طوّرت كلية طب جامعة واشنطن في سانت لويس، جهازًا جديدًا لمساعدة من يعانون من السكتة الدماغية لاستعادة السيطرة على أيديهم المشلولة، ويستهدف الجهاز جزءًا صغيرًا من الدماغ الذي يرسل إشارة الحركة إلى الأصابع، وبعد 12 أسبوعًا من استخدام الجهاز زادت قدرة القبض باليد لدى 10 من المرضى بنسبة 6.2 على مقياس من 57 نقطة، وعلى الرغم من كونها نسبة تطور قليلة إلا أن الخبراء يصرون على أنها تعد خطوة كبيرة في بحوث السكتات الدماغية، وبالنسبة لبعض المرضى ساعد ذلك على توفير ما يكفي من القوة للبس زوج من السراويل.
وكشف أستاذ الأعصاب إريك ليوهارت، أنّ "زيادة قدرها 6 درجات تمثّل تحسنًا ذو مغزى في نوعية الحياة، وبالنسبة للبعض يمثل ذلك الفرق بين عدم القدرة على ارتداء السروال بأنفهم وقدرتهم على فعل ذلك بأنفسهم من خلال هذا الجهاز"، وتتضمن التكنولوجيا التي يطلق عليها Ipsihand غطاء يحتوي على أقطاب للكشف عن الإشارات الكهربائية في الدماغ، حيث يقوم جهاز الكمبيوتر بتضخيمها فضلا عن قاعدة متحركة تناسب اليد، ويكتشف الجهاز نية من يرتديه على تحريك قبضة يده حيث ينحني الإصبع الثاني والثالث لتتناسب مع الإبهام.
وأوضح الدكتور ديفيد باندي من جامعة كانساس، أنّ "هناك الكثير من خلال استخدام ذراعيك واليدين بدلا من هذه الحركة البسيطة، ولكن القدرة على قبض اليد واستخدام الإبهام هامة للغاية، ولأن ذراعك لا تتحرك تماما كما كانت من قبل لا يعني ذلك أنه لا قيمة لها، فلا زال يمكننا التفاعل مع العالم باستخدام الذراع الضعيفة".
وطُلب من المشاركين التقاط كتلة ووضعها على جزء علوي مع تحريك أيديهم إلى أفواههم، واستطاع المشاركون فعل المهمة بشكل جيد، وقيّم المشاركون قدرتهم على استخدام الذراع المصاب ورضاهم عن هذه المهارات، وتحسن الرضا عن الذات بشكل ملحوظ لدى المشاركين على مدار الدراسة، وتعد السكتة الدماغية السبب الرئيسي للإعاقة المكتبسة بين البالغين، ويمر نحو 700 ألف شخص في الولايات المتحدة بسكتة دماغية كل عام ويعيش 7 مليون شخص فيما بعد الإصابة، وتؤثر السكتة الدماغية على نحو 152 ألف بريطانيا سنويا ويعاني اثنان من كل 3 أشخاص من شلل في الذراع، ويعاني واحد من كل 6 من السكتة الدماغية في حياتهم.
وبيّن البروفسور ليوثاردت، أنّه "أظهرنا واجهة للدماغ عبر الكمبيوتر واستخدمنا النصف غير المصاب لتحقيق انتعاش ذات مغزى لمرضى السكتة الدماغية المزمنة"، وأوضحت الدراسة التي نشرت في مجلة "Stroke" أن الأشخاص يستعيدون بعض القدرات بسرعة إلا أنه تقدمهم وصل إلى القمة بعد حوالي 3 أشهر، وأضاف البروفسور المشارك ثي هوسكي من جامعة واشنطن، أنّه "اخترنا تقييم الجهاز على المرضى الذين أصيبوا بالسكتة الدماغية الأولى قبل 6 أشهر أو أكثر في الماضي لأنه لن يحدث المزيد من التقدم بعد هذا الوقت، ويفقد بعض المرضى الدافع للمحاولة لكننا بحاجة إلى مواصلة العمل على إيجاد تكنولوجيا لمساعدة هؤلاء المرضى المهملين"
وتوجد مناطق الدماغ التي تتحكم في الحركة على الجانب الآخر من الجسم من الأطراف التي تسيطر عليها، ولكن قبل عقد اكتشف الباحثون منطقة صغيرة لعبت دورا هاما في التخطيط للحركة في نفس الجانب، ولتحريك اليد اليسرى تظهر إشارات كهربائية محددة أولا في منطقة المحرك في الجانب الأيسر من الدماغ، وفي غضون مللي من الثانية تنشط مناطق المحرك اليمنى وتترجم نية الحركة إلى انقباض فعلي في عضلات اليد، حيث أن الشخص الذي أصيبت يده اليسرى وذراعه بأضرار في المناطق الحركية على الجانب الأيمن من الدماغ بينما يكون الجانب الأيسر من الدماغ سليم، ما يعني أن مرضى السكتة الدماغية مازال يمكنهم توليد إشارة كهربائية إلى نية التحرك، إلا أن الإشارة لا تذهب إلى أي مكان بسبب عدم عمل المنطقة المسؤولة عن خطة الحركة.
وتابع البروفيسور ليوهارت أنّ "الفكرة أننا إذا تمكنا من مزاوجة الإشارات الحركية مع تحريك الأطراف في نفس الجانب مع الحركة الفعلية لليد سيتم عمل اتصال جديد في الدماغ وهو ما يسمح للمناطق غير المصابة من الدماغ بالسيطرة على اليد المشلولة"، واستعان البروفسور هوسكي بمرضى السكتة الدماغية المعتدلين إلى المصابين بضرر بالغ ودربوهم على استخدام الجهاز في المنزل 5 أيام في الأسبوع لمدة 10 دقائق إلى ساعتين في اليوم، وأكمل 10 منهم الدراسة بعد انقطاع 3 بسبب مشاكل صحية غير ذات صلة أو عدم القدرة على الامتثال للالتزام بالوقت، واختلف مقدار تحسن كل فرد.
وأضاف البروفيسور هوسكي، أنّه "مع تحسّن قدرة التكنولوجيا على التقاط إشارات الدماغ يصبح الأمر أفضل، ولدي يقين بأن الجهاز سيكون أكثر فعالية في مساعدة مرضى السكتة الدماغية لاستعادة بعض الوظائف الحيوية".