عُرف الملح بأنه "السم الأبيض" لأكثر من 40 عامًا، حيث يقول الأطباء أنه مضر للصحة مثل التدخين أو عدم ممارسة الرياضة، وكانت هناك توصيات باستخدام ملعقة صغيرة يوميًا من الملح، طالما أن الكثير منه يسبب ارتفاع ضغط الدم، ويلحق الضرر بالقلب. وأظهرت دراسة علمية حديثة أعدها المركز الطبي الأمريكي في سانت لوك المختص بأبحاث القلب والأوعية الدموية في ولاية ميزوري الأمريكية أن تناول القليل جدا من الملح يمكن أن يسبب مقاومة الأنسولين، وزيادة تخزين الدهون، وربما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري، ناهيك عن خفض الرغبة الجنسية.
المبادئ التوجيهية اليومية الحالية توصي بتناول 2.4 غرام من الصوديوم، والذي يترجم إلى 6 غرامات من الملح (أو كلوريد الصوديوم) أو أقل قليلا من ملعقة ملح صغيرة، وإذا كنت مصاب بارتفاع ضغط الدم ينصحك الأطباء بخفض كمية الملح إلى ثلثي ملعقة صغيرة في اليوم، كما أن نظام غذائي منخفض من الملح يكبح الرغبة الجنسية، ويمنع فرص الحمل ويؤثر على وزن الولادة لدى الرضع، وتظهر الدراسات السريرية أن الوجبات الغذائية منخفضة الملح يمكن أن تزيد من خطر ضعف الانتصاب، والتعب وتقلل من خصوبة النساء في سن معين، في حين أن الملح يساعد الجسم على تحمل الحوادث وغيرها من الصدمات، فيحتاج الجسم كمية من الملح للحفاظ على تجديد دورة الدم ومنع انهيار الأوعية الدموية عند التعرض للنزيف جراء الحوادث، كما أنه يسرع الشفاء من الجروح والحروق.
وأضحت الدراسة أن 80 % ممن يعانون من ارتفاع ضغط الدم لا يؤثر الملح فيهم ونصحتهم بتناول ثلثي ملعقة شاي منه، ومع ذلك زيادة كميات تناول الملح تعمل على احتباس السوائل في الجسم، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وبالتالي إلى حدوث أمراض القلب والسكتات الدماغية وغيرها من الأمراض الخطيرة الأخرى.وتشير الدراسة إلى أن تناول كميات منخفضة من الملح تسبب العديد من الآثار الجانبية التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل زيادة معدل ضربات القلب، ووظائف الكلى المتضررة، والغدد الدرقية غير النشطة، وارتفاع مستويات الأنسولين، وهو عامل خطر لمرض السكري، فضلًا عن ارتفاع نسبة الكولسترول.
وفي هذا السياق، فاننا نفقد الملح عن طريق اتباع الوجبات الغذائية العصرية مثل الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، وبعض الأدوية تسبب فقدان الملح، مع وجود مشاكل الأمعاء بما في ذلك مرض كرون، التهاب القولون التقرحي، متلازمة القولون العصبي والأمعاء المتسربة تقلل أيضا امتصاص الملح، وسوف يؤدي تلف الكلى الذي سببه الكربوهيدرات المكررة والسكر إلى تقليل قدرة تلك الأجهزة على الاحتفاظ بالملح، في حين أن استهلاك القليل جدًا من الملح يمكن أن يؤدى إلى حدوث سلسلة من التغيرات التي تؤدي إلى مقاومة الأنسولين، وزيادة في الرغبة الشديدة تجاه السكريات، وعدم التحكم في الشهية الأمر الذي يعزز زيادة الوزن، كما أن ذلك يحفز الهرمونات مثل الرينين، أنغيوتنسين والألدوستيرون والتي تساعد في الاحتفاظ بمستويات الملح المنصهر، ولكنها تزيد أيضًا من امتصاص الدهون.
وتشير الأبحاث أيضًا إلى أن خفض تناول الملح يعمل على نقص اليود، لأن الملح هو أفضل مصدر لليود، ونحن بحاجة إلى اليود لكي تقوم الغدة الدرقية بوظيفتها والتي بدونها يقل معدل الأيض، ويؤدي معدل الأيض البطيء إلى تخزين الجسم لمزيد من الدهون، وخاصة في الأجهزة، مما يعزز مقاومة الأنسولين، بالإضافة إلى ذلك، فإن الوجبات الغذائية منخفضة الملح تزيد من خطر الجفاف بشكل عام.