قال باحِثون من الصين إنَّ تناوُلَ الكثير من السَّمك قد يُساعِد على تعزيز المزاج. بيَّنت الدِّراسةُ أنَّه، بشكلٍ عام، انخفض خطرُ الاكتئاب بنسبة 17 في المائة عند الأشخاص الذين استهلكوا الكثيرَ من السمك، بالمُقارنة مع الذين استهلكوا أقلَّ كميَّة.
قالَ المُشرِفُ على فريق الباحِثين فانغ لي، من قسم علم الأوبئة وإحصائيات الصحَّة لدى الكليَّة الطبيَّة في جامعة كينغ داو الصينيَّة: "توصَّلنا، من خلال تفحُّص نتائج عدَّة دِراسات، إلى أنَّ استهلاكَ السَّمك بكميَّاتٍ كبيرة، يُمكن أن يُقلِّلَ من الاكتئاب، ممَّا قد يُشيرُ إلى علاقة سببيَّة بين استهلاك السَّمك والاكتِئاب".
ولكن، قالَ الباحِثون إنَّ هذا الارتِباطَ كان مهمَّاً من ناحِيةٍ إحصائيَّة فقط بالنسبة إلى الدِّراسات التي أُجرِيت في أوروبا، حيث لم يجِدوا نفسَ المنفعة عندما تفحَّصوا نتائجَ دراساتٍ أُجرِيت في أمريكا الشماليَّة أو آسيا أو أستراليا أو جنوب أمريكا؛ ولم يجدوا تفسيراً لهذا الارتباط الملحوظ مع استهلاك السمك في أوروبا.
أظهرت الدراسةُ ارتِباطاً بين تناوُل السَّمك وخطر الاكتئاب، ولكنَّها لم تُبرهِن على أنَّ تناوُلَ السَّمك يُقلِّلُ من خطر الاكتئاب.
قال لي: "أعتقد أنَّ هناك أسباباً قد تجعل من السَّمك يُؤثِّرُ في الاكتئاب، فالسَّمكُ يحتوي على الكثير من المواد المُغذِّية المُتعدِّدة، مثل أحماض أوميغا 3 الدهنيَّة، والبروتينات ذات الجودة العالية، والفيتامينات والمعادن؛ وهي جميعاً تترافق مع انخفاضٍ في خطر الاكتئاب".
أشارَ الباحِثون إلى احتِمال أنَّ أحماضَ أوميغا 3 الدهنيَّة في السَّمك قد تُغيِّرُ من بُنى أغشية الدِّماغ، أو أنَّ هذه الأحماضَ قد تُعدِّلُ من الطريقة التي تعمل بها نواقِل عصبيَّة مُعيَّنة neurotransmitters (النواقل العصبيَّة هي مُركَّبات كيميائيَّة تعمل على نقل المعلومات بين خلايا الدِّماغ، ويُعتقد أنَّ بعضَ هذه النواقل العصبيَّة، مثل الدُّوبامين dopamine والسيروتونين serotonin، تُمارِسُ دوراً في الاكتئاب).
قالَ الباحِثون إنَّ الاكتئاب يُصيبُ حوالي 350 مليون إنسان في مُختلف أنحاء العالم، وهو يُعدُّ السببَ الرئيسي للإصابة بالعجز وفقاً لمُنظَّمة الصحَّة العالميَّة.
نوَّه الباحِثون إلى أنَّ دراسةً سابِقةً أشارت إلى أنَّ عوامِلَ غذائيَّة قد تُمارِسُ دوراً في الاكتئاب.
تفحَّصَ الباحِثون الصِّلةَ المُحتَملة بين تناوُل السَّمك والاكتئاب، من خلال مُراجعة نتائج 26 دِراسة نُشِرت بين العامين 2001 و 2014، واشتملت على أكثر من 150 ألف شخصٍ، وكان من بينها 10 دراسات أُجرِيت في أوروبا.
وجدَ الباحِثون أنَّ السمكَ نافِعٌ بشكلٍ عام في الوِقاية من الاكتئاب، لكنَّهم وجدوا اختلافاً بين الرِّجال والنِّساء، حيث لاحظوا أنَّ الارتباطَ بين تناوُل الكثير من السَّمك والتقليل من خطر الاكتئاب كان أقوى بقليلٍ عند الرِّجال (20 في المائة بالمُقارنة مع 16 في المائة عند النِّساء).
قال سيمون ريغو، مُدير مركز التدريب النفسيّ لدى مركز مونتيفيور الطبِّي في كلية ألبرت أينشتاين للطب في نيويورك: "نظراً إلى تصميم الدِّراسة، من الصعب الوصول إلى علاقة سبب ونتيجة مُباشرة بين تناوُل الكثير من السَّمك والتقليل من خطر الاكتئاب؛ ولكن من الجيِّد معرِفة أنَّه يُمكن الوِقاية من الاكتئاب عن طريق إحداث تغيُّرات بسيطة في أسلوب الحياة، مثل تناوُل كميات كبيرةٍ من السَّمك".
نوَّه الباحِثون إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لمعرِفة ما إذا كانت تأثيراتُ تناوُل السَّمك في الاكتئاب، تختلِف بحسب نوع السَّمك الذي يستهلكه الإنسان؛ وما إذا كانت مُكمِّلاتُ زيت السَّمك تُؤدِّي إلى نفس التأثير.