يمكن أن يكون المستكشفون الأوروبيون والغزاة هم السبب في انتشار مرض السل في جميع أنحاء العالم، وجعله واحدًا من أهم 10 أسباب عالمية للوفاة.
وتتبعت دراسة حديثة منشورة في مجلة Science Advances، السلالة الأكثر شيوعًا من المرض على مر الزمن، ووجدت أنها بدأت في أوروبا عام ألف بعد الميلاد، قبل الانتشار إلى الخارج , وتتطابق الفترات الزمنية التي عُثر فيها على آثار المرض في قارات أخرى، مع الوقت الذي بدأ فيه الأوروبيون في الإبحار إلى البلدان البائسة , كما يتتبع العلماء أيضًا انتشار السلالات المقاومة للمضادات الحيوية، وهي ظاهرة يقولون إنها عقبة رئيسة أمام وقف انتشار المرض.
وقام باحثو كلية لندن الجامعية والمعهد النرويجي للصحة العامة، بتتبع حركة السلالة الأكثر شيوعًا من السل، واسمها "Lineage 4" منذ ظهورها لأول مرة في أوروبا، منذ ألف عام تقريبًا , وبعد 200 عام من ظهوره الأوروبي، ظهر السل في آسيا ثم انتشر في أفريقيا خلال القرن الخامس عشر، وعُثر على إصابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويتطابق هذا التوقيت مع الإمبراطوريات البرتغالية والعثمانية، التي ترسخت في أفريقيا خلال القرن نفسه , وانتشر مرض السل في جنوب وشمال أميركا بالتزامن مع رحلات المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس عبر المحيط الأطلسي , وفي أفريقيا، انتقل المرض من جمهورية الكونغو إلى البلدان المجاورة، أوغندا وملاوي وجنوب أفريقيا, وتعكس هذه الحركة توسع المستعمرات الأوروبية في القارة، والهجرة الداخلية.
ووجد الباحثون أن السلالات المقاومة للمضادات الحيوية لا تتحرك كثيرًا، ما يجعل من السهل احتواء تلك الأنواع المعينة من العدوى , وأوضحت الدراسة أن الدول التي تنجح في وقف انتقال السلالات المقاومة داخل أراضيها، يجب أن تتوقع انخفاضًا كبيرًا في معدل انتشار السل المقاوم للأدوية, ولكن هذا لا يعني أننا يجب ألا نشعر بالقلق من الانتشار الدولي للسلالات المقاومة، لأن هذه الأنماط قد تتغير في المستقبل، بخاصة إذا استمر عبء مقاومة المضادات الحيوية في النمو.
يذكر أن السل يعد مرضًا بكتيريًا يصيب الرئتين في الغالب، وينتشر عن طريق السعال والعطاس, كما يقتل ما يقرب من مليون شخص في جميع أنحاء العالم سنويًا , ويمكن القول إن أولئك الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية، وضعف جهاز المناعة أو ضعف الوصول إلى الرعاية الصحية، هم الأكثر عرضة إلى الخطر.