أثار إعلان الجراح الجنوب أفريقي ، كريستيان برنارد ، نجاح أول عملية زرع قلب بشري في ديسمبر/كانون الأول من عام 1967 ، موجة من الاحتجاجات ، ولكن لم يكن السؤال الأول من الصحافيين عن كيفية إجراء العملية أو حتى كيف شعر المريض ، ولكن أرادوا معرفة جنس وعرق المتبرع.
وأجريت العملية في مستشفى غروت شور في العاصمة كيب تاون، قلب الفصل العنصري، في فترة فصل أصحاب البشرة البيضاء عن السمراء حتى في المستشفيات ، حيث غرف منفصلة كل منهما، كما وصلت عملية الفصل لدفن الموتى في مدافن منفصلة.
وقبل أسابيع قليلة، تم التخلي عن المحاولة الأولى لزرع قلب بشري لأن المتبرع الوحيد المتاح للمريض، لويس واشكانسكي، البالغ من العمر 54 عامًا كان من أصحاب البشرة السمراء.
ويخشى السيد واشكانسكي ، من الدفن في مقابر أصحاب البشرة السمراء، بجانب المخاوف أن فريق الأطباء من أصحاب البشرة البيضاء يجرون التجارب على أصحاب البشرة السمراء ، واليوم وبعد مرور 50 عامًا على إجراء عملية زراعة القلب، يكشف البروفيسور جراح القلب البريطاني، ستيفين ويستابي، عن التاريخ غير المريح لهذه العملية، قائلًا "كنت حينها طالبًا أبلغ من العمر 19 عامًا ، أعمل على جثة في مستشفى شارينغ كورس، كنت أريد أن أصبح جراح قلب، وما زلت اتذكر الصنين في الغرفة حين سمعنا عن أول عملية لزراعة القلب ، وكان تأثير الخبر مشابه لحادث اغتيال كيندي بالرصاص، حيث اتذكر أين كنت".
وبدأ الترويج لهذه العملية بعدما زرع الجراح الأميركي، ريتشارد لولر، أول كبد في عام 1950، وبعد 13 عامًا زرع جيمس هاردي ، أول رئة في العالم، وفي العام التالي كان زراعة القلب.
ويعمل هاردي في جاكسون في ولاية ميسيسبي، ووجدو مانحًا في يناير/كانون الثاني 1964 ، ولكن قوانين الولايات المتحدة لم تعترف بمفهوم موت الدماغ، وأدرك هاردي أنه خاطر بنفسه حيث توجيه تهمة القتل له، إذا أخذ قلب شخص متوفي لزراعتها، ولذلك قرر زراعة قلب شامبنزي في صدر رجل يدعى بويد راش، ولكن جسم راش رفض الجهاز الحيواني، وتوفي في نفس اليوم ، ولم يكن لدى جنوب أفريقيا ممثل هذه القوانين الخاصة بموت الدماغ، ومنحت برنارد تأكيد بأنه لن يحاكم إذا أخذ قلب مريض نابض ولكنه ميت الدماغ.
حلول شتاء عام 1967، قام بـ49 عملية زراعة قلب على الكلاب ، وجمع أول فريق من الجراحين والممرضين للاستعداد لمحاولة زراعة أول قلب بشري، وأختار مريضًا، وهو السيد واشاكانسكي، الذي كان يعاني من مرض الشريان التاجي والسكري وفشل القلب.
وقال البروفيسور ويستابي "في 22 نوفمبر/تشرين الثاني تم عرض زراعة القلب، وكان السيد واشاكانسكي عازمًا على المضي قدمًا ، ولكن المتبرع كان أسود، وكانت هذه قوة الفصل العنصري التي أوقفت العملية ، وأضاف "كان برنارد قام من قبل بعملية زرع الكلى من شخص أسود إلى إمرأة أفريكانية بيضاء، وكانت سبب في نشر الفوضى في كيب تاون، كان هناك اعتراض ضخم حول استخدام أعضاء السود لإبقاء البيض على قيد الحياة".
وأصاب سائق في حالة سكر ، في الثاني من ديسمبر/كانون الأول ، فتاة تدعى، دينيس دارفال، 25 عامًا، حين وصلت إلى المستشفى كان واضحًا أنه لم يكن لديها فرصة للبقاء على قيد الحياة.
وطلب برنارد من والدها ما إذا كان يمكن أن يستخدم قلبها لإنقاذ السيد واشاكانسكي، واتفق دارفال، قائلًا للجراح إن ابنته المسيحية كانت تمتلك "قلب من ذهب"، وأنها يريد شخص آخر الاستفادة منه.
وبدأت العملية في الساعات الأولى من يوم الثالث من ديسمبر/كانون الأول ، ولكن الجراح تيري أودونوفان، كان مسؤولًا عن فتح صدر الفتاة وأخذ قلبها، ولكنه كان غير مستعدًا لإزالة قلبها حتى توقف تمامًا عن الضرب، وبعد ذلك تم نقل قلبها إلى السيد واشاكانسكي، وأخذ ثلاث محاولات حتى يبدأ في ضخ الدم ، فقد كان قلب الفتاة صغيرًا ، ولكن لاحظ الجراحون أنه يشبه سمكة الصغيرة صدر واشاكانسكي الضخم، مما جعل عملية إنضمام الأوعية صعبة، وفي أخر محاولة اندعش بارنارد، وأكد لفريقه الطبي أن العملية نجحت.
وفي غضون ساعات، انتشر خبر نجاح العملية في أنحاء العالم كافة ، وبدأت الاستفسارات في التدفق من الصحافيين ، وأكد البروفيسور ويستابي أن السؤال الأول الذي طرحته الصحافة هو أن المتبرع شخص أبيض أو أسود ثم سألوا كيف شعر السيد واشاكانسكي، وهو يهودي، حين وجود قلب غير يهودي بداخله ، ومع ذلك، كان النجاح الأولي قصيرة الأجل، ففي الأيام التالية للعملية بدأت حالة السيد واشاكانسكي في التدهور، وسط اعتقاد بأن جسده يرفض الجهاز المتبرع، وزاد الأطباء من العقاقير المناعية، وهو الأمر الذي جعل الإصابة أكثر سوءً ، وتوفي في 21 ديسمبر/كانون الأول بعد أن عانى من الالتهاب الرئوي، والصدمة الإنتانية وفشل الجهاز المتعدد.
ومن المقرر أن يكشف البروفيسور ويستابي، النقاب عن مزيد من الأحداث التاريخية بشأن عملية زراعة القلب الأولى، على راديو الإذاعة البريطانية في يوم 6 ديسمبر/كانون الأول الأربعاء المقبل.