النبيذ في لبنان

تعود صناعة النبيذ لآلاف الأعوام، ومن بين روادها مصنع كسارة المشهور الذي أسس على يد رهبان يسوعيين خلال العام 1857، حيث جلبوا عناقيد العنب إلى لبنان من الجزائر ليتمكنوا من صناعة نبيذ بنفس النمط الفرنسي. وحافظت كسارا منذ اكثرمن 150 سنة، على إرث لبنان العريق في صناعة أجود انواع النبيذ ووسعت لتمديد انتشارها في جميع انحاء العالم ولاسيما في بلدان الاغتراب التي تحتضن الجاليات اللبنانية.

وحصدت الشركة بفضل نبيذها الفاخر عددا من الجوائز العالمية التي اكسبتها شهرة استثنائية منها الجائزة اللبنانية للامتياز. ويعتبر نبيذ شاتو كفريا الذي يبلغ إنتاجه السنوي حوالي مليوني زجاجة النبيذ الثاني في لبنان.

وقال شارل غسطين المدير الإداري في مصنع النبيذ اللبناني "شاتو كسارة" أن المجموعة تتطلع لبيع قصة وتاريخ لبنان وليس فقط النبيذ اللبناني، مشيراً إلى أن مجموعة من الأقبية القديمة والتي اكتشفت تحت الأرض التي تملكها كسارة في العام 1898، كشفت عن التاريخ الغني لإنتاج النبيذ في لبنان.

وأضاف غسطين أن "هناك مليون زجاجة من النبيذ خزنت في هذه الأقبية التي تعود إلى العصر الروماني". واعتبر مايكل كرم الكاتب المتخصص في مشروب النبيذ أن "لبنان ينتج ثمانية ملايين زجاجة من النبيذ سنويا"، مضيفاً "رغم أن هذا العدد يبدو كبيرا في البداية، إلا أنه يبدو ضئيلاً بالمقارنة مع بلدان أخرى مثل تركيا التي تنتج 70 مليون زجاجة من النبيذ سنوياً، وقبرص التي تنتج بين 35 و40 مليون زجاجة نبيذ".

ولكن الإنتاج الأكبر ليس دائما الأفضل. وتعتبر ندرة النبيذ اللبناني بمثابة عامل مميز، يمكن لمصانع النبيذ أن تستفيد منه لإبراز منتجاتها، بحسب ما يعتقد كرم. وتعود أقدم آثار مزارعي الكرمة ومنتجي النبيذ اللبنانيين إلى ما لا يقل عن أربعة آلاف عام، عندما كان الفينيقيون يبيعون نبيذهم في منطقة حوض البحر المتوسط.

وقال فوزي عيسى الشريك في ملكية "دومين ديس توريليس" إن "الرسالة من وراء مصنع النبيذ مفادها إنتاج نبيذ بجودة عالية، إذ أن المنتجات من هذه الأرض يصنعها أشخاص يعملون فيها". ولكن عيسى ما زال مدركا أن لبنان يجب أن يتغلب على الصور السلبية في الخارج. ويوافقه غسطين في الرأي، إذ يقول إن "الرسالة التي نريد تقديمها إلى العالم، مفادها أن لبنان ليس دولة مصدرة للإرهاب، بل لبنان مصدر للثقافة والنبيذ الجيد". وتنتج كروم العنب في لبنان أنواعا عدة من النبيذ الشهير عالميا مثل الميرلو والشاردونيه والكابيرنيه سوفينيون.