أكد الدكتور ميشال معوض أن عصب المعدة هو مُصطلحٌ غير علميّ، يُقصد به عسر الهضم الوظيفي، ويُسمّى أيضاً بآلام المعدة غير التقرّحيّة. ومصطلح عُسر الهضم بشكلٍ عام يُستخدم للتعبير عن آلام رأس المعدة المَصحوبة عادةً بأعراض أخرى في الجهاز الهضمي، وهو يحدث غالباً بسبب وجود أمراض أو اختلالات معروفة، أمّا عسر الهضم الوظيفي فيُشير إلى المعاناة من آلام في البطن من دون وجود أيّ سببٍ عضوي قد يُلاحظ عند إجراء عمليّة التنظير.
وأضاف معوض في تصريحات خاصة إلى "لايف ستايل"، أن عسر الهضم الوظيفي حالةً شائعةً حول العالم، تؤثّر بشكلٍ سلبيّ على جودة حياة المريض. واستمرّ الأطباء خلال العقدين الأخيرين في البحث عن أسباب حدوث عسر الهضم الوظيفي، وقد تمّ وضع العديد من الاحتمالات؛ كتأخّر تفريغ المِعدة من الطعام، أو اختلال تكيّف المعدة لمختلف الظروف، أو فرط الحساسيّة في الأعضاء الداخليّة، وقد يكون الجهاز العصبيّ المركزيّ مسؤولاً عن الإصابة في بعض الحالات. وعند المُعاناة من عسر الهضم يتمّ إجراء العديد من الفحوصات، منها عمليّة تنظير للمعدة؛ فإذا ما وُجد سببٌ عضويّ لعسر الهضم يُسمّى بعسر الهضميّ العضوي، أي إنّه ناتج عن اختلالات تشريحيّة أو فسيولوجيّة في المعدة، كالقرحة أو الورم، أمّا إذا لم يتبيّن أي خللٍ في الفحوصات، وأشار التنظير إلى سلامة المعدة عندها يكون التشخيص عسر الهضم الوظيفيّ تتشابه بشكلٍ كبير مع أعراض الأسباب الأخرى لعسر الهضم.
وبيّن أن أبرز أعراض عسر الهضم الوظيفيّ، هي الشعور بالحرقة أو بآلام خفيفة نسبيّاً في الجزء العلويّ من البطن، أو في أسفل الصدر، تخفّ في بعض الأحيان عند تناول الطعام، أو تناول الأدوية المُضادّة لحموضة المعدة. والمعاناة من كثرة التجشؤ، إضافة إلى الانتفاخ وكثرة الغازات في البطن، والشعور بالشّبع مُبكّراً عند تناول الطّعام، والإحساس بالغثيان، وقد يُصاحبه الاستفراغ في بعض الحالات. وتوجد أعراض يجب عند الإحساس بها الذهاب إلى الطبيب، مثل: "المُعاناة من الاستفراغ المستمر دون توقّف. احتواء الاستفراغ على دم. المُعاناة من فقدان الوزن أو انعدام الشهيّة للطعام. الشعور بآلام أو بصعوبة في البلع. ظهور براز المريض بلونٍ داكن؛ كلون مادّة القطران، أو إذا ما احتوى على دم".
وتتمثل أسباب الإصابة بعسر الهضم الوظيفيّ غالباً ما يكون سبب الإصابة بعسر الهضم الوظيفيّ غير معروف، إلّا أنّ الباحثين يركّزون في الآونة الأخيرة على عدّة عوامل من شأنها إحداث ذلك الخلل، وهذه العوامل هي على النّحو الآتي، المعاناة من اضطرابات في أعصاب أو حركة المعدة، إذ تتضمّن عمليّة الهضم عادةً سلسلةً من الأحداث تتمّ عن طريق أعصاب وعضلات الجهاز الهضميّ، فإذا ما حدث خلل في هذه العمليّة يحصل تأخير في تفريغ المعدة من عصارة الطعام، وذلك يُسبّب الشعور بالأعراض السابق ذكرها، وليس بالضرورة أنّ كلّ مريض يُعاني من تأخير تفريغ المعدة يكون مُصاباً بعسر الهضم الوظيفيّ. والإحساس المُفرط بالألم، إذ إنّ المِعدة تتمدّد طبيعيّاً عند تناول الطعام، حتّى تتمكّن من استيعاب كميّات أكبر منه، إلّا أنّ بعض الأشخاص يكونون حسّاسين بشكل كبير لهذا التمدّد فيشعرون بالألم، ويبقى سبب ذلك غير واضح. المعاناة من العدوى بالبكتيريا الملوية البوابيّة: تُسبّب هذه البكتيريا الإصابة بالتهاب المعدة أو قرحتها.
ويعتقد بعض العلماء بوجود ارتباط بين الإصابة بهذه العدوى والمُعاناة من عسر الهضم الوظيفيّ، ويُفسَّر عادةً بأنّ هذه العدوى تُحدث تغييراً في البكتيريا النّافعة التي تعيش بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي، ممّا قد يُسبّب الإصابة لاحقاً بعسر الهضم الوظيفيّ. الُمعاناة من اضطرابات نفسيّة، فعادةً ما يُعاني المرضى المُصابون بعسر الهضم الوظيفيّ من مَشاكل نفسيّة كالقلق والاكتئاب، وعلاج هذه الأمراض قد يُخفّف آلام البطن. وعلاج عسر الهضم الوظيفي يجب على المريض فهم الحالة التي يُعاني منها بشكل جيّد، فذلك يُساعد بشكلٍ كبير على العلاج، فمن الصعب عليه تقبّل فكرة أنّ ما يعاني منه ليست له أسبابٌ واضحة، وقد يتّخذ الطبيب العديد من الإجراءات العلاجيّة، لتخفيف الأعراض المُصاحبة لعسر الهضم الوظيفيّ، أمّا هذه الإجراءات فهي على النّحو الآتي، إجراء تغييرات على نظام الحمية الغذائيّة للمريض، يُنصح عادةً بتجنّب تناول الطعام الغني بالدهون؛ إذ إنّ ذلك يؤخّر إفراغ المعدة، وكذلك يجب تقسيم الطّعام على عدّة وجبات صغيرة بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة، إضافة إلى تجنّب تناول الأطعمة الحارّة والمشروبات الكحوليّة أو تلك المُحتوية على الكافيين، فقد يزيد ذلك الأعراضَ سوءاً.
وأوضح معوض أن تناول الأدوية التي تُقلّل غازات البطن، أشهرها تلك المحتوية على مركّب سيميثيكون. تناول الأدوية التي تُقلّل من أحماض المعدة، فذلك قد يُخفّف العديد من الأعراض المُصاحبة لعسر الهضم الوظيفي، وأكثر هذه الأدوية فاعليّةً مثبّطات قنوات البروتون، مثل أوميبرازول، وإيزوميبرازول، ولانسوبرازول، وبانتوبرازول، وبالإمكان الاستعانة أيضاً بالأدوية المُسمّاة بحاصرات الهيستامين؛ كرانيتيدين، وفاموتيدين، وسيميتيدين. وتناول الأدوية التي تُقوّي الصمّام المعدي المريئي، فذلك يقلّل الشعور بآلام البطن، بالإضافة إلى دورها في تسريع تفريغ المعدة، ومن هذه الأدوية دواء ميتوكلوبرامايد، الذي قد لا يُناسب الجميع، وله العديد من الأعراض الجانبيّة. تناول جرعاتٍ قليلة من الأدوية المُضادّة للاكتئاب حتّى إذا لم يكن المريض مُصاباً بالاكتئاب؛ فهي تُقلّل الأعراض المُصاحبة لعسر الهضم الوظيفيّ. أبرز هذه الأدوية ما يُسمّى بمضادّات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقات، وقد تُستخدم أيضاً أدوية أميتريبتيلين وديزيبرامين. تناول المضادّات الحيويّة لعلاج البكتيريا الملويّة البوابيّة: فقد يُساعد ذلك على التّخفيف من عسر الهضم الوظيفي.