تعد غرينلاند أكبر جزيرة في العالم، فهي واحدة من الأماكن الأكثر قسوة وجمالًا، حيث يغطي الجليد أكثر من 80 في المائة من أرضها مما يحجب الأشجار والنباتات والحشائش التي تغطي بضع بوصات من الأرض، ويزخر هذا المكان بحياة برية متواضعة، مثل الدببة القطبية، وبعض الثعالب القطبية والأرانب البرية كما أن هناك الحيتان والفقمة، إلا أن السماء تكاد تكون فارغة من الطيور ما عدا النورس.
وعلى الرغم من هذا المناخ العدائي والتضاريس الصعبة، تدعم غرينلاند المجتمعات المحلية على طول شواطئها، فالمناخ ألطف في الغرب الذي يستضيف المدن الرئيسية من نوك وإيلوليسات، والتي لها نكهة الشمال بسبب انتماء غرينلاند منذ فترة طويلة إلى الدنمارك، وفي المقابل يعتبر الشرق وعر قليلًا للسكان الغير أصليين، إذ أن هناك قيم وتقاليد المجتمع القوية للصيد وصيد الأسماك واستخدام الكلاب للنقل في فصل الشتاء. ولكن بالنسبة إلى المسافرين، هذه منطقة يصعب الوصول إليها.
ويذهب معظم الزوار إلى غرينلاند في الغرب واستكشاف الساحل على متن سفينة سياحية صغيرة، ونادرًا ما يحلقون حول الشرق، ولكن هناك طريقة جديدة لرؤية هذا الجانب الغامض والسحري، وذلك من خلال اكتشاف العالم مع المشغل الأميركي الطبيعي للمغامرات، الذي هو شريكًا للصندوق العالمي للحياة البرية، الموجود قرب قاعدة كامب غرينلاند، وهي مجموعة شبه دائمة من الكبائن القماش المريحة على شواطئ خليج صغير قبالة مضيق سيرميليك "Sermilik" المثير.
وقد تم عزل المنطقة بالكامل تقريبًا، باستثناء قرية محلية صغيرة، وهناك الكثير هنا لتراه، بدءً من ريكيافيك، أيسلندا، ثم رحلة لمدة ساعتين إلى كولوسوك، وهي بلدة صغيرة مع مدرج من الحصى بني من قبل الجيش الأميركي، أما اليوم يُستخدم المطار غالبًا لجلب الإمدادات في المنطقة، وتستغرق الرحلة 15 دقيقة في طائرة هليكوبتر قديمة إلى بلدة تاسيلاك "Tasiilaq"، فمعظم المستوطنات في غرينلاند لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق طائرة هليكوبتر أو قارب أو عن طريق فرق الكلاب وعربات الثلوج في فصل الشتاء.
ويواجه تاسيلاك مضيق الملك أوسكار، وهي أكبر مدينة على هذا الجانب من الجزيرة، وتحوي مجموعة من بضع مئات من المنازل الملونة بالزنجفر الأحمر، والغابات الخضراء والصفراء، إضافة إلى جلود الدب القطبي المعلقة على خطوط الغسيل والكلاب، وتوجد بعض المتاجر في البلدة لبيع الترامبولين، حيث يبدو أن كل بيت لديه واحدًا، حيث يرتد الأطفال صعودًا وهبوطًا طوال اليوم (ليلًا ونهارًا، لأن الشمس بالكاد في الصيف عالية).
وبالتوجه إلى البحر بالقوارب في مضيق أماساليك "Ammassalik"، نجد أن الممر المائي ضيق وهادئ، ولكن قد تصطدم ببعض الدراما مثل حوت يضرب بزعانفه في الماء، ثاني أكبر أنواع الحيتان في العالم، والفولمار الموجود أعلاه، وبعد ذلك يمكنك مشاهدة مخيم الموائل الطبيعية المثيرة للإعجاب عند سفح قمم الغرانيت، مع الجبال الجليدية العائمة في الخليج.
ويمكنك الإقامة داخل كابينة قماش على أعلى درجة من الراحة، مع فراش سليم، فرشات سميكة وزجاجات الماء الساخن، موقد الاحتباس الحراري، دورات المياه الداخلية وشرفات خاصة، والاستحمام في حوض ساخن ممتاز وغرف تغيير الملابس الدافئة في منطقة الخيام المنفصلة، وكذلك مكتبة وبار وكراسي جلد، وتقدم قاعة الطعام الأكل الجيد، بما في ذلك الحساء الساخن مع الخبز محلي الصنع الدافئ من الفرن، ومزاليج محلية من شار في القطب الشمالي، وفطيرة التوت.
تمكنك أيام الصيف الجميلة والطويلة، من الذهاب في رحلات إلى البرج، والاختلاط مع الارتفاع اللطيف والنزهات اللذيذة لمشاهدة الحيتان وباقي الكائنات البحرية، وعلى بعد 70 ميلًا على طول المدخل لمضيق يوهان بيترسون ترى ثلاثة أنهار جليدية لمياه المد الهائلة بحيث أن حركتهم يمكن أن تسبب الزلازل، ولأنها رقيقة من الخارج عليك ألا تسير عليها وإلا تعرضت إلى السقوط والموت متجمدًا. ولكن الأنهار الجليدية هي أيضًا واحدة من أبرز مظاهر تغير المناخ، فهي تتراجع بسرعة حتى أن السكان المحليين يشعرون بالقلق.
وبالسفر إلى عمق الشمال في مضيق سيرميليك، سترى في هذه الرحلة الحوت الأحدب بالقرب من جبل الجليد، تقفز من شدة الفرح، وربما عليك أن تكتشف المستعمرة المهجورة، حيث المنازل الدائرية المبنية جزئيًا من الحجر، والجزء الآخر من الغطاء النباتي، مع فتحة صغيرة للدخول. ما يصل إلى 30 أو 40 أفراد من الأسرة قد عاشوا في هذه المنازل الضيقة، وربما كان آخرها في الستينات.