لطالما قامت أمهاتنا بتحذيرنا بأن لا نضع رقائق البطاطا الخضراء في أفواهنا، وأن نلقيها فور أن تنتشر بها تلك البراعم الخضراء, ولكن هل هناك حقيقة وراء تلك الحكاية؟
هل البطاطا سامة في الواقع؟
تساءلت كارولين رايت، وهي محاضرة رفيعة المستوى في البستنة في جامعة نوتنغهام ترنت، عن سبب تناول الناس لها بسبب تلك النكهة المريرة في البطاطا الملونة, حيث يظن كثير من الناس أن البطاطا كالخضروات الجذرية كونها تنمو تحت الأرض مثل الجزر، والجزر الأبيض والمحاصيل الجذرية الأخرى, ولكن في واقع الأمر أنها نوع من "الجذعية المعدلة" المعروفة باسم درنة, وفي حال بالضغط عليها، تنتفخ تلك التي يتم إنتاجها تحت الأرض وتبقى هناك عندما تهدأ "النبتة الأم".
ويسمح للنباتات بالبقاء على قيد الحياة خلال فترة الشتاء الباردة كونها تتنفس تحت سطح التربة، حيث تكون الدرنات العميقة محمية من الصقيع.
وأشارت كارولين رايت إلى أن معظمنا على علم أن البطاطا تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات، هذا لحاجتها إلى المواد الغذائية المخزّنة بما فيه الكفاية من أجل البقاء في فصل الشتاء. ويتم انشاء المواد الغذائية في شكل السكريات عن طريق التمثيل الضوئي، وهي العملية التي تستخدمها النباتات التي تستمدّ الطاقة من أشعة الشمس لإنتاج الجلوكوز من ثاني أكسيد الكربون والماء, في حين أن بعض من هذه الطاقة تستخدم من قبل النباتات على الفور، النباتات المعمرة، تلك التي تعيش لأكثر من موسم زرع، تخزن الطاقة لبدء النمو في الربيع التالي.
وأشارت إلى أنهم بحاجة إلى هذه المواد الغذائية ليكونوا قادرين على توليد ما يكفي من الطاقة لتنمو وتصل إلى سطح التربة وتنمو أوراق جديدة قبل أن يتمكنوا من البدء في التمثيل الضوئي.
وأضافت, بعبارة أخرى، البطاطا تحتوي على "وجبة غداء" من شأنها أن تبقيها على قيد الحياة خلال فصل الشتاء وإنتاج التدفق الأول من النمو, إذن ماذا يحدث إذا صارت البطاطا خضراء؟
إذا كنت تشاهد عن كثب البطاطا، ستلاحظ البقع الصغيرة التي تراها عندما تبحث في الجلد أو قشور البطاطا, وهذه في الواقع هي العقد من الجذع. وعندما تظهر على الجذع الطبيعي فوق الأرض تؤدي هذه إلى أوراق الى تشكّل فروع جديدة, حيث تتشكل تلك البراعم التي تبدأ في النمو على البطاطا إذا تركتهم في الخزانة لفترة طويلة جدا, وتبدأ في النمو من خلال الدفء في بيتك، وفي حال تعرضوا إلى أي ضوء فسوف تُسرع هذه العملية. هذا هو السبب التي يجعلنا نضع البطاطا في مكان مظلم وبارد الى أقصى قدر من الصلاحية.
ولكن ماذا عندما تتحول إلى اللون الأخضر؟ فمعظمنا يدرك أننا لا ينبغي أن نأكل البطاطا الخضراء.
يُؤدّي التعرض للضوء إلى ردود فعل فسيولوجية معينة داخل الدرنة, ويتسبب إنتاج الكلوروفيل في اللون الأخضر، وهذا ليس ضارا تماما، بل يحتوي على كميات عالية من المعادن المفيدة مثل الحديد, وهو أيضا من الأسباب المؤدية الى التحوّل الى اللون الأخضر كما لدى جميع الخضروات الورقية الخضراء الصالحة للأكل.
ولكن الضوء والدفء أيضا يؤديان إلى إنتاج السولانين، وهي مادة كيميائية يمكن أن تتسبب في أعراض التسمّم لدى الإنسان إذا تناولها بكميات كبيرة, وتشمل الأعراض الغثيان والإسهال والقيء وتقلصات في المعدة، وحرق في الحلق، والصداع والدوخة.
وتتركز هذه المادة الكيميائية تحت قشرة البطاطا جنبا إلى جنب مع الكلوروفيل، وكذلك في البراعم النامية حديثا, لذلك قد يكون من المستحسن عدم تناول البطاطا الخضراء أو تلك التي بدأت في تنمية البراعم. بالطبع، يمكننا إزالة المنطقة الخضراء من القشرة وتجربة الأمر الذي سيقلل من أي فرصة من رد الفعل السام ولكن يمكن أن يكون لا يزال هناك نكهة مريرة في البطاطا التي بدأت في النمو, وبداية من عملية النمو تبدأ أيضا في استيعاب السكريات والفيتامينات الحالية مما يعني أن البطاطا هي الآن أقل في القيمة الغذائية.
ولتجنب كل ذلك الضرر يمكننا أن نزرع محصول البطاطا في حديقتنا الخاصة، مع الحرص أن تكون بذور البطاطا التي نشتريها خالية من الفيروسات, في فصل الشتاء، فإنها أيضا بحاجة إلى بيئة خالية من الصقيع للنمو, وإذا لم يكن لدينا أي مساحة لزراعتها علينا ازالة النفايات ثم أزالة البراعم والجلد الأخضر، ومن ثم نسلقها ونقطعها ونطعمها للطيور ، فسوف تكون سعيدة.