فجأةً وقع أرضاً.. أصيب بسكتة دماغية.. نسمع يومياً عن حالات كهذه.. نحزن، نقلق، نسأل، وننسى. النسيان «سيف ذو حدين»، فهو نعمة ونقمة أيضاً؛ لأننا حينما ننسى لا نعود ونهتم بالأسباب التي أدت إلى حصول السكتة الدماغية، أو مرض القلب، أو داء الكلى، وكلّها أمراض يتسبب فيها ارتفاع ضغط الدم. لا بُدّ أنكم تعرفون عن هذا الداء شيئاً، لكن من دون أدنى شكّ، هناك أشياء كثيرة تجهلونها.. فلنسأل أكثر، ولنعرف أكثر عن هذا المرض وأسبابه؛ كي لا نصبح - نحن وأحباؤنا - رقماً جديداً على لائحة ضحاياه.
أخطر ما في «ضغط الدم» أنه لا يُرى بالعين المجردة، بل يتسلل بصمت إلى الجسم، ويحدث ذلك لشخص من بين كل ثلاثة بالغين، وهذا معناه أن 40% من البالغين، ممن تجاوزوا سن الخامسة والعشرين، في دائرة الخطر. أليس هذا كافياً؛ للتمعن في الموضوع أكثر؟ نحن، قد نصاب بضغط الدم طوال أعوام من دون أي أعراض، ما يؤدي إلى مضاعفات جمة ترفع إمكانية الإصابة بالنوبات القلبية، والجلطات الدموية.
فحوص منتظمة
الدكتورة نيف كيلكولين، استشارية أمراض القلب في «مبادلة» للرعاية الصحية، ترى يومياً حالات من هذا النوع، وهناك مرضى يشفون، وآخرون يصلون متأخرين. والكثيرون لا يدركون أن ارتفاع ضغط الدم خطير. لكن، متى يكون الأوان قد فات؟ وهل العلاج إذا اكتُشفت الحالة ممكن دائماً؟.. تجيب: «يؤدي ارتفاع الضغط في الشرايين إلى زيادة مشقة عمل القلب والشرايين، ما يؤدي إلى تلف أعضاء مختلفة في الجسم؛ إذا تأخر التشخيص والعلاج».
لا أحد بمنأى عن هذا الداء، لكن هناك عوامل تزيد احتمالية الإصابة به، منها: التقدم في العمر، والعوامل الوراثية (التاريخ المرضي العائلي)، والسمنة، ونمط الحياة غير الصحي، والعادات الغذائية غير الصحية، مثل: الإفراط في تناول الملح، أو اتباع نظام غذائي غني بالدهون المشبعة. هذا ليس كل شيء، فالأشخاص الذين يعانون حالات طبيّة معينة، مثل: أمراض الكلى والغدة الدرقية والكظرية والسكري، معرضون للإصابة أكثر من سواهم.
لكن ما الإجراءات الممكنة؛ للحيلولة دون تفاقم الإصابة مادامت الأعراض صامتة؟.. تجيب كيلكولين: «اكتشاف المرض غالباً يتمّ أثناء الفحص الطبي الروتيني، لذلك هناك حاجة ماسة إلى إجراء فحوص ضغط الدم المنتظمة. إلى ذلك، قد تظهر أحياناً أعراض تشي بشيء ما يحدث في الجسم، يستدعي التشخيص، مثل: الدوار والغثيان والقيء والصداع المزمن والصعوبة في التنفس وضبابية الرؤية، فمن يشعر بهذه الأعراض عليه ألا يستبعد أبداً وجود مرض ضغط دم كامن».
ماذا عن سبل الوقاية؟ إجابة استشارية أمراض القلب واضحة: «صحيح أن الوقاية التامة غير ممكنة، لكن هناك إجراءات قد تُحدث فرقاً كبيراً، ويجب إدخالها في أنماط الحياة، بينها: الحفاظ على وزن صحي، واتباع نظام غذائي متوازن منخفض الصوديوم وغني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، وممارسة النشاط البدني المنتظم، والإقلاع عن التدخين، والسيطرة على القلق والتوتر. كذلك، يجب إجراء الفحوص الدورية، وفي حال ثبتت الإصابة؛ يجب الالتزام بالأدوية والعلاجات الموصى بها».
بالأرقام، يعاني مليار إنسان في هذا العالم ارتفاعاً في الضغط، إذ إن ارتفاع ضغط الدم في وقت مبكر سيؤدي - إذا لم يُضبط - إلى الإصابة بالسكتة الدماغية، وبأمراض القلب، لاسيما الفشلين القلبي والكلوي، وبالعمى. وهذا الارتفاع يؤدي إلى وفاة ثمانية ملايين إنسان سنوياً في العالم، وهذا الرقم يساوي 13% من مجموع الوفيات.
مفاهيم خاطئة
هناك مفاهيم كثيرة خاطئة في موضوع ضغط الدم، بينها أن هناك من يظن أنه قادر على أن يأخذ دواء الضغط يومين أو ثلاثة فقط في الأسبوع، وهذا خطأ كبير، إذ إنه ممنوع على المريض الذي يأتي بضغط دم مرتفع إلى العيادة، وبعد أن يأخذ الدواء المناسب، ويصل ضغطه إلى المستوى الطبيعي وتزول الأعراض، أن يتوقف عن تناوله؛ فارتفاع ضغط الدم ليس التهاباً، وحبوب الضغط ليست مضاداً حيوياً، إذ يفترض أن تؤخذ أدوية الضغط طوال العمر. وتناول العلاج ثم إيقافه فجأة أخطر من عدم أخذ أي دواء مطلقاً. كما أن تناول دواء الضغط عند الحاجة مثل «البنادول»، كلما ارتفع الضغط نأخذ حبة، وكلما انخفض نتوقف، خطير أيضاً، ويُعرض المريض لتقلبات الارتفاع والانخفاض المفاجئين، وللمضاعفات التي قد تنجم عن هذا التصرف. مفهوم خاطئ آخر يجتاح مرضى الضغط، هو أن المريض يحتاج إلى تغيير الدواء مرة على الأقل سنوياً، وهذا طبعاً غير صحيح، فوحده الطبيب قادر على أن يحدد نوع الدواء المطلوب، وما إذا كان المريض يحتاج إلى استبدال الدواء بآخر.
ابتعدوا عن مصادر التوتر قدر ما تستطيعون، خذوا قيلولة بعد الظهر، امشوا قرب البحر، أصغوا إلى صوت الموج، لا تتناولوا الكثير من الملح، وامشوا أكثر.. إنها وسائل قد تجنبكم الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
قد يهمك أيضا:
مشروبات تعرض الإنسان لارتفاع ضغط الدم
عوامل خطر قد تتسبب في خطر الإصابة بالسكتة الدماغية منها ضغط الدم والسمنة