تنتاب الكثير من المرضى حالة من الهلع والفزع عندما يصف لهم الطبيب دواءً يحتوي على الكورتيزون، وذلك بسبب سمعته السيئة النابعة من الآثار الجانبية الشديدة المترتبة عليه.
فهل الكورتيزون مذنب حقا أم بريء؟
وقال البروفيسور فرانك بوتغيرايت إن الكورتيزون يعتبر من أكثر مضادات الالتهابات فعالية، وأضاف كبير الأطباء بمستشفى شاريتيه برلين الجامعي أنه يتم الاعتماد على الكورتيزون حاليا لعلاج الالتهابات والتفاعلات المناعية المفرطة.
ومن جانبها أوضحت أورسولا زيلربيرغ، من الغرفة الاتحادية للصيادلة الألمان، أن الكورتيزون يدخل في العديد من المستحضرات الطبيّة، التي يتم استعمالها موضعيا، مثل بخاخ الأنف ومراهم الجلد وبخاخ الربو. وعند استعمال مثل هذه المستحضرات لعلاج التهاب الأنف التحسسي أو الإكزيما، فلا داعي إلى القلق من ظهور آثار جانبية من جرّاء استعمال الكورتيزون.
وأضافت زيلربيرغ أن الخوف من استعمال الكورتيزون يرجع إلى الفترات السابقة، التي كان يتم فيها استعمال الكورتيزون بجرعات عالية، وهو ما كان يؤدي إلى حدوث آثار جانبية شديدة، وعادة لا يصل الكورتيزون إلى الدورة الدموية مع الاستخدامات الموضعية أو أنه يصل بكميات صغيرة للغاية فقط.
وهناك الكثير من المرضى يستخدمون الكورتيزون في صورة أقراص، وهذا يعني أن المادة الفعالة تصل إلى الدم. لذا ينبغي تعاطيه بأقل جرعة ممكنة. وأوضح البروفيسور بوتغيرايت قائلا “مع أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الجسم نفسه”، ونظرا إلى أن جهاز المناعة يمكن أن يسبب أضرارا جسيمة، فإنه يتم الحد من ذلك من خلال استعمال الكورتيزون في بعض الحالات.
وفي الوقت نفسه، يتم علاج المرضى بأدوية أخرى تؤثر على جهاز المناعة وعمليات الالتهاب في الجسم. وأضاف البروفيسور الألماني قائلا “للأسف لا يقتصر تأثير الكورتيزون على تغيير عمليات الالتهابات فحسب، بل إنه يتدخل في عملية التمثيل الغذائي أيضا”، ولذلك تظهر الآثار الجانبية.
وبالنسبة إلى المرضى الذين يضطرون إلى استعمال الكورتيزون لفترة طويلة، فإنهم قد يتعرضون للإصابة بهشاشة العظام أو قد يتطور الأمر ويصل إلى حد الإصابة بمرض السكري، بالإضافة إلى إمكانية ظهور مشكلات أخرى في العين، مثل الإصابة بالمياه الزرقاء.
ولأن الكورتيزون يعمل على الحد من نشاط جهاز المناعة، فإن المريض يصبح أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، كما يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأضاف بوتغيرايت أن الخوف الأكبر، الذي ينتاب المرضى من جراء الآثار الجانبية للكورتيزون، ليس خطيرا على الإطلاق، وهو ما يعرف باسم “متلازمة كوشينغ” التي تتمثل أعراضها في زيادة الوزن وتمركز الوزن الزائد في منطقة البطن ونحافة الأطراف مع وجه دائري كبير، وعلامات تمدد زرقاء إلى بنفسجية في منطقة البطن، وتراكم الدهون في منطقة خلف العنق، مع زيادة القابلية للإصابة بالعدوى.
وأكد الطبيب الألماني أن الجرعة هي المعيار الحاسم؛ حيث عادة ما يتم إعطاء المريض الكمية الضرورية فقط، مع ضرورة أن تظل هذه الكمية بأقل قدر ممكن. ويمكن للمرضى الذين يضطرون إلى تعاطي الكورتيزون بصورة منتظمة، القيام ببعض الأمور التي تحد من الآثار الجانبية؛ حيث أوضحت زيلربيرغ أنه يمكن تجنب الإصابة بهشاشة العظام من خلال الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم والمواظبة على ممارسة الرياضة.
كما أن فيتامين (د) يعتبر من العناصر الغذائية المهمة للعظام، والذي يمكن الحصول عليه من الأسماك وثمار الأفوكادو، علاوة على أن البشرة تقوم بتحويل الأشعة فوق البنفسجية إلى فيتامين (د). ولذلك ينصح الطبيب الألماني بوتغيرايت المرضى بضرورة التنزه في الهواء الطلق لمدة 30 دقيقة يوميا.