تعدّ الرضاعة الطبيعية هي الحل الأمثل لتغذية الطفل الرضيع وتحسين صحته، وحمايته من الإصابة بأي مشكلة صحية سواء على المدى القصير أو المدى البعيد، كما أن الرضاعة الطبيعية عبارة عن عملية إلهية تقوم بدورها في توطيد العلاقة بين الأم وطفلها، ويشعر كل من الأم والطفل بالحب والحنان، لذلك، توصي منظمة الصحة العالمية كل الأمهات بضرورة الرضاعة الطبيعية، نظرا لما فيها من فوائد كثيرة ومتعددة لكل منهما.
تثير مسألة الرضاعة الطبيعية للسيدات جدلا واسعا وشرسا، ليس فقط بشأن ما يجب القيام به وطول مدة الرضاعة، لكن أيضا أين ومتى تكون هذه العملية مناسبة، وكجزء من الفحص الصحي على الأمهات، تم سؤالهن عن كيفية إطعام أطفالهن، وإذا اختارت المرأة الزجاجة، تكون هذه إجابة بسيطة، لكن بعضهن يبدأن التبريرات الخاصة باستخدامها، والاعتذار وسط القصص المليئة بالذنب والمصحوبة بالدموع والدفاع عن النفس.
ويعدّ هذا الموضوع مشحونا عاطفيا، كما أن عملية رضاعة الأطفال التي تمتد لأعوام طويلة ليست ضرورية طبيا، وظهرت مجموعة لناشطات الرضاعة الطبيعية تدعى "الباستابو" تحاول مشاركة التفاصيل الخاصة بهذه العملية، ومع استمرار الجدل الدائر بشأن هذا الموضوع، وبخاصة في المملكة المتحدة، والتي شهدت انخفاضا بنسبة كبيرة، إذ أظهرت نتائج البحث أن 80% من البريطانيات يردن إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، ولكن فقط 30% يقمن بذلك، ولمدة 6 أشهر فقط.
وتعد معدلات الرضاعة الطبيعية الأسوأ في المملكة المتحدة مقارنة بالعالم، لكن وسط كل هذا هل يجب أن نشعر بالقلق؟ في هذا السياق، تقول كيت كيلتون، 34 عاما، والتي ترعى ابنها طيلة الوقت، ومن أشدّ المدافعين عن الرضاعة الطبيعية، وتمت استضافتها في الفيلم الوثائقي "Food Unwrapped"، إن السبب الذي يجعل النساء لا يقمن بذلك أنهن لا يدركن الفوائد التي تعود على صحتهن وصحة أطفالهن من خلال عملية الرضاعة الطبيعية.
وتضيف أن نقص الدعم من الأطباء والمواقف الحكيمة وتسويق الحليب الاصطناعي، أسهم أيضا في تراجع نسبة الرضاعة الطبيعية في المملكة المتحدة، وتروي تجربتها في تعرضها للانتقادات أثناء إرضاع ابنها في الحديقة الأسبوع الماضي، إذ نظر أحدهم إليها بطريقة مضحكة قائلا "ها.. رضاعة طبيعية، على النساء إرضاع أطفالهن في المنزل"، مما شكل لها صدمة كبيرة.
وقالت "كوني أنا أرضع طفلي، فإن هذا يشعرني بالضيق، على الرغم أنه عليّ الاعتراف، إنه ليس من الأشياء التي أهتم بها على الإطلاق".
ويعتقد الكثيرون بأنه حال تم إرضاع الأطفال بالحليب الصناعي سيصابون بالسمنة كما ستصاب الأمهات غير المرضعات بسرطان الثدي، لكن في الحقيقة أن حليب الثدي ليس معجزة لعلاج كل شيء، حيث إن الحليب الاصطناعي يعدّ غذاء معالجا.
وفي هذا الفيلم، يشرح الباحثون في كلية إمبريال كوليدج في لندن، أن هناك الآلاف من العناصر الغذائية في حليب الثدي التي تؤلّف جهاز المناعة لدى الرضيع، وتحميهم من العدوى والأمراض لبقية حياتهم. لكن هل هذا هو الحال فعلا؟ تشير الدراسات إلى أن معدلات سرطان الثدي تعزى إلى عدم الرضاعة الطبيعية، لذلك هناك تأثير، لكنه صغير ولا نعتقد بأنه يشكل خطرا كافيا ليكون مصدر قلق للاتي لا يرضعن.
ولا يعني أن الحليب الاصطناعي مصنع فهو غير صحي، فعملية التصنيع تعني أن المكونات خضعت لعملية مثل "تقطيع الطماطم أو تسخين الحساء"، وفي الواقع، الحليب الاصطناعي هو أكثر من مجرد خيار صحي، والإضافات الأخيرة إلى المكونات تعني أنه يحتوي الآن على المزيد من الأحماض الدهنية الأساسية والمسبقة والبروبايوتك وكلها ضرورية لصحة الرضيع على المدى الطويل.
وتوصلت إحدى الدراسات التي أجراها باحثون أطفال في جامعة بروكسيل إلى أنه عند إضافة البريبايوتك إلى الحليب الاصطناعي، فإن الفوائد الصحية للرضع يمكن أن تكون متطابقة تقريبًا مع الفوائد التي يوفرها لبن الثدي البشري.
وأظهرت دراسة أخرى نشرت في دورية طب الأطفال أن حليب الأم الذي أضيف إليه الحليب الصناعي كان أكثر فعالية من حليب الثدي الحصري لزيادة وزن الأطفال الصغار بشكل خطير، والرضع الذين حصلوا على تركيبة تكميلية كانوا أقل احتمالا لإعادة إدخالهم إلى المستشفى، تماما كما لا يوجد شك في أن حليب الثدي مليء بخصائص تعزيز الصحة، ولكن من غير القابل للجدل أن الحليب الاصطناعي يتمتع بخصائص صحية جيدة أيضا.