قد تكون آلام الأسنان أقسى أنواع الآلام التي تواجه الإنسان، حيث أنه سُجلت في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا العديد من حالات الانتحار التي قام بها أشخاص يعانون من آلام أسنان شديدة ولا يمتلكون المال الكافي للقيام بالمعالجة الضرورية.كما أن ألم الأسنان اللبي يصنف ضمن الآلام المتوسطة إلى الشديدة، وهو يعادل بذلك الآلام الناتجة عن سرطان القولون أو حتى الولادة الطبيعية!
طرق إسعافية لتسكين الآلام السنية
في البداية يجب القول أن أفضل طريقة لعدم الوصول إلى هذه المراحل من الألم تكون بالوقاية من العوامل المسببة لتسوس وآلام الأسنان، كل ذلك يتم عن طريق العناية الجيدة بالصحة الفموية والزيارات الدورية لطبيب الأسنان.
وفي مقالنا سنتحدث عن الآلام ذات المنشأ السني، لأن طرائق التعامل معها أسهل ويمكن القيام بها في المنزل إلى حد كبير، ولن يتم ذلك إلا في حال التأكد من أن منشأ الألم سني، كما أنها تبقى معالجات إسعافيه هدفها تسكين الألم إلى حين زيارة الطبيب والقيام بالعلاج اللازم ولا يمكن أن تكون علاجية في أي حال من الأحوال.
أي أن زيارة طبيب الأسنان أو الطبيب المختص وقيامه بالمعالجة المناسبة سواء كانت الأسباب سنية أو غير سنية هو الحل الوحيد لإنهاء المشكلة وتسكين الألم نهائياً.
طرق دوائية لتسكين آلام الأسنان
وهي عادة طرائق تعتمد على الأدوية التي يمكن الحصول عليها من الصيدليات، تؤخذ عادة دون وصفة (Over the counter drugs) وحتى قد تكون متوافرة في المنزل بطبيعة الحال، وهي:
الديكلوفينات (Diclone): قد يكون من أول الخيارات لتخفيف آلام الأسنان، متوفر بأشكال صيدلانية عديدة، حقن، تحاميل، أو حتى يمكن إعطائه بالفم على شكل أقراص، له العديد من التراكيز التي يمكن استخدامها تبعاً لطريقة الإعطاء.
والذي أعطى نتائج رائعة في تسكين الألم السني، لكن لا يعطى للمرضى الذين يعانون من الحساسية، ويجب الحذر من أخذه عند مرضى الربو، المصابين بالأمراض القلبية الوعائية والقرحات المعدية النشطة، ودائماً يجب مراجعة الطبيب قبل تناول هذا المسكن لضمان عدم حدوث مضاعفات.
البروفين (Ibuprofen): يعتبر من أشهر مضادات الالتهاب غير السيتروئيدية (NSAIDs)، وهو مضاد وذمة مسكن ألم وخافض حرارة، كما أنه متوفر بعيارين على شكل أقراص 400 mg و 800 mg عادة، أثبت فعالية كبيرة في تسكين آلام الأسنان وحتى تخفيف الوذمات خصوصاً الناتجة عن القلوع السنية (Tooth extraction)، له محاذير عديدة لاستخدامه يأتي في مقدمتها الحساسية لمكونات الدواء أو أي دواء من الزمرة ذاتها، يحذر تناوله من قبل مرضى القرحات الهضمية، المصابين بالربو، المرأة الحامل، ودائماً يفضل تجنب تناوله على معدة فارغة (يفضل أخذه بعد الطعام)، كما يفضل مراجعة الطبيب على كل الأحوال.
الباراسيتامول (Paracetamol 500 mg): الدواء التابع لزمرة البارأمينوفينول، و(الأشهر من نار على علم) قد يكون خيار جيد لتخفيف آلام الأسنان لكنه ليس عالي الفعالية كما يجب إلا أنه متوافر بشكل كبير، رخيص الثمن، وله العديد من الأسماء التجارية.
الأوجينول (Eugenol): يعرف أيضاً بزيت القرنفل، مركب فينولي سريع التطاير ذو رائحة مميزة، يعمل على مبدأ الأبخرة، يكفي أن يتعرض النسيج الرخو (كاللثة أو سقف الحلق مثلاً) المتأذي لأبخرته حتى يقوم بعمله، وهو ملطف ومخفف للآلام البسيطة.
متوافر في الصيدليات أو في المخابر السنية، يتم استخدامه عبر تطبيق بسيط جداً للمادة على قطعة من القطن، تعصر جيداً، ونأتي بقطعة قطن ثانية تتم ملامستها مع قطعة القطن المبللة، وندهن بالقطنة الجديدة المنطقة المصابة، يجب الحذر عند استخدامه لأنه مخرش قوي، وهو حصراً للاستعمال الخارجي (أي لا يجوز بلعه).
طرق تسكين الألم غير الدوائية (تسكين ألم الأسنان في المنزل)
نقصد هنا الطرق والأساليب التي يمكن تطبيقها بواسطة مواد متوافرة في المنزل، قد تكون فعاليتها أقل من الوسائل الدوائية لكن من المهم معرفتها والإلمام بها للقيام بها عند الحاجة.
قطع الثلج: يمكن استخدام قطع الثلج في بعض الحالات كالكدمات أو الرضوض، بأن توضع مباشرة على المنطقة المصابة فبرودتها الشديدة سيكون لها تأثير جيد على الأوعية الدموية في المنطقة بأن تقلص حجمها بالتالي تقلل من التورم الحاصل، أفضل فعالية نحصل عليها عبر تطبيقها مباشرة بعد التعرض للرض، يجب الحذر عند وضعها على السن مباشرة لأن البرودة الشديدة تضر اللب السني وقد تسبب ألماً جديداً بحد ذاتها، يفضل تطبيقها على الخد المقابل للمنطقة المصابة.
الماء الدافئ والملح: تعتبر من أشهر طرق العناية بصحة الفم، تكمن مقدرتها في تسكين الألم خصوصاً في حالات الخراجات اللثوية أو آلام اللثة بشكل عام، وحتى في بعض حالات النخر النافذ (أي النخر الذي وصل إلى اللب السني)، وذلك لأنها تسبب فروقاً في الضغط الحلولي بين داخل المنطقة المصابة (كالخراج اللثوي مثلاً) والوسط الفموي المحيط؛ مما يؤدي في النهاية إلى تخفيف التورم.
قم بإضافة ملعقتين كبار من الملح إلى كوب من الماء، قم بغليه وحلّ الملح تماماً، انتظره إلى أن يصبح دافئاً ثم استعمله كغسول فموي للمضمضة، هذه الطريقة فعالة أيضاً بشكل وقائي وللحفاظ على صحة الفم بشكل عام.
زيت النعناع (Mint oil): يعتبر النعنع من أهم المصادر الطبيعية للمنثول (Menthol) والذي يستخدم بشكل واسع في معاجين الأسنان، الكريمات، البخاخات الخاصة بالتشنج العضلي وغيرها، يحتوي المنثول على مركب يعرف باسم ليجند (Ligand)؛ والمنثول يعلّق نفسه على بروتين ويعرف باسم (KOR) وهو واحد من أربعة مستقبلات أفيونية في الدماغ مسؤولة عن الألم، مما يؤدي بالنتيجة إلى تسكين الألم كما أنه يعطي إحساساً غير حقيقي بالبرودة والانتعاش في المنطقة.
قم بإضافة بضعة قطرات من زيت النعنع إلى ملعقتين كبيرتين من زيت الزيتون أو أي زيت محايد آخر، اخلط المزيج جيداً، بلل قطعة من القطنبه وضعها على المنطقة المصابة.
إزالة بقايا الطعام المنحشرة: قد يكون الموضوع غريباً، في كثير من الحالات يكون سبب الألم ناتج عن انحشار بقايا الطعام داخل الحفرة النخرية (النخر في السن أو الضرس) أو حتى في الفراغ بين اللثة والسن، خصوصاً الأطعمة القاسية منها (كقطعة من حبة حمّص مثلاً) والتي قد تولد ضغطاً كبيراً وإحساساً شديداً بالألم، قم بالبحث بعناية في نطاق المنطقة التي تؤلمك، فقد تكون عملية إزالة هذه البقايا مريحة كثيراً.
ما هي الأسباب وراء آلام الأسنان؟
في الحقيقة اعتبار أن كل آلام الأسنان ذات منشأ سني (أي أنها من السن نفسه) خاطئ إلى حد كبير، حيث يمكن تقسيم آلام الأسنان إلى الأنواع التالية وفقا لأسبابها:
1. آلام الأسنان ذات المنشأ السني
أكثر الحلات التي تتبع إلى هذا التصنيف هي الآلام الناتجة عن التهاب اللب (Pulpitis) (بنوعيه الحاد والمزمن)، وتأتي في المقدمة من حيث شدتها وشيوعها، يأتي بعدها ألم الأسنان المسبب بالنخور العميقة، الحساسية السنية، التواج (Pericoronotis) والناتج عن التهاب اللثة المحيطة بضرس العقل نتيجة صعوبة بزوغها.
ألم الأربطة السنية واللثة (Periodontal)، الخراجات (Abscess) بنوعيها الذروية (Apical) والحول سنية (Periodontal)، انغراس بقايا الأطعمة ضمن اللثة أو ضمن حفرة نخرية موجودة في السن قد يكون مؤلماً جداً، أما النخور المتوسطة تكون آلامها عادة بسيطة جداً وعابرة، حتى أن النخور السطحية قد لا تشعر بها!
2. آلام الأسنان ذات منشأ غير سني
أي أنها ناتجة عن منطقة أخرى غير السن ولكن الشخص يشعر أنها من السن نفسه، وهي أقل انتشاراً من سابقتها، عادة ما تكون آلام ناتجة عن الحزم الوعائية العصبية الموجودة في الرأس والعنق، والتي قد يفسرها المخ على أنها ألم من الأسنان بسبب آلية الألم الراجع (التشععي) (Referred pain) الناتجة عن التفاغرات العصبية (الاعتلال العصبي).
ومن أكثر الحالات شيوعاً هي الآلام الناتجة عن التهاب البلعوم التي قد يعتقد المريض بأنها بسبب أسنانه، أو أن يكون الألم من السن ويشعر المريض أن بلعومه يؤلمه، كما قد تتداخل مع آلام العضلات الوجهية أو الجيوب الفكية أيضاً.
لماذا ألم الأسنان شديد إلى هذا الحد؟
إذا أردنا تفسير ذلك علينا في البداية أن نعرف أكثر عن بنية المنطقة تشريحياً:
كل النهايات العصبية الموجودة ضمن السن موجودة في اللب (Pulp)، لذلك الألم الناتج عن النخور، التهاب اللب وغيرها يصدر من اللب نفسه، وكغيره من الأنسجة في جسم الإنسان يقوم بردود فعل التهابية في حال تعرض السن لمخرشات، لنخور أو غيرها، لكن حالة اللب مختلفة عن باقي أنسجة الجسم، حيث أن أي التهاب يصيب أي منطقة في الجسم سينتج عنه احمرار (Redness)، وارتفاع درجة حرارة الجسم (Heat)، وألم (Pain) وتورم (Swelling) في المنطقة المصابة نتيجة زيادة الدم الوارد لها، لكن ولأن اللب محصور ضمن ما يشبه القوقعة الصلبة والمتمثلة بالعاج والميناء، فلا تسير الأمور كما يجب بالنسبة للتورم، بالتالي هذا التورم يصبح شبه مستحيل الحدوث مما يؤدي لزيادة الضغط على النهايات العصبية أي أن الألم سيتضاعف.
تنطبق العملية السابقة على ما يحدث بالنسبة للخراجات أيضاً، حيث أن الخراج يحدث عميقاً داخل عظم الفك (إلا في حال كان سطحي أي في اللثة)، والعظم بسبب بنيته القاسية لا يسمح بعملية التورم كما يجب، مما يضاعف الألم.
بالنسبة للثة، فإنها تعتبر من أغزر المناطق التشريحية في الجسم بالأوعية الدموية، لذلك يحدث النزف لأبسط الأسباب (كأن تقوم بتفريش أسنانك بقوة زائدة فتنزف اللثة)، لكن بالمقابل هي من أقل المناطق في الجسم غزارة بالنهايات العصبية، أي أن آلام اللثة عادة ما تكون أقل شدة من غيرها.
تكمن المشكلة الحقيقية في هذه الحالات (وخصوصاً حالات التهاب اللب السني) بأنه لا يشبه باقي آلام الالتهاب في باقي أعضاء الجسم فحسب، بل إنه لا يمكن علاجه بالصادات الحيوية التقليدية (Antibiotics) كالأموكسسلين وغيرها، فبالإضافة لكون اللب السني محصور ضمن هذه القوقعة، فكل ترويته الدموية سوف تصل عن طريق ثقب ذروية (Apical) صغيرة الحجم (عند جذر السن)، أي أن ترويته الدموية قليلة إلى حد ما، مما يعني أن الدواء لن يصل إلى تراكيزه الفعالة داخل اللب لذلك لا تكون الصادات الحيوية مفيدة أبداً.
قد يهمك أيضا: