فيتامين "دي"

يعمل فيتامين "دي" على تنظيم كمية الكالسيوم والفوسفات في الجسم سواء اللازمة لصحة العظام والأسنان والعضلات، لكن دائمًا ما تظهر الأبحاث أن الفيتامين لديه الكثير من الآثار الصحيّة الأخرى وقد يحمي الجسم من العديد من الأمراض، لذا إذا كنت تريد أن تعيش لفترة أطول فإن الحفاظ على مستوى جيد من الفيتامين في الجسم هو المفتاح الرئيسي لذلك.

ويعد فيتامين D أحد أكثر العناوين المنتشرة في الصحف فلا يمر أسبوع  إلا وتنشر دراسة جديدة تتعلق بخفض خطر التعرض للأمراض كما أنه المكمل الوحيد الذي تنصح به الحكومة لتناوله خاصة في فصل الشتاء، كما أنه هناك أبحاث ربطت بين هذا الفيتامين ونقص مخاطر التعرض لاكتئاب وسرطان الثدي ونزلات البرد والتهابات الصدر لكن ما هو هذا الفيتامين وما هي الكمية التي نحتاجها ولم هو حيوي جدًا لصحتنا؟ وفيما يلي التغذية الطبية القائمة على أساس علمي حسب تصريح الدكتورة سارة بروير لصحيفة "ميل أونلاين" حول كيف يمكن أن يكون  فيتامين D مفيد للجسم من الرأس وحتى أخمص القدم.

ويحصل معظمنا على كمية كافية من الفيتامين وخاصة في فصلي الربيع والصيف بسبب تعرض الجلد لأشعة الشمس عندما يكون مؤشر الأشعة فوق البنفسجية أكبر من 3 ولكن هذا لا يحدث لدينا عند خط عرض شمال خلال الخريف والشتاء وفي حين ذلك يجب أن يأتي النظام الغذائي في المقام الأول ويمكن أن نجد فيتامين D فقط في عدد قليل من الأطعمة مثل الأسماك الغنية بالزيوت وصفار البيض واللحوم الحمراء والكبد، كما يتم إضافة أغذية مدعمة مثل حبوب الإفطار والدهون ولكن هذين النوعين لا يقدمان الكمية الكافية من الفيتامين وهذا يعني أن الكثير منا في خطر نقص الفيتامين لمدة 3 أشهر على الأقل على مدار العام.

 وتشير الأرقام الرسميّة إلى أنه يوجد نحو 23% من البالغين و21% من كبار السن و22% من المراهقين لديهم نقص في مستوى الفيتامين في دمهم ونتيجة لذلك فقد نصحت الصحة العامة في إنجلترا المواطنين بتناول مكملات فيتامين D بكميات تصل لـ 10 ميكروغرام يوميًا خلال فصلي الخريف والشتاء، وحتى الآن فإن المجموعات المعرّضة للخطر فقط تضم كل من الأطفال حتى سن الخامسة والحوامل والمرضعات وكبار السن البالغين أكثر من 65 عامًا وأصحاب البشرة الداكنة حيث ينصح بتناولهم جرعة مناسبة من الفيتامين بشكل يومي.

وأوضح أطباء بريطانيون، أنه إذا لم تكن لديك دوافع أو لست متحمسًا لتناول فيتامين D لتتمتع بعظام صحية في المستقبل فربما عليك أن تفكر في تناوله لمنع نزلات البرد هذا الشتاء ولاحتمالية أنه يساعدك أن تعيش لفترة أطول، إذًا هل تساءلت يومًا لم نحن أكثر عرضة للسعال ونزلات البرد وخلل الجهاز التنفسي أو حتى الالتهاب الرئوي خلال فصل الشتاء أكثر من الصيف؟ بين الفصلين تنتشر الجراثيم بسرعة وانخفاض مستوى الفيتامين في الجسم يمكن أن يكون المسؤول عن خفض الحماية.

ويشارك فيتامين D في تنشيط الباعات الكبيرة والخلايا الصائدة والقاتلة التي تجتاح وتدمر الفيروسات والبكتيريا أو حتى غزو الفطريات حيث تعمل مستقبلات الفيتامين كخلايا مناعية أخرى تحارب العدوى وتنظم استجاباتنا للحساسية، وتشارك العناصر الغذائية في إنتاج بروتينات مثل المضادات الحيوية في الخلايا المبطنة للمجرى التنفسي، كما يعرف فيتامين D بأنه المدافع حيث إن البروتينات تلتصق على الجدران البكتيرية وتفتح ثقوبًا بحيث تتسرب البكتيريا وتنفجر، وتعد الدفاعيات أيضًا نشطة أو فعّالة ضد الفيروسات وبالتالي فإنه ليس من الغريب أن الناس الذين يعانون من مستويات منخفضة من الفيتامين وخاصة في فصل الشتاء أن يكونوا أكثر عرضة لنزلات البرد والإنفلونزا والتهاب الشعب الهوائية أو حتى الالتهاب الرئوي.

وكان العلاج في العصر الفيكتوري لالتهابات الجهاز التنفسي الخطيرة مثل السل هو زيت كبد السمك والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجسة في أماكن مرتفعة وهو ما يعرف الآن على أنه يعمل على زيادة مستويات فيتامين D في جسمك والدليل على أن  فيتامين D يمكنه أن يساعدك في الحفاظ على نفسك في أحسن حال أثناء فصل الشتاء الساحق هو أن تحليل البيانات الحالي لحوالي 16 تجربة طبية شملت أكثر من 7,400 شخص من خلال النظر إلى تأثير تناول فيتامين D في مقابل وهمي للتعرض لخطر التهابات الجهاز التنفسي وبشكل عام انخفضت مكملات الفيتامين بشكل كبير مع احتمال التعرض على الأقل لعدوى الجهاز التنفسي (نزلات البرد والجهاز التنفسي) بمعدل 35% خلال فترات متتابعة تراوحت ما بين 3 أسابيع و3 سنين.

وتعد نزلات البرد والإنفلونزا هي المحرك الأكثر شيوعًا لتفجر الربو لذا من خلال الحماية ضد الفيروسات التي تسبب نزلات البرد والتهاب الشعب الهوائية يمكن لفيتامين D أن يحد من خطر تفاقم أزمة الربو، كما اكتشف الباحثون أن الفيتامين يساعد على منع الالتهابات ويعمل على تعزيز استجابة الجسم للأدوية في أجهزة استنشاق الربو (الكورتيزون)، ومن خلال استعراض كوشرين الذي يعد المعيار الذهبي للعلماء الدوليين وجد أن تناول فيتامين D يخفص من مخاطر مرضى الربو في الحاجة للذهاب إلى A&E أو دخول المستشفى بما يعادل 61%، كما أنه ساعد على الحد من المنشطات عن طريق الفم وتم تصنيف هذا الدليل على أنه "عالي الجودة"  وقال الباحثون إنه من المنطقي لأي شخص يعاني من الربو الأخذ في الاعتبار تناول مكملات فيتامين D.

ويساعد الحصول على مستويات عالية من فيتامين D النساء في مكافحة سرطان الثدي وذلك حسبما وجدت الأبحاث الأسبوع الماضي، وأولئك الذين يتعرضون لأشعة الشمس وتزيد لديهم كميات الفيتامين من الشمس فحوالي ثلثهم يكون على قيد الحياة حتى يتم التشخيص، ونظرية واحدة هي التي تقول إن الفيتامين يساعد على وقف تكاثر الخلايا السرطانية وفقًا لتقرير "جاما" للأورام وكان هناك تحليل بيانات ضخم في السابق لـ14 دراسة شملت 25 ألف سيدة ووجدت الدراسة أن النساء التي لديها مستويات كبيرة من الفيتامين أقل عرضة لتطور سرطان الثدي ونشر هذا البحث في دورية أورام علم الأحياء.

ويعد الناس الذين يتمتعون بمستويات مرتفعة من الفيتامين أقل عرضة بمعدل 62% لتطور مرض السكري للمرحلة الثانية أكثر من أولئك الذين لديهم مستوى فيتامين قليل وكان هذا هو استنتاج لنتائج تحاليل ضخمة من 21 دراسة شملت 76 ألف شخص ونشرت في دورية رعاية مرضى السكري والتفسير الأكثر ترجيحًا لهذا هو أن فيتامين D يحسن من حساسية الإنسولين وينظم نسبة السكر في الدم بشكل أفضل.

وارتبط نقص فيتامين D في الآونة الأخيرة بالاكتئاب وتدني الحالة المزاجية وخاصة في فصل الشتاء فأجسامنا تحصل على الكثير من هذا الفيتامين من خلال التعرض لأشعة الشمس ووجدت الأبحاث التي نُشرت في دورية الطب النفسي البريطانية أن أولئك الذين يعانون من نقص مستوى الفيتامين في الجسم أكثر عرضة لتطور الاكتئاب وبشكل مضاعف أكثر من الذين يتمتعون بنسب عالية من الفيتامين، وفي دراسة أخرى والتي كشف عنها الشهر الماضي أجرى العلماء اختبار على مستويات الفيتامين على نحو 225 مريض يعالجون من اضطرابات نفسية و159 شخص لا يعاني من شيء وجدت الدراسة أنه توجد علاقة وثيقة بين انخفاض مستوى الفيتامين وارتفاع معدلات الاكتئاب ونشر هذا البحث في دورية بحث الفصام في النرويج  كما تم اقتراح استخدام الفيتامين لعلاج المرضى. 

ويساعد ارتفاع مستويات الفيتامين في الجسم للعيش لفترات أطول وذلك وفقًا لبحث أجري من تزيد أعمارهم عن 50 عام وشمل البحث 26 ألف رجل وامرأة من بين 8 دول حيث كشف البحث أن الذين لديهم مستويات عالية من الفيتامين أقل عرضة للوفاة من أي سبب طبي بنسبة 57% أكثر من الذين لديهم نسب أقل.

ويعتبر الحد الأدني الذي يجب تناوله لمنع الظروف المرتبطة بنقص فيتامين D مثل العضلات والعظام ولين العظام والكساح هو 10 ميكروغرام وهذه هي الكمية التي تنصح بها وزارة الصحة العامة في إنجلترا بتناولها في فصل الشتاء  وفي حين أن هذه النصيحة عظيمة إلا أنها لا تأخذ في الحسبان مدى أهمية هذا النوع من الفيتامين في تكوين نظام مناعة قوي والحماية من الكثير من الأمراض الصحية مثل التي نوقشت في الأعلى، كما أنه توجد أدلة متزايدة أن بعض الناس قد يحتاجون إلى جرعات أكبر تصل إلى 25 و50 ميكروغرام وخاصة كبار السن، وإذا كنت تستخدم واقي الشمس أو تغطي جسمك من الشمس أو لديك بشرة داكنة أو ملازم للمنزل فإنك قد تحتاج لمكملات هذا الفيتامين على مدار العام.

وأفاد العلماء بأن تناول أكثر من 100 ميكروغرام من فيتامين D في اليوم ليس مرتبطًا بآثار سلبية، كما أنه يُفضل تناول الجرعات الكبيرة تحت إشراف طبي ومصممة خصيصًا لمستويات الدم لكن حذرًا من زيادة الجرعة فإنها قد تؤدي إلى آثار سلبية مرتبطة بمستويات الكالسيوم مثل نزع معدنيات الأسنان من عظم حصى الكلى والصداع وضعف العضلات.