هل يمكنني السباحة حتى في هذه البقعة الخضراء القريبة والمثيرة ؟ بالطبع نعم، فما هي سوى ضربات قليلة عبر القناة الزرقاء الضيقة. وهل أصل إلى شواطئها؟ بالطبع، يمكنني أن أصل إلى هذه الجزيرة الخاصة، لكن "روب" وجد بعد ذلك بقعة جميلة لتناول الغداء فقد فقدت رغبتي في البداية لأنها غير مأهولة. فهي جانب من مستعمرة البطاريق الصغيرة. وتسمانيا عبارة عن بقعة وعرة على شكل قلب تبعد 150 ميلًا إلى الجنوب من البر الرئيسي لأستراليا، وهي جزيرة مستقلة في البلاد، لكن هناك المزيد من الجزر التي يصل عددها إلى 300 جزيرة قبالة الشاطئ والكثير منها محاط بجزر أصغر نائية. فهي عبارة عن معادلة جيولوجية من الدمى الروسية وسلسلة من الشذور المنخفضة، وكل منها يضيف إلى قصة تسمانيا. ووفقًا لـ"دليلي روب نايت"، فإن جزيرة "بروني" مثل ولاية تسمانيا لكن على صورة مصغرة"، حيث أنها خالية وفيها رمال بيضاء. وأضاف روب "مناخها المحلي يشبه تسمانيا تقريبًا في معظم الحيوانات البرية والمستكشف الغني وتاريخ السكان الأصليين والطعام المذهل".
ويسهل الوصول إلى بروني من "هوبارت" عاصمة تسمانيا، حيث بدأ روب رحلته في عطلة نهاية الأسبوع مدتها ليلتين إلى الجزيرة، ومن بين العطلة ركوب القوارب والتنزهات الساحلية والمخيمات البرية الخاصة. ويزور بروني 10% فقط من زوار تسمانيا ومعظمها لمدة يوم واحد فقط، ويرى روب أن الأمر يستحق لأن بروني المبدعين والمبتكرين. ويقول روب "يوجد صناع الجبن والعنب المحترفون في أقصى جنوب أستراليا ومؤخرًا معرض يضم 60 فنانًا من بروني في هوبارت، وهذا ليس سيئًا بالنسبة الى جزيرة يقطنها 600 شخص فقط".
ويصل طول بروني الوعرة إلى 31 ميلًا وهي عبارة عن (جزيرتين مرتبطتين ببرزخ) وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أنطوان بروني إنتريكاستيوكس وهو ضابط بحري فرنسي وقف على هذا الجزيرة في عام 1792. وبعده هابيل تاسمان وجيمس كوك وويليام بلاي، وشهد أنطوان تفاعلات إيجابية مع السكان المحلييين الذين عاشوا فوق الجزيرة منذ آلاف السنين، ومع ذلك فقد حدثت تغيرات على مدار العقود. ففي عام 1830 قتل معظم السكان الأصليين في تسمانيا أو تم نقلهم إلى أقصى شمال جزيرة فلندرز لـ "حمايتهم"، وساعدتني دروس التاريخ على مدار عطلة نهاية الأسبوع أثناء سيرنا خلال الغابات الساحلية التي تضم أعلى المنحدرات البحرية في العالم كما تضم الكنغرات والسنور الجرابي وغيرها من الحيوانات البرية المثيرة، وتعلمت أيضًا تقشير المحار الطازج من البحر.
وكانت إقامة روب في مخيم على غرار رحلات السفاري حيث استمتعت إلى حكايات تسمانيا عن التزيين والتمتع بالوجبات اللذيذة من لحم الخنزير والكنغر المتبل بالفلفل الأصلي وسالمون هون وبنة كوتا بالعسل. والخيط الوحيد الذي يفتقده تاريخ تسمانيا هو التراث السجين على الرغم من أن منارة الجزيرة والتي تعد الأقدم في أستراليا والتي بناها سجناء. ولفهم هذا بشكل أفضل توجهت إلى الشمال على طول الساحل الشرقي لجزيرة ماريا، وعلى الرغم من الحجم الصغير نسبيًا لـ"فان ديمن لاند" (كما كانت تعرف تسمانيا حتى عام 1856)، وكانت الولاية قد استقبلت 72 ألف مجرم أي ما يعادل 42 % من مجموع مجرمي أستراليا في ذلك الوقت، ولم يحبس بعضهم بمجرد وصولهم. وكانت تسمانيا بمثابة أرض غريبة بعيدة عن الوطن وهي السجن، ومع ذلك فقد تم بناء مستوطنات للعقوبات للذين ارتكبوا جرائم أثناء الاستعمار وكانت جزيرة ماريا هي واحدة من هؤلاء.
ومع الخضحضة في العبارة من ميناء "ترايبونا" إلى ماريا في رحلة استغرقت 30 دقيقة، بدا وكأنه من غير المحتمل ان يهرب أي شخص منها أبدًا، ولكنهم هربوا، وهذا هو السبب وراء عمر ماريا القصير فقط من عام 1825 وحتى عام 1832، وفي وقت لاحق تم إنشاء محطة اختبار من عام 1842 وحتى عام 1850 ولا تزال آثارها باقية حيث تم تحويل السجن القديم إلى نزل وهو الخيار الوحيد (بجانب التخييم) لأولئك الذين يحرصون على تمضية الليل.
وكانت وقفتي الأولى في ماريا في "ميس هول" الغائرة والتي خدمت 400 سجين جائع ويستخدمها الزوار الآن للاحتماء من المطر. ولحسن الحظ سيكون الطقس مشرقًا قريبًا لذا خرجت وتعثرت في حيوان الومبات يرعى بين الزنازين ولم يكن مفاجأة كبيرة. وكانت ماريا عبارة عن مكان استخدم لإعادة تأهيل البشر والأمر نفسه يتم مع الحيوانات البرية فمنذ عام 1960 أصبحت الجزيرة ملاذًا لأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض.
وأثناء تنزهي في مدينة الأشباح العقابية متجهًا إلى التوأمين بيشوب وكليرك مررت ببيداميلون وكنغرات بينيت والأوز كيب والكنغر فروستر، ولم أتجسس على أي من شياطين تسمانيا (فهم ليليون) حيث أطلق سراح 15 منها هنا في عام 2012 وهو جزء من برنامج هذفه المحاولة لحفظ هذه الأنواع المستوطنة والتي بدأ يفتك بها بسبب مرض ورم في الوجه.
وتابعت الطريق في الغابة وسط الأشجار التي تنتج الصمغ لأجد زوجًا من طائر الكوكابورا يجلس ضاحكًا وكأنه يتسلى برؤية شخص يتسلق الجبل في طقس كئيب، إنهما فعلًا على حق فلم أر شيئًا ماعدا سحبًا على قمم المنحدرات، لذا عرفت انه يجب علي أن أتوجه إلى الشمال إلى شبه جزيرة فريسينت وجزيرة شوتن وهذه هي وجهتي الأخيرة. وفي عام 1916 تم تعيين فريسينت (جنبًا إلى جنب مع جبل فيلد) كأقدم حديقة وطنية في تسمانيا كما أنها مرشحة لتكون الأكثر مجدًا في تسمانيا، فهي العمود الفقري من تلال الغرانيت الوردية ومحاطة بمنحنيات بيضاء من الرمال. والتقطت عددًا كبيرًا من الصور لـ"وينغلاس باي". وبعد بضعة أيام مشيت تحت السماء الزرقاء الرائعة إلى وينغلاس وسبحت وسط الأمواج الخام حتى وصلت إلى البحيرة الموجودة على الجزيرة. وكانت صاخبة نظرًا لوجود "ضفادع البانغو" وكان هناك مئات من الناس لكن لا تزال مشغولة وفقًا لمعايير تسمانيا ولترى فريسينت بدون "زحام" ولوضع العلامة النهائية خارج الجزيرة وأنا على متن يخت فولانت الجميل، ومع المالكين غريم وكاثرين نلقي ظلالنا من "كوليز باي" وهو المستوطنة الرئيسية في فريسينت وتم تسميتها تيمنًا بالمجرم هامبشاير الذي أعد فرن من الجير بها في عام 1850، ومع الإبحار بالأشرعة توجهنا بصمت إلى الساحل الغربي لشبه الجزيرة نبحث عن سلاسل جبال هازرد وعن الدولفين بين الموجات.
وللأسف ليس اليوم. فعلى الرغم من انني واصلت ترقب اقترابنا من جزيرة شوتن والتي تقع قبالة شبه الجزيرة وهي عبارة عن مجموعة ضخمة من الغرانيت الجبلي وسميت باسم "هابل تاسمان" في عام 1642 حيث استغل البحارون وعمال مناجم الفحم موارد الجزيرة. لكن الوضع هادئ الآن فهي غير مأهولة ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال قارب خاص بك، فهي مكان وعر وجميل عاد من جديد إلى البرية، وهو ينتمي الآن إلى البطاريق وطيور جلم الماء وغيرها من الحيوانات.