لا يعلم الكثيرون قصة أغنية "وأنا على الربابة بغني" التي شدت بها الصوت الجزائري الشهير وردة، من ألحان العبقري بليغ حمدي، للتعبير تعبر عن فرحة الشعب بعبور القوات المسلحة المصرية قناة السويس في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وكان لهذه الأغنية طبيعة خاصة حتى وصلت لمسامع الشعب، كانت قد شهدت مشاجرة وصلت لحد الضرب على باب ماسبيرو وتصويرها بالزي العسكري "الأفرول الميري"، وهي قصة نستعرضها في السطور التالية:
خناقة وضرب
الإعلامي الكبير الراحل وجدي الحكيم، الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة التراث باتحاد الإذاعة والتلفزيون، روى قصة هذه الأغنية قائلًا إنه تفاجأ بعد عبور قناة السويس، بوجود بليغ بصحبة وردة وعبد الرحيم منصور، يريدون الدخول إلى مبنى ماسبيرو، إلا أن الأمن منعهم، فحدثت مشادات كلامية بين الطرفين، وصلت إلى حد التشابك بالأيدي، وعندما علم بذلك نزل إليهم فورًا، وقال لهم: "مفيش فلوس لإنتاج أغانٍ"، فرد عليه بليغ "ومفيش قوة في الأرض تمنعني من تقديم واجبي نحو بلادي، ومستعد للتبرع بأجري ودفع كل مصروفات الفرقة من جيبي الخاص".
عندئذٍ أبلغ وجدي الحكيم "بابا شارو" رئيس الإذاعة وقتها، فأمر بدخولهم، وفتح الأستوديو لهم، ونفّذوا الأغنية في أقل من ساعتين، بديكور مسلسل للفنان نور الدمرداش، وبمجرد إذاعة الأغنية حققت نجاحًا كبيرًا، وأصبح يرددها الشارع المصري، والجنود على الجبهة.
الكنيسي بالأفرول
أما الإذاعي القدير حمدي الكنيسي، الذي كان مراسلًا حربيًا وشهد الساعات الأولى للعبور، قال "في أحد الأيام وأنا عائد لتوي من الجبهة، طلب مني بليغ حمدي الذهاب فورًا لأستوديو 36 بماسبيرو، فطلبت منه الانتظار حتى أستبدل ملابسي، إلا أنه أصر على حضوري بـ"الأفرول الميري"، وأقنعني بأن هذا الزي سوف يعطي إحساسًا حقيقيًا لوردة بـ"جو الحرب".. وبالفعل وقفت أمامها وهي تشدو بهذه الأغنية الوطنية.