أضافت دراسة سويسرية حديثة فائدة جديدة لذبابة الفاكهة في مجال الأبحاث العلمية باستخدامها في الكشف عن أسرار الشيخوخة التي تصيب أنسجة خلايا الإنسان.
ومنذ 1946 حتى عام 2018 أثبتت أبحاث حصل أصحابها على جائزة نوبل، أن لـ75 في المائة من الجينات الخاصة بالأمراض التي تصيب الإنسان، نظائر يمكن تمييزها في ذبابة الفاكهة، وهو الأمر الذي ساعدهم على جعلها مادة خصبة لأبحاث تعود بالفائدة على الإنسان، وكان آخرها الدراسة السويسرية.
وخلال الدراسة التي نُشرت، أول من أمس، في دورية إميونتي immunity، المتخصصة في أمراض المناعة، استخدم الفريق البحثي ذبابة الفاكهة لاستكشاف التفاعل الذي يحدث بين بكتيريا الأمعاء والجهاز المناعي، ليصلوا إلى الدور الذي تسببه تلك البكتيريا حال زيادتها في إحداث الشيخوخة في أنسجة الخلايا.
وركزت الدراسة على البروتين المساعد في التعرف على الببتيدوجليكان المادة الرئيسية في جدار الخلية، ويسمى PGRP - SD، والذي أثبتت دراسة سابقة في 2016 للباحث إيغور لاستينكو، من معهد الصحة العالمي التابع للمعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا بسويسرا، أن له دوراً في الكشف عن مسببات الأمراض البكتيرية التي يقوم جهاز المناعة في الذبابة بصدها.
وانطلق الباحث ذاته في الدراسة الحالية التي شارك فيها مع ثلاثة آخرين من اكتشافه السابق، ليقوم بتعطيل الجين الخاص بالبروتين المساعد في التعرف على الببتيدوجليكان، وبالتالي أثّر ذلك على جهاز المناعة الخاص بالذبابة، فكان عمرها قصيراً مقارنةً بالأخرى التي لم يحدث لها أي تعديل، وعندما فحصها الباحثون وجدوا عدداً كبيراً من جراثيم الأمعاء.
ويقول الباحث الرئيسي إيغور لاستينكو في تقرير نشره المعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا على موقعه الرسمي، بالتزامن مع نشر البحث في دورية إميونتي، إنهم اكتشفوا قيام البكتيريا بعد تعطيل الجين بإنتاج كمية زائدة من حمض اللاكتيك، الذي أدى بدوره إلى توليد أنواع الأكسجين التفاعلية، التي تسبب ضرراً للخلايا وتسهم في شيخوخة الأنسجة.
وتأكد الفريق البحثي من هذه النتيجة عندما ساعدوا في مجموعة أخرى من ذباب الفاكهة على زيادة إنتاج البروتين المساعد في التعرف على الببتيدوجليكان PGRP – SD، فوجدوا أنه يمنع جرثومة الأمعاء، وساعد على إطالة العمر.
ويطمح الباحثون إلى أن تساعد هذه النتيجة في الوصول إلى آليات للحفاظ على أنسجة الخلايا من الشيخوخة، انطلاقاً من تكهنهم بحدوث آليات مشابهة لما حدث في ذبابة الفاكهة بالإنسان، كما حدث في اكتشافات سابقة كان أساسها تلك الذبابة.
وساهمت أبحاث أُجريت على هذه الذبابة في وضع أسس دراسة ما بات يُعرف بـ"علم الوراثة الجينية"، وحصل صاحب هذه الأبحاث العالم توماس هنت مورغان على جائزة نوبل، كما اكتشف بها مجموعة من الجينات الخاصة بما يُعرف بـ"اضطراب الرحلات الجوية الطويلة" والتي توجد عند بعض الأفراد، واستخدمتها وكالة "ناسا" الأميركية لدراسة السبب الذي يجعل رواد الفضاء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض خلال مهامهم الفضائية.