قد تختفي بلدة عمرها 12 ألف عام في منطقة الأناضول في جنوب شرق تركيا إلى الأبد، بسبب الخطط لبناء سد مثير للجدل.
وتُعد بلدة حصن كيفا موطنا لتراث أثري غني يمتد على مدار تسع حضارات، متضمنة الحضارات الرومانية والبيزنطية والعثمانية، وتقع على ضفاف نهر دجلة، وأعلنت باعتبارها عن محمية طبيعية في عام 1981، وكشفت عمليات التنقيب في المنطقة عن مستوطنة يعود تاريخها إلى عام 9500 قبل الميلاد.
لكن في وقت قريب، ربما العام المقبل، ستغرقها مياه خزان إليسو، الذي يقول المسؤولون الأتراك أنه سيوفر الكهرباء والري للأجزاء الفقيرة في المنطقة الكردية، ومن شأن بناء السد أن يؤدي لنزوح نحو 78000 من السكان المقيمين و 3000 من البدو الرحل في حصن كيفا وحولها، وإغراق ما يقرب من 200 قرية في المنطقة المحيطة، بالإضافة إلى نحو 400 موقع أثري، فضلا عن الآثار الدينية، من المساجد والكنائس في الكهوف إلى المقابر القديمة.
ومن أبرز المواقع الأثرية في المنطقة بقايا جسر دجلة القديم، وهو هيكل مدمر مكون من أربعة أقواس، وكان قوسه المركزي هو الأكبر في العالم، كما هناك مخاوف بشأن العديد من الأنواع البحرية المهددة بالانقراض، مثل سلحفاة رفش الکرخة، كما وعدت السلطات ببناء "حديقة ثقافية" بجوار البلدة القديمة في محاولة لنقل العديد من المعالم الأثرية في حصن كيفا، وهي عملية تتلقى العديد من الانتقادات منذ عام 2015 (عندما بدأت أول عملية نقل لقبر زنيل باي) بسبب افتقارها للشفافية، وهناك مخاوف بشأن تأثير عمليات النقل على الحفاظ على المعالم الأثرية.
وفي عام 2008 توقف العمل مؤقتا على المشروع، الذي يكلف 1,2 مليار يورو، بعد عدم استيفاء معايير البنك الدولي البيئية والتراثية للحصول على تمويل، ووضعت حصن كيفا في قائمة المراقبة العالمية للمعالم التذكارية، وهي تسلط الضوء على المواقع الأثرية الأكثر عرضة للتهديد في جميع أنحاء العالم، وتبع ذلك إدراجها في تصنيف "السبعة الأكثر تعرضا للخطر" لعام 2016.
وبينما يقُال إن حصن كيفا ووادي دجلة المحيط بها يوافقان تسعة معايير من أصل العشرة معايير المستخدمة للإدراج بتصنيف اليونسكو لمواقع التراث العالمي، كما أعلن المجلس الأعلى للآثار في البلاد في عام 1978 أن حصن كيفا "موقع أثري من الدرجة الأولى"، إلا إن عمليات البناء لا تزال مستمرة، ويقال أنه قد أنهي حوالي 97%من المشروع.
ومع استمرار المشروع المثير للجدل، تعرض السطور التالية بعض المدن والقرى الغارقة حول العالم.
1- كورون فينوستا في إيطاليا
هدمت هذه البلدة الجبلية في عام 1950 لإفساح الطريق لمحطة كهرومائية تتطلب دمج بحيرتين كبيرتين، والدليل الوحيد على وجودها هو برج جرس الكنيسة الذي يظهر فوق الماء، ويمكن زيارته في بعض الأحيان في فصل الشتاء عندما تتجمد البحيرة.
2- فيلا إبيكوين في الأرجنتين
كانت تقع إبيكوين في الأراضي الزراعية جنوب غرب بوينس آيرس، وكانت فيما مضى منتجع صغير على شاطئ البحيرات، حيث خدم 1500 شخص 20 ألف سائح كل موسم، وجاءت عاصفة مطيرة شديدة أدت إلى فيضان البحيرة عام 1985، ولمدة 25 عاما، ظلت البلدة غارقة تحت الماء ولكن في عام 2007 بعد عدة سنوات من الطقس الجاف، بدأت المياه في الانحسار.
3- فيلارينيو دا فورنا في البرتغال
غرقت هذه القرية البرتغالية، التى يبلغ عمرها 2000 عام، وتقع على ضفاف نهر هومن فى شمالي البرتغال، نتيجة لبناء خزان انتهى بناؤه في أوائل السبعينيات.
4- بوتوسي في فنزويلا
على مدى عقود، كانت العلامة الوحيدة على مدينة بوتوسي هي سلم كنيسة يظهر فوق بحيرة، ولكن العام الماضي، بدأت المدينة التي تقع على حافة شرق أميركا الجنوبية في الظهور مرة أخرى بوصة بعد بوصة.
5- جامانا في رومانيا
عندما اُكتشف النحاس في التلال فوق قرية جامانا في السبعينيات، غالبا لم يتوقع سكانها أن هذا سيؤدي لتدمير واديهم الجميل، ولكن مع احتياج المهندسين إلى مكان لتفريغ المياه الناتجة عن منجم النحاس الجديد، أمر الدكتاتور نيكولاي شاوشيسكو بإعادة توطين 400 عائلة من جامانا وغرقت القرية.
6- بورت رويال في جامايكا
كانت قرية صيد الأسماك التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى عام 1518، مركز الشحن والتجارة في العالم الجديد، وقاعدة بحرية بريطانية رئيسية في القرن السابع عشر، وكانت أكبر مدينة في منطقة البحر الكاريبي قبل أن يدمرها زلزال كارثي مصحوبا بموجة تسونامي عام 1692، تلاها موجة لاحقة من الأعاصير خلال القرن العشرين.
7- شي تشنغ في الصين
بحيرة كيانداو، وهي مساحة شاسعة من المياه الياقوتية الزرقاء، تفتخر بأكثر من 1000 جزيرة من الغابات، لكنها لم تكن دائما كذلك، إذ تشكلت البحيرة عام 1959، عندما غُمر الوادي لإنشاء خزان ومحطة توليد الطاقة الكهرومائية، وعندما تدفق الماء، أغرق أيضا شي تشنغ، وهي مستوطنة عمرها 1400 عام يعتقد أنها بحجم 60 ملعبا لكرة القدم.
8- كيكوفا في تركيا
قبالة ساحل مدينة أنطاليا التركية تقع جزيرة صغيرة غير مأهولة، وهي جزيرة كيكوفا التي تشتهر بالجمال والهدوء، ولكن ربما أكثر ما يُعرف بالجزيرة هو بقايا المدينة القديمة الغارقة التي يمكن رؤيتها تحت الأمواج، هذه هي أطلال مدينة سيمينا، التي دمرها الزلازل في القرن الثاني.
9- بافلوبيتري في اليونان
اكتشفها الدكتور نيكولاس فليمينغ عام 1967، وهي أقدم مستوطنة مغمورة في العالم، إذ تأسست قبل 5000 سنة قبالة لاكونيا في بيلوبونيز، وهي فريدة من نوعها إذ يوجد شبكة كاملة من الشوارع والمباني والمقابر على عمق 10 إلى 12 قدم تحت الماء، ويسمح بالغطس.
10- قصر كليوباترا في مصر
ظلت الأحياء الملكية الخاصة بكليوباترا سرا حتى عام 1968 حين وجد الغواصون أنهها تقع الأنقاض، وكشفت الاستطلاعات عن 2500 قطعة من الحجارة، بما في ذلك الأعمدة والتماثيل وكتلة محفور عليها مخطط فرعون، وقد أطاح بها الزلزال، وبعد تحديد مكان الأنقاض، أزيلت بعض القطع الأثرية ولكن لا يزال يوجد العديد منها، تقع بعمق 15-25 قدم، ويمكن الغطس ولكن الرؤية سيئة.