العباءة الرجالية

عرفت علاقة الإنسان بفرسه منذ القدم حتى أخذ يتغزل بهذه العلاقة وينظم القصائد، وإلى الآن لا تزال من الإبداعات الأدبية الخالدة، وللرجل علاقة أخرى حميمة لا تقل أهمية عن علاقته بفرسه إلا وهي علاقته بعباءته، فللعباءة مكانة كبيرة عند العرب منذ أقدم العصور فهي التي تقيه برد الشتاء وحرارة شمس الصحراء وتقي وجهه رمال الهيجاء، ورغم تطور الحياة بقيت العباءة رمزًا لعدد كبير من الرجال الذين يشعرون بأن أناقتهم لا تكتمل إلا بها.

وللعباءة أنواع مختلفة تتفاوت أسعارها بشكل متفاوت وقد تصل إحداها إلى 10 أضعاف سعر الأخرى، ومن أهم أنواع العباءات هي النجفية تليها "دشت" التي يتغير لونها تبعًا للإضاءة الموجودة والعباءة الحسائية واللندني والماريني.

وكانت العباءة تسمى رداء، وأول من استخدمها كلباس له هو الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، واشتهر العراق بصناعة العباءة الرجالية وخاصة في مناطق الجنوب والفرات الأوسط، ومن المدن التي تشتهر بهذه الصناعة، مدينة العمارة الجنوبية لكونها من المدن العريقة والتاريخية وتقطنها قبائل عربية تستهوي لبس العباءة، ويمتهن عدد كبير من أبناء ميسان مهنة صناعة العبي الرجالية، حيث أن الزائر للعمارة يستوقفه منظر خياطي العباءة وهم يقومون بعملهم بكل هدوء وحذر لأن هذه الصناعة تحتاج الى دقة وبراعة كبيرتين.

ومن أشهر صانعي العباءة في مدينة العمارة الحاج "طالب الشمري" الذي تحدث عن عمله قائلًا: "توارثنا هذا العمل جيلًا بعد جيل لأن الذي يعمل بهذه الحرفة يجب أن يكون خبيرًا بها لأن أي خطأ قد يؤدي إلى خسائر مادية كبيرة"، وفي شرحه لمراحل عمل العباءة، أضاف "العباءة تدخل بمراحل عديدة، إذ تجمع الأصواف الجيدة في موسم جز الصوف "الكصاص" والتي تصلح للغزل وخاصة "حوايا" الأغنام وظهورها ثم تغسل جيدًا بعدها تقوم مجموعة من الرجال الماهرين "الغزالون" بغزل هذه الأصواف وبعد إتمام الغزل المطلوب ترسل إلى النساجين "الحياك" لتصبح عباءة أو ما يسمى "بالخاجية" ثم يأتي دورنا نحن الخياطين وهي آخر مرحلة من مراحل هذه الحرفة بعدها تصبح جاهزة للبس".