يبدو أن الأزياء والموضة ستتخذ معنى جديد تمامًا في عام 2016، فقد أصبحت الملابس وسيلة قوية وبسيطة لإخبار الناس بما تعتقده من خلال ما ترتديه، فهي تعتبر لغة مشتركة للتواصل، وبالتالي كثر استخدامها في التظاهرات السياسية والثقافية، ففي إحدى الأوقات كان الثوب السياسي هو ثوب الطبقة السياسية، لكن في 2016 أصبح مصطلح يفعله الجميع ويلعنه البعض.
ونظرة على بعض الأحداث تؤكد هذه الرؤية, ففي أوائل فبراير/ شباط عندما سارت الفنانة بيونسيه على أرض ملعب ليفي سا سانتا كلارا في كاليفورنيا في عرض مباراة سوبر بوول50 "Super Bowl 50" وتبعها فريق من الراقصات في زي مقصود وذلك من أجل تحية فريق بلاك بانثرز "Black Panthers" لتقديم عرض لأغنية باسم أنثيم "anthem" من حركة "حياة السود مهمة".
وأطلقت كذلك وزيرة حقوق المرأة الفرنسية لورانس روسينول الشرارة الأولى في أبريل/ نيسان عن الموضة التي انتشرت بسرعة البرق وهي "البوركيني"، حيث وبخت روسينول المصممين من العلامات التجارية مارك& سبنسر ودولتشي أند غابانا لتصميم هذا الزي للسوق الإسلامي من خلال تقديم بدلة سباحة إسلامية كاملة من الأزياء الراقية، واتهمتهم بدعم تغطية وحبس جسد المرأة لدعم صناعتهم.
وتحدثت بيير بيرغ المؤسسة المشاركة لفيس سانت لورانت "Yves Saint Laurent"، مرتدية ثوب معين والذي أصبح رمزًا للجدل حول التوازن بين قيم التنوير والمجتمع المدني وما إن كانت الحرية تشمل حرية ارتداء ما تريد، وأصبحت القضية عالمية بحلول أغسطس/ آب وطالبت النساء المسلمات بالحصول على الاحترام والمعاملة بالمساواة عندما يتعلق الأمر باختيار ملابسهم.
وأصبحت المبارزة الرياضية ابتهاج محمد أول رياضية أوليمبية تنافس لأجل الولايات المتحدة مرتدية الحجاب، وتبعتها الإندونيسية أنيسا حسيبون وهي أول مصممة تقرن الحجاب بكل تصميماتها خلال أسبوع الموضة في نيويورك، كما بدأ المصممون البريطانيون في يونيو/ حزيران في الإعلان على الملأ عن رأيهم المضاد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مستخدمين عروض ملابس الرجال في لندن تعبيرًا عن موقفهم، حتى أن المصمم دانيال جورج فليتشر لم يكتفي بالاعتصام خارج مقر العرض لكنه جعل المحتجين يرتدون قمصان عليها كلمة "ابقوا".
وقررت فرق "W.N.B.A" في يوليو/ تموز بقيادة منيسوتا لينكس وجماعة حرية نيويورك توحيد الزي وارتداء قمصان سوداء عليها شعارات (حياة السود مهمة، دالاس5) "#black lives matter و "#Dallas5" على الرغم من الغرامات الفردية التي فُرضت على الفرق إلا أن استمروا في فعلهم، وانتشرت صورة أصبحت رمزًا وطنيا لامرأة مرتدية فستان في مواجهة الشرطة في باتون روج في احتجاجات على مقتل ألتون ستيرلينغ وما أظهرته الصورة من تناقض بين زيها وبين زي قوات مكافحة الشغب الأسود وهو ما أشار إلى الخلل النامي في جميع أنحاء البلاد، وشهد هذا الشهر انتخاب تريزا ماي كرئيسة وزراء وأثير جدل حول أحذيتها الخيالية والتي زعمت ماي بفخر أنها تكسر الحواجز في الاجتماعات رفيعة المستوى.
وظهرت هيلاري كلينتون على خشبة المسرح في المؤتمر الوطني للحزب "الديمقراطي" في فيلادلفيا بوصفها أول امرأة تترشح إلى منصب الرئاسة لكنها ظهرت مرتدية بدلة بيضاء اللون للتأكيد على الرسالة، متبعة بذلك ما فعله المنادون بحق المرأة في الاقتراع عام 1913 عندما تبنوا اللون الأبيض كلون مميز لهم، وتبعهم في ذلك غلوريا ستاينم وبيتي فريدان في عام 1978 عندما ارتدوا الزي الأبيض في مسيرة لحقوق المرأة في واشنطن، ثم غيرالدن فيرارو وبدلتها البيضاء التي ارتدتها عند قبول الترشح إلى منصب نائب الرئيس من قبل الحزب "الديمقراطي" عام 1984.
ومثّل أسبوع الموضة في نيويورك فائدة لهيلاري كلينتون بضيافة آنا وينتور رئيس تحرير مجلة فوغ أميركان، والتي ارتدت فستان من تصميم جيسون وو يضم ظلال مختلفة من اللون الأزرق، وكانت حفلة الافتتاح بمثابة "مسابقة للشعب" بحضور الكثير من النماذج، وفي باريس عززت ستيلا مكارتني تمكين المرأة من خلال شعارات "لا للجلد" على أزيائها من القطن والدانتيل، وفي أكتوبر/ تشرين الأول ارتدت نحو 160 راقصة بدلة بانتسويت باور "pantsuit power" في ساحة الاتحاد في نيويورك لإظهار دعمهم لهيلاري، وشوهد الفيديو الذي سجل العرض أكثر من 91 ألف مرة.