توجهنا إلى "بوتيك" ربيع كيروز في منطقة الصيفي، بحثًا عن الجمال وسط بشاعة الحاضر، فهناك يعرض كيروز، كعادته السنوية، مجموعته الجاهزة لخريف وشتاء 2017 بمناسبة الأعياد، لكنه لا يرضى أن يكون وحيدًا بين زبائنه، بل يدعو أحد المصمّمين الصاعدين ليدعمه ويشاركه العرض، وفي هذا العام، حالف الحظ مصمّمة الجواهر الشابة كرمى سلمان، وبيروت باستضافة كيروز، للصديقة المقرّبة من لولو دو لا فاليز ومصمّمة المجوهرات لدار Yves Saint Laurent، مستشارة الأزياء آرييل دو رافنيل، إذ توقّع دو رافنيل كتابًا تذكاريًا عن لولو "أيقونة الموضة" الراحلة، وتعرض بعضًا من مجوهرات كانت قد صمّمتها.
كان في الاستقبال، المصمم اللبناني العالمي ربيع كيروز، وسط مجموعة تنسكب فيها الرؤية العصرية والعملانية في آن، إذ يتحدث كروز عن التصاميم لـ"النهار" قائلًا: "أرى أن أزيائي لبنانية أكثر من سواها، كوني لا أذهب إلى الزخرفات الغربيّة بل أعتمد القَصَّة المريحة للمرأة التي يمكنها ارتداؤها إلى أي مكان"، متابعًا بشأن مجموعته لخريف وشتاء 2017، التي يعرضها في "البوتيك" تحت عنوان "حمّام"، إذ يرى فيها المرأة خارجة من الاستحمام فتلفّ جسدها بالمنشفة الظاهرة في أزياء كيروز الواسعة، وتحاول الإحاطة بجسد المرأة كاملًا.
بين الحرير والصوف والبروكار وأنواع أخرى من الأقمشة الراقية، نرى المرأة المرتدية أحد هذه الأثواب الجاهزة، كأنها خارجة من الماء على ضفاف نهرٍ فينيقيٍّ قديم، ويبدو من الألوان المعتمدها أنه مغرمٌ بالأحمر، إذ أخبر كيروز "النهار" عن دعمه الكامل للشباب من خلال مؤسسة"Startch" ، فيختار كل عام عددًا من المصمّمين الشباب ليدعمهم ويعرض تصاميمهم في "البوتيك" الخاص به، مضيفًا أن لديه شغف بالتعرف إلى المصمّمين الشباب الصاعدين.
واعترف ربيع، بدعم أهله له وعدد من الأصحاب وبعض زبائنه، الذين آمنوا بعمله، وبشأن المرأة التي ترتدي أزياءه، قال كيروز "إنه لا يتخيل شكل جسدها وحجمه إذ ينظر إليها كامرأة جريئة واثقة من نفسها، ومن أناقتها إلى أقصى حدّ"، موضحًا أن المرأة التي تؤثر فيه "تلفتني التي لديها ثقة كبيرة في نفسها ولا تهتمّ لأي عيوب في جسمها، بل أنظر إلى إطلالتها الواثقة الخطى وإلى استقامة كتفيها".
وكان كيروز، قد بدأ عمله في لبنان ثم أسس "دار ربيع كيروز" في باريس منذ 5 أعوام، حيث ينفذ تصاميمه في محترفه الفرنسي بأجود الطرق، يُعلن تميّزه عن المصمّمين اللبنانيين، قائلًا: "أنا لا أسعى للتميّز عن أحد، بل أنفذ رؤيتي وهي التي تجعل الزبائن يرون ما فيها من تميّز"، متابعًا "أفتش عن الأصالة في العمل في مجال الأزياء وأهمية عمل ما نحبّ إذ نضع روحنا فيه"، أما بالنسبة إلى انشغاله عن حياته الخاصة، اعترف كيروز، أن عمله يسرقه من حياته ويأخذ كامل وقته، إلاّ أنه يجد الفرصة ليعطي عائلته حقّها.
إذ يريد كيروز، أن يرى القطع والأزياء الموقّعة من داره في الشارع وفي أي مكان عام، لا يريد أن يعرض أزياءه مرة فوق المنصة، وتضعها المرأة في خزانتها، بل يودّها قطعًا يومية تعشقها المرأة وتتوق إلى تكرار لبسها.
كرمى سلمان وعلاقة المجوهرات بالجسد والحرب
في وسط "البوتيك"، منصة تنعكس الأضواء عليها بقوّة، إذ تحوي مجوهرات بأحجام ضخمة من تصميم الشابة اللبنانية كرمى سلمان، 23 عامًا، التي درست الفنون الجميلة في لبنان، ثم سافرت إلى لندن لتتابع دراستها في تصميم المجوهرات، وفي حديثها لـ "النهار"، أشارت كرمى إلى "أن ربيع كيروز هو من دفعها إلى إتمام هذه المجموعة الصغيرة من الأساور والخواتم والعقود، وتعهّد أن يقدمها لها خلال احتفال داره في موسم الأعياد"، ولبّت الطلب مقدّمة مجموعة صغيرة من الأكسسوارات الذهبيّة الرائعة فعلًا.
فيما تقدّم كرمى، أوّل مجموعة لها من الذهب والألماس تحت عنوان "ACANA" أو المحارب، قائلة لـ"النهار": "أهدف من خلال تصاميمي الكبيرة إلى إشعار المرأة بالقوة والحماية، كما أريدها أن تندمج مع أي قطعة ترتديها"موضحة نظرتها إلى المجوهرات وعلاقتها بالجسد، إذ ترى "أن خلق الفراغ في قطعة المجوهرات لا يكون عبثًا، بل ينبع من مشيئة خاصة في إيجاد تكامل بين الجسد والقطعة كأن الواحد يكمل الآخر".
وبشأن أصل تسمية المجموعة بـ"المحارب"، إن كان ذا صلة بالجوّ العام، نفت كرمى، "أن كل قطعة تحمل اسم محارب حقيقي تعرفه شخصيًا، يناضل ويكافح في الحياة اليومية"، وعن شغفها بالمجوهرات وتخصّصها في تصميمها، أكدت "أن حبّها للمجوهرات بدأ معها منذ صغرها، إذ إنها الهدية الأهم والأغلى على قلبها في كل مناسبة".
وتمنت كرمى، أن ترتدي فستان زفافها من تصميم ربيع كيروز، معبّرة عن إرادتها في التقدم في مجالها "خطوة تلو الخطوة من دون قفز المراحل"، إذ إنها كلاسيكيّة وعصريّة حسبما يظهر من خلال تصاميمها، ولا يوجد حالة أو موقف أو مصدر إلهام لها سوى حبّها لصناعة ما تراه جميلًا، إذ تعبّر عن إعجابها بتصاميم Buccelatti الإيطالية ودينا كمال اللبنانية.
شهادة آرييل دو رافنيل في دو لا فاليز وكيروز
وفي زاوية من "بوتيك" كيروز، جلست مستشارة الأزياء آرييل دو رافنيل، التي تعرّفت إلى كيروز منذ خمسة أعوام، وصديقتها لولو دو لا فاليز، وحين توفيت لولو قرّرت آرييل أن تصدر لها كتابًا، أراد كيروز أن توقّعه في لبنان، ومن "بوتيكه" خصوصًا.
فيما أوضحت دو رافنيل لـ"النهار": "أحببت الأزياء التي يقدّمها كيروز، إذ أنها مختلفة عما نعرفه عن الموضة اللبنانية الكلاسيكية جدًا، لديه رصانة في عمله ويعرف كيف يختار الأقمشة والألوان، وكذلك نقاوة مطلقة في الأشكال والتصاميم التي تجعله مميّزًا بالفعل عن بقية المصمّمين اللبنانيين في الخارج".
كما ترى دو رافنيل، في أزياء كيروز الحياة الطبيعيّة، وهي تمثّلها تمثيلًا دقيقًا، ويمكن ارتداؤها في الشارع وأي مكان عام كما هي فاعلة، كما تقدم أيضًا مجموعة جواهر من الذهب والأحجار الملوّنة بألوان الحياة، التي أحبّتها أيقونة الموضة الراحلة لولو دو لا فاليز، ومصمّمة المجوهرات لدار "Yves Saint Laurent"، وسبق لها أن رسمت التصاميم وحدّدت الألوان، وها هي آرييل تعيد تنفيذ ما أرادته يومًا صديقتها المقرّبة.
ولدى الحديث عنها، نلاحظ تأثّر دو رافنيل الشديد، إذ قالت "كانت شخصًا كاريزماتيكيًا ساحرًا ضحوكًا ومرحًا جدًا أينما حلّ، كما أنها امرأة دؤوبة على عملها ومخلصة له بل مغرمة به، كما أنها عطوف جدًا على من تعمل معهم، وهذا ما لا يعرفه الجميع عنها"، متابعة "لولو تعرفت إلى ربيع وكانت تعشق تصاميمه ولا تفوّت أي فرصة لحضور عروضه في باريس".
وبشأن لبنان الذي تزوره آرييل إلى الأحد، يوم انتهاء العرض، أكدت: "وصلت بالأمس وهذه زيارتي الأولى له، لكنني رأيت بيروت، والأجمل أنه لدي الكثير من الأصحاب والأصدقاء اللبنانيين الذين أعرفهم سابقًا"، مشيرة إلى أن "الشعب اللبناني ودودٌ ومضياف تمامًا، كما أنه خلاّق ومبدع بالطبع"، ومعبرة عن إعجابها بتصاميم كرمى، إذ ليس من السهل أن تبدأ بخط جديد، لافتة إلى أن تصاميم لا فاليز موجودة في محل "Liwan" في بيروت وباريس.