أصبح الاستيلاء الثقافي مشكلة في صناعة الأزياء؛ ولكن أحدث عرض الأزياء المتألق لدار الأزياء "ديور" في المغرب، انطباعًا جديدًا، حيث سلَّط الضوء أيضا على الثقافات المحلية.
ويعد قصر البادي الذي احتضن عرض أزياء دار "ديور" بعنوان "كروازير 2020"، من أجمل الأماكن في مدينة مراكش المغربية، وقد بنيت أسوار القصر على يد السلطان أحمد المنصور الذي يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر، وأنهارت الأسوار المهيبة منذ فترة طويلة، وداخل القصر يمكن تتبع المسارات على الحدائق الغارقة، حيث ينمو البرتقال بمستوى قدميك وأنت تمشي.
وصار القصر مكانًا مناسبًا لعرض الأزياء، الذي عقد الاثنين الماضي، وحدث العرض عند الغسق على أضواء الشموع العائمة على الماء، والمقاعد الحجرية المليئة بالوسائد المطرزة، كان عرضا طموحا حتى بمعايير صناعة الفخامة المتواصلة، وإلى جانب كون العرض رائعا، كانت المتعة حاضرة بوجود ديانا روس بعد العرض.
وسلطت المديرة الإبداعية لديور ماريا غراتسيا كيوري، في اليوم السابق الضوء على "الانعكاس الفكري على الموضة" والذي تناول قضية صناعة الزر الأحمر المتعلقة بالاستيلاء الثقافي .
اقرا ايضاً:
"ديور" تعتمد 15 إطلالة مستوحاة من "السيرك"
وفي خروج على تقاليد الدار الفرنسية، أوكلت ديور مهمة تصنيع الأقمشة لشركة مقرها أبيدجان، وشملت المجموعة تصاميم منقوشة من الجانبين، إذ يعد هذا نقطة تحول كبيرة لدى ديور، كما أنها حقبة جديدة لدار الأزياء حيث التحول في الفضاء الثقافي الذي يحتله عالم الأزياء. ما يهم ديور في ذلك، يرجع إلى احتلالها عرض النطاق الترددي في عالم الموضة أكثر من أي وقت مضى، فقد أعادت ديور قمصان الشعارات النسوية.
وكان من بين المدعوين للحضور، مشاهير من أمثال الممثلة الأميركية جيسيكا ألبا، ومنسق الاسطوانات الإيطالي جوفانيتي، قدما خصيصا لحضور هذا العرض المكرس لتلاقي الثقافات مع 89 مرورا لعارضات من أصول متعددة، فضلا عن تزاوج جريء للألوان والأنسجة.
ويظهر اختيار مراكش مدى تغير ديور الكبير في الاتجاه، وتشكل هذه المجموعة خريطة للعالم تربط ما بين الصور والأجواء العامة في هذه المنطقة من البحر المتوسط. وقد أرادتها كيوري أن تكون أشبه بحوار ثقافي يشكل ملتقى لمختلف الوقائع والأزمنة، كما حرصت على أن تجعل منها ذاكرة جماعية تجمع بين قواسم مشتركة منفتحة على كافة أنواع الاحتمالات.
ويُذكر أن كيوري سافرت بنفسها إلى استيديو يوني واكس، ومصنع الأقمشة في أبيدجان في ساحل العاج، لتبحث عن الحرير الطبيعي والأقمشة المحلية. ذهبت ديور إلى أفريقا لتحصل على الأقمشة التي ستظهر على منصة عرض الأزياء، وتأخذنا ديور في مجموعتها الجديدة برحلة تنطلق من أوروبا وتجول في آسيا لتحط رحالها في إفريقيا.
واستعانت في تنفيذ إطلالاتها بالأقمشة المطبوعة بالشمع التي تجمع بين التنوع والاختلاف والنسوية، وشكلت هذه الأقمشة نقطة انصهار ثقافية بين إرث دار ديور وحرفية مصنع واستوديو يوني واكس.
وتعد الاعتمادات الثقافية قضية مهمة في عالم الموضة، فقبل عامين تسببت ضفائر شعر عارضة الأزياء بيلا حديد، في موضجة انتقادات في مهرجان أسبوع الموضة في نيويورك في عارض أزياء مارك جاكوبس.
وعلى كل مقعد في عرض ديور، كان هناك اقتباس من كتاب المؤلف المغربي طاهر بن غلون بعنوان العنصرية التي شرحتها لابنتي، والتي من بينها "تعلمنا الثقافة أن نعيش معا، وتعلمنا أننا لسنا وحدنا في العالم، وأن الآخرين لديهم تقاليد وطرق عيش مختلفة صالحة تماما مثل تقاليدنا."
وقالت كوروي قبل العرض، "ديور علامة تجارية عالمية. وبينما ننتقل إلى المستقبل، نحتاج إلى تمثيل العديد من وجهات النظر المختلفة، وليس فقط وجهة نظري".
وابتكر الخياط الإفواري باثي أودراوغو، والذي اشتهر بتصميم أزياء الرئيس الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، في محاولة لإدخال أصوات جديدة في المحادثة، قطعة ملابس لهذه المجموعة، وتم دعوة غريس ويلز بونر، المصممة البريطانية الشابة المختلطة العرق، والتي توضح ملابسها عمليات الفكر الخاصة بها حول الهوية؛ لإعادة تخيل سترة البار التقليدية لديور.
وتعد القصة الخيالية لعملاق الأزياء الفرنسي رائعة لدرجة لا تصدق، ويجب أن تكون كذلك، وسط نظام تسيطر عليه الرأسمالية، التي تتحكم جزئيا في ديور، وتبقى غير متكافئة، حتى مع تشجيع التبادل الثقافي الإيجابي والضمير الاجتماعي على منصة عرض ديور.
قد يهمك ايضاً: