لا يزال الاكتئاب موضوعاً محرماً لكثير من الناس، ولا سيما بالنسبة للرجال. ولكن لا يمكن التقليل من حجم تلك المشكلة. ووفقاً للجمعية الألمانية لمساعدة مرضى الاكتئاب، فإنه في كل عام يتطور الشعور بالاكتئاب لدى أكثر من 5.3 مليون شخص في ألمانيا وحدها، الأمر الذي يؤدي إلى نحو 10 آلاف حالة انتحار في البلاد سنوياً.
أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة لمدة سنة بهدف تشجيع المزيد من المصابين بالاكتئاب على التماس المساعدة. وكجزء من الحملة، تم تخصيص يوم الصحة العالمي في أبريل (نيسان) بعنوان “الاكتئاب- دعونا نتحدث”.
ويقول معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية ومقره برلين، وهو المسؤول عن مكافحة الأمراض والوقاية منها، إن الاكتئاب هو من أكثر الأمراض العقلية شيوعاً في ألمانيا، ويصاب به أناس من جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية.
كما أوضح الدكتور أولريخ هيجيرل، مدير قسم الطب النفسي والعلاج النفسي في مستشفى جامعة لايبزيج، أن الاكتئاب ليس رد فعل على الظروف الشخصية الصعبة أو الإجهاد أو مشاكل أخرى،:”إنه مرض واضح وخطير”.
مزاج سيء أم اكتئاب؟
ويقول هيجيرل إن كثير من الناس يخلطون بين الاكتئاب وشعور المرء بأنه “في مزاج سيئ”، وأنه غالباً ما يصيب الناس الذين عندما يكونون بصحة جيدة، فإن ما يشغل بالهم هو استشعار المسؤولية والحرص على حسن الأداء. وبالتالي فإن التغيرات في شخصيتهم تكون محيرة بشكل خاص لمن حولهم. وعندما تقول لأناس مصابين بالاكتئاب أشياء مثل “تخلص من هذا الشعور!” فإن ذلك يسبّب لهم ضيقاً أكبر.
ويقول هيجيرل: “عندما يكون الاكتئاب شديداً، فإنه حتى أكثر الناس انضباطاً لا يستطيعون أن يتغلبوا على ذلك بأنفسهم”، مضيفاً أنه عادة ما يعالج المرض بدرجة كبيرة بمساعدة مهنية.
وفي حين أن التجارب المؤلمة نفسياً يمكن أن تسبّب الاكتئاب، فإن بعض الناس يكون لديهم استعداد وراثي للإصابة بالمرض. ويقول هيجيرل: “إن الاستعداد للإصابة بالمرض يؤدي إلى تغيير في وظائف الدماغ، وعلى سبيل المثال، ردود فعل أقوى لأنواع مختلفة من الإجهاد”.
عواقب الاكتئاب
ويوضح هيجيرل أن ذلك يؤثر حينئذ، على النواقل العصبية التي تتحكم في النوم والشهية، وكذلك القدرة على الشعور بالفرح أو الأمل. ويتسبب الاكتئاب في إبراز التجارب السلبية - سواء كان سببها الإجهاد في العمل، أو المشاكل الخاصة بالعلاقات، أو الشكاوى الجسدية - في مقدمة عقل الشخص وتتضخم لديه بشكل كبير.
وتكون الآثار المرتبطة بالاكتئاب عميقة الجذور، لكن هيجيرل يقول إنه تم إحراز تقدم في علاج الاكتئاب، حيث أنه أصبح في الإمكان الان تشخيص المرض بشكل متكرر أكثر مما كان عليه من قبل، على الرغم من انه لا يحدث بشكل متكرر.