوع، لتكشف عن العوامل المباشرة والمسببة في انتشار ظاهرة اغتصاب الأطفال القاصرين بالمغرب، محملة مسؤوليتها للأحكام القضائية، والتي قالت إنها غير كافية للحد من انتشار حالات الاغتصاب المقلقة التي أضحت تنخر مجتمعنا.
وطالبت رئيسة الجمعية في حوار مع "لايف ستايل" التي تعنى بحماية الأطفال من الاعتداء، "طالبت" من المشرع بضرورة إخصاء المعتدين جنسيا كأدنى عقوبة، باعتبارها حلا أنسب لردع أمثالهم عن اقترافها، بعدما يُصبح آخرون عبرة لهم ولكل من تسول له نفسه القيام بذلك. على حد تعبيرها.. تفاصيل أخرى تجدونها في الحوار التالي:
وقالت نجيّة أديب "في الحقيقة، أرى أن دق ناقوس الخطر أضحى حاليا مسألة مُتجاوزة، ولم تعد كافية للحد أو للتصدي لهذه الظاهرة المخيفة التي باتت تؤرقني أنا شخصيا. وأريد أن أشير هنا إلى أنه في الماضي، كان الناس يتكتمون على هذه الجريمة خوفا من العار و"الشوهة" لأن مجتمعنا لا يرحم. ما يفسر انها ليست وليدة اليوم وإنما منذ قرون، لكن الذي تغير كون أن الناس أصبحوا يتكلمون في هذا الموضوع بدون طابوهات. بالمقابل، أؤكد أنه لم تعد هناك حالات شاذة داخل مجتمعنا، بل تطورت وتحولت إلى ظاهرة قائمة بذاتها، وهذا هو الخطير في الأمر".
وعن العوامل المباشرة وراء تنامي هذه الظاهرة كشفت :"الذي يشجع بالدرجة الأولى على تنامي هذه الجريمة البشعة، هي الأحكام القضائية التي تُصدر في حق مُرتكبيها عديمي الضمير. فمادامت هناك أحكاما مخففة "مُخجلة" إن صح التعبير، فلن نجد سوى تكرارا لمثل هذه الممارسات اللاإنسانية واللاأخلاقية التي تحدث داخل مجتمعنا، بحيث دائما هناك حالات العود. يعني حين يقوم المجرم باغتصاب طفل أو طفلة ويخرج بعدها من السجن، غالبا ما يعود إلى اقتراف جريمة مماثلة، وذاك بسبب غياب رادع قانوني صارم لثنيه عن القيام بذلك. وهنا أؤكد في حالة ما تمت إدانته".
وتابعت :"للأسف هناك الكثير من الجُناة، يستفيدون من السراح المؤقت المؤدي نفسه إلى طريق البراءة. لذا من المخجل حقا أن يتم إصدار أحكام قضائية كهذه في حق ذئاب بشرية تستحق الإعدام أو الإخصاء كأدنى عقوبة، وهو ما نطالب به الآن، وما زلنا مصرين على تطبيقه كعقوبة، والتي نراها ستكون فعالة في الحد من انتشار اغتصاب الأطفال الأبرياء ببلدنا".
هناك أمثلة عديدة، ويمكن أن أستدل بواقعة بشعة حدثت بمدينة سلا خلال شهر رمضان الماضي، وهي تدخل في إطار زنا المحارم، راح ضحيتها طفل لا يُناهز عمره 6 سنوات. كان قد تعرض إلى اعتداء جنسي وحشي على يد عمه وابن عمه. وقد حكى لي شخصيا، أن والدته حين كانت تتوجه إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، كانت تتركه إلى حين عودتها ببيت جدته "أم زوجها"، حيث يقطنان معها عمه وابن عمه، فكانا يستغلا غياب الأم، في التغرير به والتناوب على اغتصابه، إلى أن أصبح وضعه الصحي كارثيا يندى له الجبين من شدة مأساته.
ورغم هذه الجريمة البشعة، إلا أنني أتفاجأ مؤخرا بمثولهما أمام محكمة الاستئناف بالرباط من أجل مناقشة هذا الملف ، وهما يتمتعان بحالة سراح مؤقت في انتظار أن تنعقد جلسة أخرى من أجل المرافعة في الموضوع خلال أواخر الشهر الجاري.
وكانت كل من النيابة العامة وقاضي التحقيق، تابعا المتهمين بما نُسب إليهما.. فاستأنفوا الحكم في الغرفة الجُنحية أي بغرفة المشورة، حيت ثم تمتيعهما بالسراح المؤقت. علما أن نفس الغرفة، سبق أن متعت جانحين آخرين بالسراح المؤقت في أكثر من مناسبة. وهذا مخجل و"حشومة".
وقالت :"عاينته وتأثرت كثيرا لوضعه المأساوي .. حقا ما يحدث للقاصرين والأطفال بالمغرب شيء فضيييع، وليس أطفال الشوارع أو ضحايا الطلاق أو الفقر أو الهجرة القروية.. وحدهم من يتعرضون للاغتصاب. فهناك أطفالا ينتمون لعائلات ميسورة جدا. ورغم عيشهم في الرفاهية، إلا أنهم يتعرضون لاعتداءات جنسية، إما من طرف الخدم أو السائق أو الطباخ .. الخ. فجميع الأطفال بصرف النظر عن وضعيتهم وظروفهم الاجتماعية والبيئية، نجدهم مهددين باستمرار بخطر الاعتداء الجنسي. حتى داخل المدرسة أو في الحضانة أو "المسيد".. نجد خطرا يحذق بهم على نحو مستمر. وبحكم عملي الميداني وما أصادفه من كوارث يومية، استنتجت أن الثقة انعدمت، حتى نفسك لا يمكنك أن تثقي بها. للأسف الشديد، هؤلاء المجرمين عديمي الضمير "ما وقروش" حتى الرضع. والأمثلة عديدة على ذلك. كالمجرم الذي اغتصب ابنه وعمره لا يتجاوز 40 يوما، نتج عن وفاته. أيضا في منطقة بير الجديد، حيث سجلنا حالة اغتصاب أخرى، بطلها خال ضحية، والتي لم تكن سوى طفلة رضيعة لا تناهز 3 سنوات، مسببا في وفاتها. أيضا ما وقع مؤخرا في كل من مدينتي تارودانت وقلعة السراغنة والفقيه بنصالح واللائحة طويلة.
وتابعت أديب :"من يطالبون بتمتيع هؤلاء بالحق في الحياة، ها هم يتمتعون به على حساب أطفال أبرياء... فإذا لم يكن من الممكن معاقبتهم بالإعدام في الوقت الراهن، فعلى الأرجح أن يتم إخصاءهم كي يصبحوا عبرة لكل من تسول له نفسه القيام بذلك. وأمام غياب رادع قانوني صارم، يصعب حقا الحد من انتشار هذه الظاهرة المخيفة التي أصبحنا نتجرع مرارتها يوميا. فهل يُعقل أن يُخفف عن مجرم انتهك عرض طفل واعتدى عليه جنسيا. وأتحدث هنا عن إمام مسجد، حيث اغتصب طفلا لا يتعدى عمره 8 سنوات. وبعدما أصدر القضاء حكما بحبسه لمدة 5 سنوات، قلص فجأة من عقوبته إلى ثلاث سنوات، بعدما استأنف الجاني هذا الحكم. للأسف "ماكاين غير طحن مو" فعلى غرار ما وقع بالحسيمة، يحدث أيضا مع أطفالنا في مختلف مدن المملكة، والسبب واضح، كون أنه ليس هناك صرامة في إصدار الأحكام، وأشدد بالمقابل على ضرورة معاقبة معتدين أشد العقوبة".
عادة نتوصل بشكايات يومية، لكن ليست هناك إحصائيات دقيقة، لأن ما نتوصل به يظهر فوق السطح فقط أما ما خفي فهو أفضع. لكن الذي نسجله، أن الذكور يتعرضون للاغتصاب أكثر من الإناث، لا أبدا أولا إلغاء الفصل رقم 475 من القانون الجنائي الذي كان يُبيح تزويج القاصر من جلادها أو مغتصبها، لم يتحقق إلا بعد خوضنا احتجاجات ومسيرات نضالية تبنيناها كجمعية حقوقية إلى جانب جمعيات أخرى، لمدة طويلة، وهو مطلب تحقق بالفعل، ونعتبره مكسبا مهما. بالمقابل لم يحدث أن وقع أي انفلات قانوني في هذا الباب. هناك اغتصاب وحبس "ماكاينش الزواج".
هذا صحيح ففي الوقت الذي كنا نطالب فيه مثلا بإلغاء الفصل 484 من القانون الجنائي، والذي ورد فيه هتك عرض قاصر بدون عنف.. تساءلنا هل هناك هتك عرض بدون عنف في حق الضحية. فكان هذا مطلبنا الأساسي، دافعنا عنه باستماتة من أجل تحقيقه، و الحمد لله المجلس الأعلى للقضاء انتبه لذلك، ولم يعد هناك شيء اسمه اغتصاب بدون عنف وإنما مقرونا به.
وقالت :أعتبر أن القاصرين الذين يغتصبون الأطفال هم مشاريع بيدوفيليين، لأنهم يمتلكون جيناتهم، ولو كانوا قاصرين، فيجب أن يسري عليهم نفس العقاب الذي يسري على الراشدين"، فما دام هؤلاء يستطيعون ممارسة الجنس، فهم يستحقون عقابا قاسيا، لأنهم سيدخلون إلى السجن وسيخرجون وسوف يعودون إلى اغتصاب الأطفال من جديد، وهكذا".
والطفل الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، ما ذنبه؟ كيف سيعيش حياته في المستقبل؟ ما هو مستقبله؟ وهذا الذي يقولون عنه قاصر، هل هو قاصر فعلا، أم أن له عقل شيطان؟. لذا أشدد على قساوة العقاب في حق هؤلاء الذي "يُعتبرون قاصرين، وهم في الحقيقة مجرمون اقترفوا جرما لا يُغتفر، ويجب عليهم أن يُعاقبوا ليكونوا عبرة للآخرين حتى يتوقفوا عن الاغتصاب والاعتداء على أطفالنا، لأن أطفالنا هم المجتمع كله فهم مجرد بيدوفيليين، ولن ننتظر منهم أن يتغيروا، إنهم منحرفون وسيظلون منحرفين.