أظهرت دراسة طبية أن ألاف المرضى بسرطان "البروستات" الذين يتعاطون العلاجات الهرمونية، قد يتضاعف لديهم خطر تطور مرض الخرف، مشيرة الى أن نحو 18 ألف بريطاني يأخذون أقراصًا وحقن الهرمونات سنويا أي ما يقرب من 40% من 47 ألف مصاب بسرطان البروستات، حيث يعمل العلاج على تقليل مستوى "التستوسيترون". واعتبرت الدراسة أن الهرمون الطبيعي لا يشكل خطرًا، وإنما في حالة مرضى سرطان البروستات يمكن أن ينمِّي الأورام. وأكدت أن العلاج هو الدواء المعياري (الأساسي) للرجال الذين بدأ السرطان ينتشر لديهم، ولن يمكن القضاء عليه بالعمليات الجراحية أو العلاج الإشعاعي.
إلا أن الدراسة التي أجريت على 9300 مريض في الولايات المتحدة الاميركية، توصلت إلى أن الرجال المتعاطين للعلاج الهرموني، تزداد احتمالات تطور مرض الزهايمر أو أي شكل أخر من أشكال الخرف مرتين خلال خمس سنوات. فالمشاركون الذين بلغ متوسط أعمارهم 67 عامًا، لديهم فرصة بنسبة 7.9% لتشخيص الزهايمر لديهم، لو أنهم يخضعون للعلاج الهرموني، مقابل 3.5% فقط يحتمل إصابتهم بالخرف، بين أولئك الذين لا يخضعون للعلاج الهرموني.
وقال قائد الفريق البحثي "د. نيجام شاه" – من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا: إن"الخطر حقيقي، ويعتمد على التاريخ السابق للخرف لدي المريض، وربما نحتاج إلى البحث عن علاج بديل".
وجاء في النتائج التي تم نشرها في مجلة (JAMA Oncology)، أن الرجال الذين تبلغ أعمارهم 70 عامًا فأكثر، والذين كانوا قد تعاطوا العلاج الهرموني لمدة تصل إلى 12 شهرًا على الأقل، كانوا الأكثر عرضة للخطر، ويظن العلماء أن العلاج الهرموني يؤدي إلى خطر الخرف لأن التستوسيترون يحمي خلايا المخ. والشكل الأكثر انتشاراً للعلاج الهرموني المستخدم في المملكة المتحدة، هو العقار المسمى "جوسريلين"، ويتم بيعة تحت العلامة التجارية المسماة "زولادكس"، ويعطى بالحقن. ويعمل على اعتراض إشارات المخ الموجهة للخصيتين لتنتج التستوسيترون.
ويحث العلماء مرضى سرطان البروستات الذين يخضعون للعلاج الهرموني، بألا يغيروا علاجاتهم دون استشارة أطبائهم، وقال "د.كيفن نياد" – الباحث المشارك من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة: "اندهشت من كيفية انتشار التأثير على كل أنواع الخرف، وبلا أدنى شك لن أغير الرعاية الإكلينية القائمة على نتائجنا". وأضاف: " نحتاج إلى أبحاث أكثر تبحث الارتباط بين العلاجات الهرمونية والخرف، وتحدد أنواع المرضى الأكثر عرضة للخطر".
وأوضح العلماء: "أنه من المعروف أن هرمون الذكورة يلعب دورًا مهما في صحة ونمو الخلايا العصبية، مما قد يفسر الارتباط في ما بينهم". وقال دكتور "ماثيو هوبز" نائب مدير الأبحاث في جمعية سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة: "إن العلاج الهرموني علاج فعال للغاية لمرضى سرطان البروستات، ويمكن أن يبقى المرض في حالة خمول لسنوات"، وتابع: "ومع ذلك فجميع علاجات سرطان البروستات يمكن أن تؤدي الى الخرف كعارض جانبي، لذا يكون لزامًا على الرجال التحدث لمستشاريهم ليوازنوا بين منافع ومخاطر كل العلاجات المتوفرة، وبالتالي يمكنهم اتخاذ القرار الصائب".
واستدرك: "ورغم أن البحث يقترح احتمالية وجود ارتباط بين العلاج الهرموني والخرف، إلا أنه من الصعب جدا الخروج بقول جازم من مثل هذه الدراسات، وعلاوة على ذلك نحتاج للبحث لتأكيد تلك النتائج، فالرجال الذين يتعاطون علاج سرطان البرستاتا يكونون عرضة للعيش بمشاكل صحية أخرى قد ترفع خطر الخرف لديهم، ولا يجب على أي شخص إيقاف العلاج الهرموني بناءً على هذه النتائج".
وقالت "د.لورا فيليبس" – مركز أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة: "رغم أن هذه النتائج تقترح وجود ارتباط بين علاج حرمان الأندروجين وتزايد خطر الإصابة بالخرف، إلا أنه لم يقر بشكل قاطع بأن علاج حرمان الأندروجين (ADT) يسبب زيادة هذا الخطر". وأضافت: "نحتاج إلى فهم أكبر لتاثير الهرمونات الجنسية على أمراض المخ مثل الزهايمر، لنخوض بشكل أعمق في الأسباب المحتملة لهذا الارتباط"، وتابعت: "وأثناء ذلك لابد ان نضع في اعتبارنا أن سرطان البروستاتا عبارة عن سلسلة مرضية، وأي خطر محتمل لعلاج حرمان الأندروجين (ADT)، لابد أن يوازن بعناية في مقابل دوره في علاج سرطان البروستاتا".