كشفت دراسة جديدة أنه على الرغم من عظم فوائد التمرينات الرياضية للصحة العامة، والحد من خطر النوبات القلبية والسكري والخرف، إلا أنها لا تساعد بالضرورة على فقدان الوزن، ويقول أستاذ علم وظائف الأعضاء القلبية الوعائية وممارسة الرياضة في جامعة جون موريس في ليفربول ديك ثيغسن "يتوقع الناس أن يكون التمرين وسيلة رائعة، لمساعدتهم على فقدان الوزن إلا أن نتائجه على الوزن ضئيلة"، وأشار ثيغسن إلى أن التدريب لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، مع عدم تغيير واقع النظام الغذائي الخاص بك، يجعلك تفقد فقط 1 كيلوغرام فقط في المتوسط".
و يضيف أستاذ علم وظائف الأعضاء الأيضية في جامعة نوتنغهام إيان ماكدونالد "أن كمية التمرينات المطلوبة لحرق المزيد من السعرات الحرارية، لما نتناوله تتجاوز ما يمكن لمعظم الناس تحقيقه في اليوم، و في الواقع يبدو استخدام الجسم من السعرات الحرارية مرتفعا مهما كان النشاط الذي تقوم به".
و درس باحثون أميركيون قبيلة "هادزا" وهم صيادون في شمال تنزانيا يعيشون نمط حياة نشط، ويقضون أيامهم في البحث عن الطعام البري ويسيرون لمسافات طويلة على الأقدام، وكانت الفرضية أن أسلوب حياتهم النشط يعني أنهم يحرقون سعرات حرارية أكبر، من الموجودة في النظام الغذائي الغربي، ويعدّ متوسط استهلاكهم من السعرات الحرارية مماثل لذلك الموجود في العالم النامي، وفوجئ الباحثون بأن الاستهلاك الكلي للطاقة لدى القبيلة لم يكن أعلى من المتوسط الأميركي أو الأوروبي، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة "PLoS One" عام 2012، وأيدت هذه النتائج دراسة أخرى في العام الماضي، من قبل نفس الباحثين من جامعة مدينة نيويورك، حيث تم قياس إجمالي الطاقة المستهلكة يوميًا أي السعرات الحرات الحرارية التي يتم حرقها يوميًا مع قياس مستويات النشاط لدى 332 شخصًا على مدى أسبوع.
ووجد الباحثون أن الأشخاص من ذوي مستويات النشاط المعتدل، أحرقوا حوالي 200 سعر حراري أكثر عن أولئك الجالسين طويلاً، أما الأشخاص الذين مارسوا التمرينات بمستوى أعلى من المعتدل، لم يحرقوا المزيد من السعرات الحرارية، وتبين استقرار معدل حرق السعرات الحرارية مع ممارسة الرياضة حوالي 2600 سعر حراري في اليوم، وذكر الباحثون " الأفراد يميلون إلى تكييف الأيض، وفقًا لزيادة النشاط البدني ما خفف من الزيادة المتوقعة في استهلاك الطاقة اليومية".
وتشير النظرية التقليدية إلى وجود علاقة خطية بين ممارسة الرياضة واستهلاك الطاقة، أي كلما مارست الرياضة كلما حرقت المزيد من السعرات الحرارية وفقا لديفيد ستنسيل أستاذ التمثيل الغذائي في جامعة لوغبوروغ، ولم تنتهي كل الدراسات إلى نفس النتيجة إلا أنه هناك أسباب معقولة لشرح ما يحدث، وتشير أحد الآراء إلى ما يسمى آليات التعويض كرد فعل من العقل والجسم تجاه التمرين، ويوضح ستينسل أنه بينما نزيد من ممارسة التمارين الرياضية ربما ينخفض قيامنا بأنشطة أخرى تشمل الوقوف والتحرك عموما وهو ما يعرف يالتمرينات غير النشطة، وتابع ستينسل "الآثار المترتبة على ذلك أنه مع الانتظام فى ممارسة التمرينات الرياضية يقل نشاط الجسم في التمرينات الأخرى غير النشطة خاصة وأن الفرد لا يمكن القيام بالنوعين من التمرين على نحو فعال معا، فربنا يشعر الأفراد بالتعب بعد التمرينات المنتظمة وهو ما يجعلهم أقل نشاط خلال ما تبقى من اليوم لذلك ربما يميلون غلى استخدام المصعد بدل الدرج"، وربما لا يؤدي التمرين إلى فقدان الوزن لأن الناس يبالغون في تقدير السعرات الحرارية التي أحرقوها كما أن التمرين يجعل الأفراد أكثر جوعًا.
و يقول البروفسور ديلان طومسون عالم الفيزيولوجيا في جامعة باث: " تظهر دراساتنا أحد الأسباب التي تجعل الناس لا يفقدون الكثير من الوزن مع التمارين الرياضية هي الزيادة التعويضية في استهلاك الطاقة، و يرتبط ذلك بانخفاض مستويات هرمون اللبتين المسؤول عن الشعور بالشبع ما يعنى أن الأفراد يشعرون بالجوع بعد التمرين على غيرهم شعورهم المعتاد".
وهناك عوامل أخرى تساهم فيما يحرقه الفرد من سعرات وهي عوامل خارج السيطرة مثل معدل الأيض التقاعدي، ويقصد به السعرات الحرارية اللازمة للحفاظ على وظائف جسمك أثناء الراحة وهي تمثل نحو 80% من استهلاك الطاقة لديك، ويبدو أن حكم الجسم هو ما يحدد استهلاك الطاقة، ويقول البروفيسور ماكدونالد "حتى الجداول التي تشير إلى حرق 900 سعر عند الركض لمدة ساعتين ربما تكون غير دقيقة لشخص معين لأن أوزان الأجسام مختلفة، فكلما نفقد الوزن نحصل على جسد أصغر، وينخفض معدل الأيض لدينا وبالتالي طاقة أقل لديهم كمية أصغر من الأنسجة".
ويعدّ مفتاح فقدان الوزن هو تقليل السعرات الحرارية، ووجد البروفيسور ثيسن وزملاؤه مؤخرا عندما قارنوا نظام غذائي مُقيد مع ممارسة رياضية عادية على مدى فترة تتراوح من ثلاثة إلى خمسة أشهر، أن النظام الغذائي "يؤدي إلى فقدان وزن أكبر بكثير"، ولكن ليس هناك شك أن ممارسة الرياضة جيدة للصحة، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن ممارسة الرياضة، تحسن صحة القلب والدماغ وتقلل من خطر الأمراض المزمنة مثل داء السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم، كما يساعد التمرين أيضا على تغيير تكوين الجسم لدينا، مثل خفض الدهون الحشوية المخزنة حول الأعضاء.
وتابع البروفيسور ثيغسن " يرتبط فقدان الدهون الحشوية بشكل أكثر بقوة بالوقاية من مرض السكري عن مجرد فقدان الوزن، وعند خفض السعرات الحرارية نفقد قليلاً من كل شيء العضلات والدهون في الجسم والدهون الحشوية، وحتى إن لم تكن تفقد الوزن بعد التمرين ستفقد الدهون الحشوية لذلك لا تتخلى عن التمرين"، وتعد الطريقة الأكثر فعالية لتحسين تكوين الجسم، وفقدان الوزن هو خفض السعرات الحرارية أولا، ثم إضافة التمارين الرياضية المنتظم في روتينك، وخلص الباحثون إلى رسالة بسيطة في المجلة البريطانية للطب الرياضي في عام 2015 مفادها "لا يمكنك تجاوز نظام غذائي سيء".