تشتهر الفيروسات بأنها تصيب خلايا الطرق التنفسية، فهي تقتحمها وتسلبها مقدراتها من خلال إعادة برمجة الحامض النووي لتلك الخلايا وتسخيرها لتنفيذ أوامرها، وتنشأ معركة بين الفيروسات المعتدية وخلايا الجهاز التنفسي، فيعاني المصاب من عوارض شتى قد تجعله طريح الفراش.
وعلى الرغم من شهرة الفيروسات التنفسية بأنها تصيب الناس في فصل البرد، فإنه لا يجب غض الطرف عن الفيروسات المعوية التي تترعرع في فصل الصيف في المطاعم والمستشفيات والمطارات ومحطات النقل، والتي قد تجعل المصابين بها يقضون عطلتهم ذهاباً وإياباً في حمامات مقراتهم، لإصابتهم بعاصفة من العوارض المزعجة. وتفيد التقارير العالمية بأن شخصاً واحداً من بين 10 أشخاص يتعرض سنوياً للإصابة بمرض الفيروس المعوي.
وتتم العدوى بالفيروس المعوي من خلال الاتصال المباشر مع شخص مريض أو بعد ملامسة أسطح ملوثة أو بعيد تناول طعام ملوث بالفيروس. كما يمكن الفيروس أن ينساب إلى الجهاز الهضمي عبر قطيرات الرذاذ المحمّل بها. وتكفي 10 فيروسات فقط كي تتسبب باندلاع مرض الفيروس المعوي.
وبعد يوم إلى يومين من التعرض للفيروس المعوي تبدأ العوارض في الظهور بصورة أقرب ما تكون إلى الإصابة بتسمم الطعام، فيشكو المريض من عوارض شتى، أبرزها الإسهال المتواصل، والمغص البطني، والتقيؤات المتوالية، بل يمكن الفيروس المعوي أن يجعل صاحبه غير قادر على الحركة.
وأمام هذه الصورة السريرية، من الصعب جداً التحديد بدقة ما إذا كان الشخص مصاباً بالفيروس المعوي، خصوصاً أن بإمكانه أن ينقل العدوى بعد ثلاثة أيام من تعافيه التام من المرض، أي أن المصاب يبدو صحيحاً معافى لكنه لا يزال يحمل الفيروس في جسمه وهو قادر على نقله إلى غيره. ويعتبر الجفاف من المضاعفات المتوقعة جراء الإصابة بالمرض الفيروسي المعوي بسبب الإسهالات والتقيؤات المتكررة التي تفضي إلى فقدان السوائل والأملاح المعدنية من الجسم.
ويستطيع البالغون من الأصحاء تخطي مشكلة الجفاف بصورة كبيرة إلا أن المشكلة هي لدى الأطفال الصغار والحوامل وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة وأمراض نقص المناعة، فهؤلاء يحتاجون إلى دراية خاصة لمنع تأثير الجفاف على الوظائف الحيوية التي يمكن أن تهدد حياتهم.
إذا وقعتَ ضحية الفيروس المعوي فلا تجبر نفسك على تناول المضادات الحيوية، فهي لن تنفعك لأن هذه الأدوية تعمل ضد الجراثيم وليس ضد الفيروسات. وكل ما يمكن فعله هو التخفيف من المعاناة الطارئة التي تسببها زيارة الفيروس المعوي للأمعاء والتي تتضمن الآتي:
الخلود إلى الراحة والاسترخاء التام، وشرب السوائل بكثرة لمنع حصول الجفاف نتيجة الإسهالات والتقيؤات المتكررة، واعتماد أطعمة نوعية خلال الهجمة، مثل الموز والبطاطا والأرز وعصير التفاح، من أجل التخفيف من حدة الإسهالات.
وتحاشي تناول الأطعمة الدهنية ومنتجات الألبان والمشروبات المنبهة، وتلك الغنية بالسكر لأنها قد تؤجج عوارض المرض، ويساعد تناول كوب من الزنجبيل أو من النعناع في التخفيف من العوارض الناجمة عن الفيروس المعوي، وتفيد الكمادات الدافئة على البطن في لجم نوبات المغص، وولا بد من مراجعة الطبيب في حال ظهور بوادر معينة، مثل فقدان التوازن، وتقيؤ الدم، والإسهال المدمى.
وكي لا تتحول عطلتك الصيفية إلى عذابات يومية تقضي معظمها في حمامات أماكن العطلة، فإن أفضل ما يمكن عمله للتصدي للفيروس المعوي هو أن تبادر إلى اتخاذ بعض الاحتياطات البسيطة، عندما تسافر أو عندما تأكل أو لدى وجودك في مكان صغير مزدحم بالناس، هو أن تطبق النصائح الآتية:
- غسل اليدين بالماء والصابون، أو استعمال المواد المعقمة الحاوية على الكحول قبل تناول الطعام وبعد استعمال الحمامات أو بعد ملامسة الأفراد أو الأسطح المختلفة في الأماكن العامة وفي محطات السفر. ولا تلمس أنفك أو فمك أو عينيك، وإذا دعت الضرورة فإنه يجب التأكد حتماً من نظافة يديك. ويجب غسل الخضار والفواكه بشكل جيد. وعدم تناول الأطعمة النيئة أو غير النظيفة. وشرب الماء النظيف والحذر من المياه الملوثة. وطهو منتجات البحر جيداً قبل أكلها، خصوصاً المحار والرخويات، لأنها يمكن أن تحتوي على فيروسات معوية. والابتعاد عن المرضى المصابين بالنزلات المعوية. وتجنّب ارتياد المطاعم المشبوهة التي لا تقدم وجبات نظيفة.
وفي الختام، إن مرض الفيروس المعوي منتشر على نطاق واسع ولا يوجد له دواء شاف ولا لقاح، لكنه مرض عابر يرحل من تلقاء ذاته خلال يوم أو يومين لا أكثر من دون أن يترك عواقب تذكر، وإذا أصبت به فيرجى أن لا تعد أو تقدم الطعام لغيرك إلا بعد مرور ثلاثة أيام من الشفاء الكامل من المرض.