كانت عيون "أبو هموم" حمراء بلون الدم، كانت تحبس دمعة دموية، تجاعيد وجهه ازدادت عمقا لتحفر على وجنته خريطة حزن عمرها من حزن الوطن. حمل ركوة القهوة المرّة، وضعها على الطاولة، صبّ الأسود بالفنجانين وأشعل سيجارته الرخيصة، نفخ من صدره دخان هموم من عمر "أبو هموم".
"شو في يا "أبو هموم"، كلنا ناطرين أيام أحلى. شو يللي ترك الدم بعيونك؟"
. بعصبية أجاب: "أنت شايف إعلام اليوم؟ يا زلمي صارت مين بيتجولق على مين. خود البرامج السياسية يللي بيسموها "توك شو"، على أساس مشي الحال والشعب المعتر ناطر من كل القبضايات يتفقوا ويساهموا بإراحة الناس ويعطوهم شوية أوكسيجين ليتنفسوا بعد ما كتموا أنفاسهم سنوات وسنوات. شو عم بيصير؟ كل صاحب توك شو حريص على استقبال شخصية تثير الجدل ومهمتها صب الزيت على النار وتركها مشتعلة هيك من أجل منصب أو حقيبة، وحصتي بدي آخدها لجماعتي وعشيرتي ومش مهم الشخص المناسب بالمكان المناسب"
. وتابع "أبو هموم": "وبما أنو حضرتك ساكت رح كمّل. خود برامج الترفيه
. آخر موضة نشر عرض وحريم كل البرامج المنافسة، ويا ويل يللي بيغلط على الهواء.
هون أنا مش عم أفهم وين الكوميديا بالموضوع؟ شو باك ساكت؟". أجبت: "يا "أبو هموم" هودي برامج موجودة بالغرب، وصارت موضة بكرا بتخلص ما بدا هالقد". شفط "أبو هموم" شفطة عميقة من سيجارته، ومع عبسته التاريخية قال: "يا أستاذ يا محترم يا مثقف، خلص ما بقا في أفكار عند أهل البلد؟ ما بقا نقدر نقدم برامج على الشاشة مش منقولة من الغرب؟ ما منقدر نجيب نسبة مشاهدة عالية من دون ما نستعين بالنجمة ميريام كلينك أو بصاحب المعالي النكتجي؟ الناس يا مثقف ناطرة بالعهد الجديد يكون في فريق عمل يعيد الثقة الى وجوده بالبلد، ويعيد إليه الأمل بالبلد، وخلينا نترك موضة مين بيتجولق على مين.
صارت القصة بايخة ولازمها تضبضب، أنت معي؟"
. "ليك يا "أبو هموم" هيدي موضة وبكرا بتخلص، وبيناتنا ميريام كلينك أذكى منهن كلن!".