أثرّت الحضارة الإسلامية بشكل كبير في القارة الآسيوية صاحبة التاريخ القديم،وتجلّى ذلك في عمارتها والمساجد التي شُيّدت هناك.
ويُعدّ من تلك المساجد الباهرة مسجد "قطب منار" في نيودلهي في الهند، والذي يُعد أول شاهد على دخول الحضارة الإسلامية إلى الهند، كما تعتبر منارته الأطول من نوعها في الهند وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الإسلامي بعد منارة الجيرالدا في أشبيلية، حيث تتكون المئذنة من خمسة طوابق.
وذكرت موسوعة المساجد الإسلامية أن المسجد كان في البداية يسمى بـ "قوة الإسلام"، حيث بُني في عهد السلطان "قطب الدين أيبك" أول سلاطين المماليك في الهند، وبدأ في تشييده عام 589 هـ «1193 م» واستمر العمل قائمًا فيه لقرابة خمس سنوات.
وتوفي السلطان قطب الدين بعد أن أسس المسجد وكانت مئذنته من طابق واحد، ثم بنى خليفته شمس الدين ألتمش الطابقين الثاني والثالث، وفي عهد حكم آل تغلق زاد السلطان "فيروز تغلق شاه" الطابقين الرابع والخامس، وقد بني المسجد بعدد كبير من الأحجار الرملية الحمراء التي اقتلعت من 27 معبدًا هندوسيًا كانت قريبة منه، بينما أكمل المستويين الأخيرين بالرخام الأبيض، وجدران المبنى مزخرفة بالنقوش والآيات القرآنية.
وذكرت الموسوعة وكذلك مجلة الآثار أن المنارة التي تُميز المسجد قد شيدت على أنقاض لال كوت، أو البرج الأحمر لمدينة دلهي القديمة، والذي قام ببنائه راي بيثورا عام 1180م، آخر حاكم هندوسي لإمارة دلهي. يبلغ ارتفاع المئذنة 72.5 مترا -من أصل 80 مترًا-، ويوجد بداخلها درج حلزوني يعد 379 درجة، يمكن عن طريقه الوصول إلى القمة وقد تم غلقه في وجه الجمهور بسبب وقوع حالات انتحار، التي كانت تحدث هناك، فيما يبلغ القطر في القاعدة 14.3 م، ولا يتجاوز الـ2.7 متر في أعلى المبنى.
و يضم المجمع بجوار المسجد مبانٍ أخرى ويستقطب إليه جموعًا كبيرة من السياح كل عام، ولهذا أدرجته منظمة اليونسكو، في قائمة التراث العالمي.