الفيلم الأفغاني «حوا .. مريم .. وعايشة»

هي مغامرة أن تنتج فيلمًا محلّي الفكر والمضمون ومغرقًا في تفاصيل حياة وطنك اليومية التي قد تكون بعيدة بأميالٍ من المسافات الحقيقية والفكرية والثقافية عن دولٍ أخرى تعد ثقافتها وأسلوب حياتها اليومي نموذجًا عالميًّا، تصوير حياة لكل من يريد أن يظهر بمظهر الحرية والثقافة والعولمة المزعومة.

المغامرة هي أن تستهدف بهذا العمل الانفتاح على عوالم جديدة مثل اشراكها في مهرجانات دولية وعالمية.. هذا الطرح يكشفه لنا الفيلم الأفغاني «حوا.. مريم .. وعايشة» الذي نشاهده هذا العام ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحادية والأربعين.

"قررت أن أصنع فيلمًا يخص من عاشرتهم وعرفتهم بالفعل.. فيلمًا يتناول وضع المرأة في المجتمعات الشرقية والمنغلقة بعدسة الزووم وإحساسًا حقيقيًّا صادقًا لمن عاشوا مع تلك النماذج وتلك الحكايات.. وقد كنت مهتمة للغاية أن تكون الحكايات حقيقية وصادقة فنزلت بنفسي إلى العديد من المناطق متباينة المستوى لكي أحظى بفرصة أكبر للتعرف على القصص المختلفة".

هكذا عرفت المخرجة الأفغانية صحرا كاريمي، التي أخرجت الفيلم وكتبت له القصة والسيناريو أيضًا بمشاركة مواطنها الكاتب سامي حسيب نبي زادة.

وكما يتضح، فإن العمل قد قام بالأساس على إحساس امرأة بمعاناة امرأة أخرى وبمتابعة الأحداث والثلاث قصص التي اختارتها المخرجة ليكونوا نواة لفيلمها سنجد أنه رغم اختلاف الطبقات الاجتماعية وتباين الفئات العمرية لبطلات الفيلم الثلاث ذوي القصص المنفصلة في مضمون الفيلم إلا أنهن يجمعهن همٌّ واحدٌ هو وضع المرأة وقضيتها الأصلية والأولى وحربها الضروس لنيل الحرية والاستقلال وحقوقها الإنسانية الطبيعية.

تدور أحداث الفيلم حول ثلاث قصص منفصلة لثلاث سيدات أفغانيات هن «حوا» و«مريم» و«عايشة» تفرقهن الظروف الاجتماعية وتجمعهن مأساتهن في عيادة طبيبة أمراض النساء وحمل لا يراد له الاكتمال.
حوا زوجة شابة لرجل مستهتر يبقي عليها فقط لتقوم على خدمته هو ووالدته ووالده المسنّ العصبيّ ذي الطباع الجافّة، وهي حُبلى في جنينها الأول الذي لا تجد سلوى - طوال يومها المشحون بالجهد والإهمال وعدم الاكتراث لها ولوجودها - سوى الحديث إليه وتخيل شكله ووجوده.

ومريم مذيعة الأخبار المثقفة التي تعاني علاقة مسمومة مع زوجها الذي أرغمت عليه وتحملت الحياة التعيسة والخيانات المتكررة منه لمدة سبع سنوات إلا أنها تكتشف بعد أن اخذت قرار الانفصال أخيرًا أنها حامل منه وتحمل جنينًا سيربطها به لباقي عمرها.

ثم عايشة المراهقة اليافعة ذات الثمانية عشر عامًا التي تكتشف بعد خطبتها لابن عمتها أنها حامل من حبيبها السابق الذي تركها وتهرب منها حين طلبت منه الارتباط الرسميّ.

تجتمع السيدات الثلاث في عيادة طبيبة النساء لكل منهم شأن يغنيها.

تترك صحرا كاريمي مخرجة العمل وكاتبته نهاية مفتوحة لمآسي السيدات الثلاث ورسالة واضحة للعالم وللجميع ممن سيشاهدون العمل مفادها أن قضية المرأة واحدة وإن اختلفت اللهجات مأساتها واحدة وإن اختلف الظرف المادي والمكاني؛ جميعهن لهنّ الحق في الرعاية والاهتمام والحياة الكريمة؛ جميعهن لهنّ الحق في الاستمتاع بمعجزة الخلق التي خص الله بها أرحامهن بلا ضغط وبلا أسى وبلا همّ يضاف إلى همومهنّ. جميعهنّ من الأفغانيات والإيرانيات وكل مؤنث في كل بقاع الأرض يحق له التقدير والاحتفاء لحملهن معجزة الخلق دون الضغط أو الدفع لقتل تلك المعجزات.

قد يهمك ايضاً:

أحمد داوود يستعيد ذكريات أول مشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي بـ"قناع العندليب" 

سبب غياب ياسمين صبري عن مهرجان القاهرة السينمائي