اشتهرت سورية خلال العقود الماضية بإنتاج الزيتون وزيت الزيتون، إذ كانت تحتل المراكز الأولى عربيا وعالميا في ما يخصّ إنتاج هذه المادة (الأولى عربيا والثالثة عالميا وفقا لأرقام صندوق النقد الدولي)، حيث قدر عدد أشجار الزيتون في سورية بنحو 100 مليون شجرة ومتوسط الإنتاج 1.2 مليون طن.
هذه الإحصائيات والأرقام سرعان ما تغيرت مع بدء الأعمال الحربية في سورية 2011، حيث تراجع الإنتاج نحو مستويات قياسية، حاله كحال باقي السلع الاستراتيجية كالقمح والنفط، لينضم زيت الزيتون لقائمة الخسائر التي مُني بها الاقتصاد السوري.
وعلى الرغم من كونه منتجا محليا فإن أسعار زيت الزيتون تأثرت وتصاعدت تدريجيا لتصل إلى أرقام خيالية، حيث كان سعر لتر زيت الزيتون يباع في عام 2011 بنحو 190 ليرة سورية، هذا الاستقرار استمر لعام 2012 حيث تراوح سعر اللتر بين 200 و210 ليرات.
موجة الارتفاعات بدأت مع عام 2013 مع وصول سعر اللتر إلى ما بين 300 و350 ليرة سورية، ليتصاعد تدريجيا ويصل مع نهاية العام 2014 لنحو 900 ليرة، وسط تصريحات رسمية بانخفاض الإنتاج بنسبة 300%.
في عام 2015، استمر الارتفاع ووصل سعر اللتر نحو 1100 ليرة سورية، ليتخطى مع عام 2016 حدود الـ1500 ليرة للتر الواحد، وسط انخفاض الإنتاج وفقا للعديد من الإحصائيات الرسمية لنحو 90%.
هذه الارتفاعات في أسعار زيت الزيتون، دفعت السوريين إلى الاستغناء جزئيا عن هذه المادة إما بالاستعاضة عنها بالزيوت المهدرجة أو خلطها بهذه الزيوت، لعجز ميزانية الأسرة السورية حاليا عن تحمل تكاليف شرائه، فإذا ما تم احتساب استهلاك الفرد السنوي المقدر بـ6 كليوغرام سنويا (وفقا لإحصائية أجرتها وزارة الزراعة السورية)، على أساس سعر الكيلو 1700 ليرة، فإن الفرد يدفع سنويا على مادة زيت الزيتون وحدها 10 آلاف و200 ليرة سورية.
وللوقوف على واقع زراعة زيت الزيتون، تحدث المهندس الزراعي أحمد الحسن الموظف السابق في وزارة الزراعة والذي قال: "إنتاج سورية تراجع لمستويات قياسية جراء الدمار الذي لحق في أشجار الزيتون في كل من إدلب التي تحتل المرتبة الثانية من حيث عدد الأشجار، إضافة إلى كل من #درعا وحمص وريف -دمشق، حيث تراجع الإنتاج من مليون طن إلى 70 ألف طن فقط في عام 2016".
وأضاف الحسن أن "القصف المتكرر وقطع الأشجار بهدف التدفئة وتجارة الحطب، قلص مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون، إضافة إلى قلة الهطولات المطرية وارتفاع سعر المحروقات الذي حال دون سقاية الأشجار، ناهيك بارتفاع تكاليف النقل وأسعار المبيدات".
ومع كل الأزمات التي تعرض لها محصول زيت الزيتون، لجأ تُجّاره إلى أساليب عديدة من الغش، كإضافة زيت النخيل له والذي يعتبر من أرخص أنواع الزيت ويبلغ سعر اللتر منه نحو 250 ليرة فقط.
وفي رصد لموقع الحل لأسعار زيت الزيتون عالميا، وجدنا أن سعر لتر زيت الزيتون السوري يباع في الأسواق الخارجية بسعر 1.9 يورو للتر (نحو 1118 ليرة سورية)، في حين وصل سعر ليتر زيت الزيتون في السوق المحلية 1700 ليرة، (نحو 3.1 يورو)، وبالتالي يدفع المواطن السوري 582 ل.س زيادة عن كل لتر يشتريه المواطن.