تاه المشاهد الجزائري منذ بداية شهر رمضان المبارك، وسط فوضى برامج الكاميرا الخفية المعروضة، على الفضائيات الحكومية والخاصة، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيرًا، وتمحورت منشورات رواد هذه المواقع حول الانتقاد والاستنكار والاستهجان، لما يعرض عبر هذه البرامج، وتجاوزت برامج الكاميرا الخفية الفكاهة، ووصلت إلى درجة التعدي على الضحايا، والتسبب لهم في الأذى النفسي والاجتماعي فيما يتخطى قيم المروءة والإنسانية.

ورفعت القنوات الجزائرية هذا الموسم من قوة المقالب، اتجاه المواطنين والمشاهير، واستعمل مقدموها في بعض الأحيان " العنف اللفظي " في حق الضحايا، ولأول مرة يشهد الشارع الجزائري احتجاجات ضد هذه البرامج، التي تسببت بأذى كبير ومشاكل للضحايا، وأثارت استياء المشاهدين, واضطرت بعض القنوات إلى توقيف مؤقت أو نهائي لها، وأثارت حلقة للكاميرا الخفية في قناة تلفزيونية خاصة بالجزائر غضبا واسعا بسبب محتواها، حيث تعرض ضيفها الروائي الجزائري رشيد بوجدرة لمعاملة وصفها البعض بـ " إهانة بالغة "، في حق شخص كبير في ثقافته، وهو ما دفع بمدير القناة إلى توقيف بث هذا البرنامج.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل اضطرت القناة نفسها، إلى إلغاء بث حلقة من برنامج الكاميرا، بسبب استضافة فنانين جزائريين سبق وأن نشرا " فيديوهات مخلة ومسيئة للجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي "، وجاء في بيان للقناة " أنه واحترامًا للمشاهد وامتثالاً لملاحظات وطلبات المشاهدين، قررت القناة إلغاء حلقتي برنامج "اختر نجمك" مع المغنيين المذكورين ".

وأثار هذا الأمر استياء فنانين جزائريين ومتتبعين للمشهد الفني في الجزائر، ووجهت الفنانة الجزائرية فريدة بوعلام المعروفة في الساحة الفنية بـ " خالتي بوعلام " انتقادات لاذعة لبرامج المقالب، قائلة إنها " لم تحترم حرمة الفنان الجزائري ولا حرمة البيوت الجزائرية ".

ومن جانبه اعتبر سيناريست والمخرج الجزائري، الطيب توهامي، أن برامج الكاميرا الخفية التي تعرض عبر القنوات الجزائرية، خلال هذا الشهر الفضيل كلها تعبر عن العنف المادي والرمزي، والشحنات السلبية التي تحول الترفيه اليومي في هذا الشهر الفضيل إلى تململ مجتمعي، بهدف بلوغ شهرة زائفة بأقل التكاليف المادية والبشرية، والأخطر من كل ذلك هو تغييب قيم المجتمع وتلافي معانيها السامية، وفي وقت أصبحت أغلب القنوات العربية منذ أعوام، تتحاشى هذا النوع من الأعمال السمعية البصرية، لما تسببه من إزعاج مادي ومعنوي للمجتمع، أضحت القنوات الجزائرية أكثر اهتمامًا بمثل هذه البرامج، نظرًا لتكلفتها البسيطة وقدرتها على تصيد قدر أكبر، من نسبة المشاهدة في هذا الشهر الفضيل، وكانت سلطة ضبط القطاع السمعي والبصري، في الجزائر قد وجهت عشية دخول شهر رمضان، تنبيهات إلى إدارات التلفزيونات المحلية، محذّرة إياها من مغبة الإفراط في توظيف برامج الكاميرا الخفية، ومن الاستعمال المبالغ فيه لأساليب العنف والاستفزاز المقرف.