سجلت كوريا الجنوبية في العام الماضي، أدنى معدل خصوبة في تاريخها بمعدل طفل لكل امرأة، ومع وجود هجرة لا تُذكر، تحتاج البلاد إلى مضاعفة هذا الرقم للحفاظ على الوضع الاقتصادي الراهن، ولكن نتسائل عن وجود نوع من الارتباط الخفي مع أسبوع الموضة في العاصمة سول، فكل ما يمكننا قوله هو أننا لم نر أبدًا مثل هؤلاء الأطفال المولعين بالموضة والأزياء، مثل أولئك الذين يتواجدون على المنصة غير الرسمية، في المبنى الضخم، الذي صممته زها حديد، حيث أقيم 64 عرضًا للأزياء الأسبوع الماضي، للاطفال الصغار، بعضهم لا يتعدى الثلاث سنوات، إلى الاطفال في سن البلوغ.
على الرغم من الظروف القطبيّة، فإن أزياء الشارع هي المستحوذة على المنصة في سول، ليس فقط للأطفال دون سنّ الخامسة، بل للمراهقين ايضا، ما يدفع الكثيرين من المناطق المجاورة للتوجه إلى هناك في عطلات نهاية الأسبوع لتجربة حظّهم، فالعروض مفتوحة للجمهور، لذا فإن الصفوف الأمامية أقل شهرة من الغرب.
إذا كانت الفتيات الصغيرات جميلات، فإن الأولاد أجمل، مع عظام الخدين المرتفعة ولون بشرتهم النقي والرقيق والطبيعي على عكس الرجال والنساء حيث انه بفضل الكريمات باهظة الثمن، ينفق الرجال الكوريين الجنوبيين على منتجات التجميل والجراحة التجميلية الميزانية الأكبر في العالم (على الرغم من أن التأثيرات تبدو طبيعية بشكل كبير)، كما أن الشعر كان من أبرز الاقسام الترفيهية الضخمة في اسبوع الموضة في سول، من الشعر الوردي، والشعر البنفسجي، والشعر الأسود الباهت، والبني بتصفيفات مختلفة جعلت من عروض الأزياء منصة خاصة جدا.
تعتقد دول العالم، ولا سيما أقرب جيرانها، أن سول هي أروع مكان على الكوكب، على الرغم من أن مشترًا واحدًا من لندن اعترف بأنها كانت محبطة بعض الشيء هذا الموسم، "لقد كان أكثر بكثير قبل عامين، الآن أشعر أن الأمر مماثل لكل الأماكن الأخرى"، ويتم تمويل أسبوع الموضة في سول من قبل حكومة كوريا الجنوبية.
ان المعاطف المتضخمة ومعاطف المطر، والسترات الجلدية، كلها شائعة في الغرب، لكن في سول، سواء داخل أو خارج المنصات، يبدو الأمر وكأنهم جزء من زي إجباري، كما شهد أسبوع الموضة في كوريا ظهور الأطفال في العرض يرتدون ماركات "شانيل" و"بربري" و"فيللا"، ويشاركون في عرض الأزياء في الشارع مثل باقي العارضين الكبار، ويقدم الأسبوع مثالا لخلط جميع طبقات المجتمع معا من خلال ارتداء ملابس الشارع وإكسسوارته.
ويعد سوق تصميم الأزياء في كوريا سوق حديث، مازال يتحسس فيه المصممون الكوريون طريقهم في عالم الموضة، كما ان هناك علامات على وجود المزيد من النزعة المحلية، حيث أن العلامات التجارية الكورية تؤدي دورا جيدا للغاية في موقع "Selfridges" حيث ان "Blindness"، وهي علامة كورية جنوبية رائدة، قدمت قائمة مرموقة لجائزة LVMH العام الماضي، وفي الوقت نفسه، لا يوجد نقص في التصميمات المذهلة، حتى من العلامات الصغيرة مثل Blanc de Noirs و Kumann Yoo Hye Jin، كما أن جودة العمل في كوريا عالية - وأرخص من الغرب من حيث التكلفة، فعندما تجمع العلامة مثل Solid Homme، بين التصنيع المحلي والأقمشة الإيطالية، فمن الصعب تفوق الغرب عليها.
وعلى الرغم من ان الإيجارات مرتفعة جدًا، وهذا لا يساعد النساء الكوريات في الانجاب، ويؤجلون الولادة حتى يبلغوا سن 31، الا انه لا يعني أن الأسعار الباهظة تردع العلامات التجارية عن فتح متاجر أكثر لمعانًا ومتعة بالمدينة والتي تعد موطنًا لمتاجر الأزياء الأكثر شهرة في العالم مثل: كورسو كومو، سيلين، أرماني (أول مصمم غربي يقوم بإعداد متجر هناك في الثمانينيات)، بالإضافة إلى متاجر محلية مثل "بون شوب"، المليئة بالعلامات الدولية مثل Erdem وChloe وStella McCartney وAlexander McQueen.